وتباينت آراء الخبراء بشأن الحديث عن "إفلاس ليبيا"، إذ يرى خبراء أن احتياطيات الدولة ومواردها (رغم سوء إدارتها) يستبعد معها عملية الإفلاس، فيما يرى وزير الاقتصاد السابق سلامة الغويل، إن استمرار الوضع دون تغيير الحكومة والآليات والخطط يقود نحو الإفلاس، حتى وإن تأجل الأمر، وذلك نتيجة استنزاف الموارد.
وفي فبراير/شباط 2024، انتقد محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، زيادة الإنفاق الحكومي الذي وصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 420 مليار دينار.
ما حقيقة تعرض ليبيا للإفلاس
يقول الدكتور سليمان الشحومي، الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن الحديث عن تعرض ليبيا للإفلاس، غير منطقي، خاصة أنها لديها احتياطيات تقدر بنحو80 مليار دولار، وأصول سائلة وشبه سائلة، بالإضافة لأصول للمؤسسة الليبية للاستثمار التي لديها أصول تزيد على 60 مليار دولار، تعد ضمن احتياطيات الدولة الليبية.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الديون الخارجية لليبيا صفر، ما يجعل الحديث عن الإفلاس في غير موضعه، فضلا عن أن تأثير الدين الداخلي الذي يبلغ نحو نحو 50 مليار دولار لا يمثل أزمة كبيرة.
فيما يقول وزير الشؤون الاقتصادية بحكومة الوحدة الوطنية السابق سلامة الغويل، إنه في حال بقاء الوضع على ما هو عليه الآن دون تنويع الاقتصاد والتنمية والموارد وخلق بيئة آمنة، فإن البلاد مهددة بالإفلاس، نتيجة استنزاف الموارد.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن تأخر الخطوة "الإفلاس" لا يعني عم وقوعها، خاصة في ظل تمسك الحكومة بنفس السياسة التي تدفع نحو الإفلاس، في ظل الفساد وعدم الشفافية، وعدم وجود بيئة آمنة لرؤوس الأموال الأجنبية.
عشوائية القرارات
ويرى الغويل أن العشوائية ونظام المغالبة، والانقسام يدفع بشكل كبير نحو تأزم الأوضاع على كافة المستويات.
وشدد على ضرورة وجود حكومة تعيد صياغة الرؤى والخطط داخليا وخارجيا، بما يعزز الاقتصاد وتنوعه ويحول دون السير نحو الإفلاس.
فيما يقول الباحث في الشأن الليبي الدكتور محمد درميش، إنه رغم كافة المؤشرات السلبية، يصعب معها توقعات الإفلاس.
موارد هامة
يضيف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن ليبيا لاتعاني الشح في الموارد، حيث تمتلك موارد مالية ضخمة، وأرصدة واستثمارات منها (مؤسسة استثمار بقيمة 70 مليار دولار، استثمارات البنك المركزي، مساهمات الدولة في عدة موسسات، أرصدة بالعملة الصعبة أكثر من 80 مليار مليار.. إضافة لمؤسسات أخرى)، بالإضافة لموارد طبيعية أخرى غير مستغلة.
وأوضح أن العديد من المؤشرات الاقتصادية "السلبية" ترتبت على عدد من القرارات غير المدروسة، منها تخفيض قيمه الدينار دون دراسة التداعيات التي نتئج عنها التضخم في أرقام الميزانية العامة، وكثرة الطلب على الوظائف في القطاع العام، نظرا لخروج وحدات العمل الصغيرة والمتوسطة عن العمل، وفقدان أعداد كبيرة من فرص العمل بعد خروج هذه الوحدات، مما كبل كاهل الخزينة العامة لدفع مرتبات أكثر تزداد كل شهر بالأضعاف.
جوانب وقتية أخرى يشير إليها الباحث تمثلت في الانقسام المؤسساتي، وعدم الاستقرار في إدارة الدولة، مما أثر على كفاءة الآداء الحكومي والمتابعة.
تفادي العواقب الاقتصادية
ويرى درميش أن هناك إمكانية لتفادي العواقب السلبية وتدهور الوضع الاقتصادي من خلال بعض الخطوات التي يجب أن تقوم بها الحكومة.
وهي القضاء على الاحتكار وإدماج الاقتصاد الوطني مع الاقتصاد العالمي، بأسلوب علمي منظم وفق معايير واضحة ومحددة ومدروسة مع العمل على توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة، وكذلك الابتعاد عن سياسة الانكماش وفرض الضرائب وفتح أفق جديدة لتنوع مصادر الدخل القومي، والاهتمام بالقطاع الخاص، والعمل على فتح وتفعيل سوق الأوراق المالية وفق المعايير الدولية، على ان يكون تحت سلطة البنك المركزي.
كذلك إلغاء القرارات العشوائية التي تخدم مصالح أصدقاء الحكومة والسماسرة والمسئولين وسحب كل القرارات المتعلقة بفرض الضرائب والإبقاء على التعريفية الجمركية المعمول بها في قانون الجمارك، وإعادة هيكلة القطاع العام وهيكلة العمالة وفق أصول الإدارة والتنظيم.
ولفت إلى ضرورة المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وفق المعايير الدولية ومقومات الدولة الليبية، وتطوير القطاع المصرفي العام والخاص، بما يواكب الحداثة والمرحلة الراهنة، وكذلك السماح للمصارف العالمية ذات المركز المالي القوي وذات السمعة الحسنة بالعمل في البيئة الليبية، وتخفيف القيود على العمل المصرفي مع بقاء دور البنك المركزي الرقابي.