هل تسهم جهود الجامعة العربية في إيجاد حل حقيقي للأزمة الليبية؟

جامعة الدول العربية
لقاءات عربية جمعت رئيس جامعة الدول العربية، محمد أبو الغيط، برئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، في القاهرة، كان الهدف الرئيسي منها مساهمة الجامعة العربية في إيجاد حل ليبي ينهي الخلافات في البلاد، على أن يكون هذا الحل هو الطريق لإنهاء حالة الجمود السياسي، التي استمرت لسنوات.
Sputnik
محاولات للبقاء
يرى المحلل السياسي الليبي، حسام الدين العبدلي، أن "الجامعة العربية كان لها دور في اجتماع ثلاثي عقد بالقاهرة بين رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي".
وتابع في تصريحات لـ"سبوتنيك" أنه "بات الجميع في انتظار عقد لقاء ثان بالقاهرة، لكن تغيّر المكان إلى الرباط، وهناك تسريبات تفيد بأن لقاء الرباط تم الغاؤه، وأن محمد تكالة لديه مبادرة أخرى".
وتابع العبدلي: "السؤال المطروح هو لماذا توجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إلى مصر، خاصة وأن حضوره في اجتماع الجامعة العربية يتمحور حول ملف الهجرة، وكان حضوره بصفة ضيف فقط، وحاول الدبيبة من خلاله استغلال هذه المناشط الدولية في إيصال فكرة للعالم، من خلال مقابلته لعديد الشخصيات الرسمية، منها رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، في محاولة منه لتقريب وجهات النظر لكي يضمن مقعده على طاولة أي حوار قادم".

وزعم العبدلي أن "وصول الدبيبة إلى القاهرة لم يكن من أجل الهجرة، لأن الواقع يقول إن مصالحه هي محاولات استمالة رئيس الجامعة العربية ورئيس الحكومة المصرية، في محاولات منه لعقد صفقات غير رسمية، يرغب من خلالها ضمان بقاء اسمه في أي حكومة قادمة، مع استعداده لتغيير كافة الحقائب الوزارية".

الدبيبة وأبو الغيط يبحثان جهود إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ليبيا
واعتبر المحلل السياسي الليبي أن "جامعة الدول العربية لا تمتلك أدوات الضغط اللازمة على الأطراف السياسية في ليبيا، وأن ما صدر منها هو بيانات لم ترق لأن تصل لطاولة المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن".
وواصل أن "تغيير مكان الاجتماع الثلاثي من القاهرة إلى الرباط، يدل على أن الأطراف الداعمة لمحمد تكالة لا تريد لقاء القاهرة لعدة أسباب، لأن لقاء المغرب قد يمهّد للقاءات أخرى ضاغطة على عقيلة صالح، أو إجراء تعديلات على القوانين أو لجنة "6+6" أو توافق على تشكيل حكومة جديدة، وهذه الأسباب جعلت موقف الجامعة العربية غير مؤثر، رغم محاولات أمينها، محمد أبو الغيط، جمع الأطراف الليبية للخروج بنتائج تنهي حالة الجمود السياسي في ليبيا".
وأردف: "ربما سيحاول عقيلة صالح إجراء بعض التعديلات على قوانين بوزنيقة، أو قوانين لجنة "6+6"، أو يوافق محمد تكالة على تشكيل حكومة جديدة، ولن يوافق تكالة على ذلك إلا بعد موافقة عقيلة صالح على تعديلات قوانين لجنة "6+6".

وأكد حسام الدين العبدلي أن "كل الأطراف متشبثة بالبقاء، وعقيلة صالح لن يوافق على أي تعديلات بخصوص القوانين، وتكالة يرفض الحديث عن أي حكومة جديدة إلا بعد تعديل مخرجات "6+6"، مشددا على أن "أي تعديل في هذه المخرجات قد يؤدي إلى نسفها بالكامل لأنها ثابتة وملزمة بحسب المادة (13) للاتفاق".

واعتبر أن "جامعة الدولة العربية تحاول إنقاذ الشعب الليبي من هذا الوضع، ولكنها غير قادرة على الضغط على الأطراف السياسية، مع غياب أي دعم أو موافقة أو ترحيب من البعثة الأممية لأي اتفاق برعاية الجامعة العربية، لأن البعثة تقع تحت سيطرة دول أخرى، منها أمريكا التي لن ترضى بأي اتفاق خارج إطارها".
وعلّل المحلل السياسي الليبي ذلك بأن "الوضع الليبي شائك ومتداخلة فيه عدة أطراف دولية، ويجب أن يكون لرئيس الجامعة العربية لقاءات مع المبعوث الأممي والأمين العام للأمم المتحدة، والسفراء الأمريكي والبريطاني وغيرهم، مع ضرورة التواصل مع دولة روسيا الاتحادية، لأنها دولة فاعلة في الشأن الليبي".
أبو الغيط للمنفي: الجامعة العربية مستعدة لدعم ليبيا في كل مسعى مخلص لتوحيد كلمة الليبيين
غياب الحلول
فيما يرى المحلل السياسي والأكاديمي الليبي، إلياس الباروني، أنه "منذ نشأة الجامعة لم تستطع إيجاد حل في القضايا العربية، ناهيك عن القضية الفلسطينية، والحروب التي تشتعل هنا وهناك".

واعتبر الباروني في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "لقاء الدبيبة مع أبو الغيط لن يأتي بجديد، وإنما يحاول الدبيبة إقناع الجامعة العربية بأنه لا يمكن تغيير حكومته، ويسعى لأن تساند الجامعة العربية لبقاء حكومته للإشراف على الانتخابات".

وأضاف بحسب رأيه: "لن يرجى أي دور من الجامعة العربية أي دور في حل الأزمة الليبية، لأنها معقدة وتعاني من صراعات دولية وإقليمية مع صراع بعض الأطراف على بسط النفوذ في ليبيا".
ويعتقد الباروني أن "الجامعة العربية من الممكن أن تساهم في القلق والاستنكار وتصريحات تدعّي بأنها تدعم الحلول الليبية، ولكنها في الحقيقة لم تقدم جهدا ملموسا في الأزمات العربية، لا سيما القضية الليبية".
وتشهد ليبيا أزمة سياسية متصاعدة في ظل وجود حكومتين في البلاد، واحدة شرقي البلاد مكلفة من البرلمان، وأخرى في الغرب وهي منبثقة عن اتفاقات سياسية رعتها الأمم المتحدة، إذ ترفض الحكومة في طرابلس غربي البلاد، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة إلا عبر انتخابات.
وكان من المقرر أن تُجرى أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا، في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، لكن خلافات سياسية بين مختلف أطراف الأزمة الليبية، فضلا عن خلافات حول قانون الانتخابات، حالت دون إجرائها.
مناقشة