هذا التساؤل، وإن كان بديهيًا في ظل استمرار الحرب لقرابة الـ 9 أشهر، إلا أن الإجابة عليه ربما تكون صعبة، لا سيما وأنه قرار لا تملكه سوى إسرائيل، والتي لم تحقق بعد أي من أهدافها، لا سيما على صعيد تحرير الأسرى.
وفيما يرى البعض أن وقف الحرب لا يزال بعيدًا، لا سيما في ظل التدخل الأمريكي الباهت وغير الجدي، يعتقد البعض الآخر أن هناك إمكانية لعقد هدنة مؤقتة في وقت قريب، مع تزايد الضغوط الإنسانية، وتوسع جبهة لبنان.
ضغوط متواصلة
اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، فادي أبوبكر، أن الوساطات الإقليمية، خاصة من قبل مصر وقطر، عادت الفترة الأخيرة لتعلب دوراً محورياً في محاولة التوصل إلى هدنة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، إضافة إلى ذلك، فإن الضغط الدولي المتزايد نحو وقف إطلاق النار، وما تواجه الحكومة الإسرائيلية من ضغوط أمنية وسياسية، إلى جانب قدرة الفصائل الفلسطينية على الصمود حتى اليوم والاستمرار في المقاومة، كلها تشكل عوامل إيجابية قد تدفع باتجاه وقف الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويرى أن الانتخابات الأمريكية أيضاً تلعب دوراً رئيسياً في تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الحرب في غزة، حيث تسعى الإدارة الحالية لتحقيق استقرار يخدم مصالحها الانتخابية، في الوقت نفسه، التوترات على الجبهة الشمالية في جنوب لبنان تضيف ضغطاً إضافياً على إسرائيل قد يدفعها إلى السعي لتهدئة الأوضاع في غزة لتجنب فتح جبهتين في وقت واحد.
ويعتقد أبو بكر أن هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى تحركات دبلوماسية مكثفة لتحقيق وقف إطلاق نار أو حل مؤقت للحرب في غزة، ويمكن التوقع بوقف إطلاق نار مؤقت قريباً بسبب الضغوط الدولية والإنسانية، لكن الوصول إلى حل طويل الأمد يتطلب توافقاً إقليمياً ودولياً أوسع لحل جذور الصراع وفتح مسار سياسي جدي يضمن حل منصف للقضية الفلسطينية والحقوق غير القابلة للتصرّف.
قناعة إسرائيلية
في السياق، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، إن لا أحد يمكنه التنبأ بموعد انتهاء الحرب في قطاع غزة، لا سيما وأن إسرائيل لم تحقق حتى الآن أهدافها، على الرغم من تصريحات نتنياهو بشأن الانتصار، لكن لا يزال هناك الكثير من الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أمريكا إلى الآن لم تمارس ضغطا حقيقيا على إسرائيل لوقف عملياته العسكرية في قطاع غزة، وكل ما يُسمع بين الفينة والأخرى هي محاولات خجولة من البيت الأبيت لكبح جماح إسرائيل، ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني، لكن حتى هذه اللحظة لا رؤية حول وقف الحرب.
ويرى الرقب أن وقف الحرب تكون بشكل طبيعي عند انتهاء العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة، وهذا لن يحدث إلا عندما يكون هناك قناعة لدى الاحتلال بأن كل ما يفعله في غزة لن يجدي نفعًا، مؤكدًا أن الحرب لن تنتهي إلا بحل سياسي.
وأكد أن انتهاء الحرب تتوقف على وصول هذه القناعة لدى إسرائيل بأن كل ما تفعله لن يجلب لها الأمن والأمان بل المزيد من العنف والكراهية، معتبرًا أن هذه الطريقة الوحيدة لوقف الحرب.
وكان رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، قد صرح بأن الجيش الإسرائيلي يحقق "إنجازات كبيرة جدا" في القتال في مدينة رفح.
وقال هاليفي، خلال تقييمه للوضع في منطقة رفح بقطاع غزة مع قائد القيادة الجنوبية، وقائد الفرقة 162، إنه "تسنى تقريبا تفكيك كتيبة حركة حماس في رفح"، بعد أسابيع من القتال في المدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة.
وأضاف: "من الواضح أننا نقترب من المرحلة التي يمكننا فيها القول إننا فككنا كتيبة حماس في رفح"، متابعا: "هزيمتها لا تعني أنه لم يعد يوجد إرهابيون، لكن أنها لم تعد قادرة على العمل كوحدة قتالية".
وقال نتنياهو، في كلمة له أمام الكنيست، إن "الحكومة ليست مستعدة للتنازل عن أي شيء أقل من النصر الكامل على حماس"، مؤكدا أن إسرائيل تخوض حربا متعددة الجبهات.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة، حتى الآن، عن سقوط نحو 38 ألف قتيل وأكثر من 86 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال أكثر من 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل في أنحاء القطاع.
وتعاني جميع مناطق قطاع غزة أزمة كبيرة في المياه والغذاء، جراء تدمير الجيش الإسرائيلي للبنى التحتية وخطوط ومحطات تحلية المياه، فيما حذرت الأمم المتحدة من تداعيات أزمة الجوع التي يتخبط فيها سكان غزة مع استمرار الحرب بين حركة حماس وإسرائيل.
ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أحكم الجيش الإسرائيلي حصاره على قطاع غزة، وقطع إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون فلسطيني، الذين يعانون بالأساس أوضاعا متدهورة للغاية.