ويختتم، اليوم السبت، وزير الشؤون الخارجية التونسي، نبيل عمار، زيارة عمل رسمية إلى البرازيل، انطلقت يوم الخميس الماضي، بدعوة من نظيره البرازيلي، ماورو فييرا، في خطوة يرى مراقبون أنها ستكون "بنّاءة" بالنسبة إلى الدولة التونسية من حيث الجانب الاقتصادي.
وبحسب بيان أصدرته وزارة الخارجية التونسية، وحصلت "سبوتنيك" على نسخة منه، فقد استعرض اللقاء جملة من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، لا سيما المتعلقة بالجانب الاقتصادي. إذ أكد وزير الشؤون الخارجية التونسي، خلال اللقاء أن تنظيم هذه التظاهرة يعكس حرص الفاعلين الاقتصاديين في تونس والبرازيل على "خلق فرص شراكة جديدة في مجالات حيوية على غرار الطاقة والصناعات الغذائيّة من أجل الارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي والمبادلات التجاريّة إلى أعلى المستويات".
وأكد عمار أن تونس قد شرعت بالفعل في الاتجاه نحو السوق البرازيلية من خلال فتح مكتب تجاري وقنصلي في ساوباولو تابع لسفارة تونس في البرازيل وهي التمثليّة التجارية الأولى لتونس في أمريكا الجنوبية، حيث ستوكل لها مهمة تدعيم المبادلات التجارية بين البلدين، وإسناد المؤسسات الاقتصادية المصدّرة في اتجاه السوق البرازيلية.
خطوة مهمة لتعزيز الاقتصاد
وأفاد الخبير الاقتصادي، محمد صالح الجنايدي، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "زيارة وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار، إلى البرازيل هي خطوة هامة بالنسبة إلى تونس التي تتطلع إلى تنويع علاقاتها وشركائها الاقتصاديين".
وتابع الجنايدي: "هذه الزيارة تعد خطوة هامة وإيجابية نحو تعزيز الاقتصاد التونسي، الذي يعيش الهزة تلوى الأخرى منذ أعوام".
وأشار إلى أن "تونس تسعى منذ مدة إلى البحث عن شركاء فاعلين في الشأن الاقتصادي، وهو مجهود يستوجب قبل كل شيء وضع قوانين متلائمة مع هذه الدول"، على حد قوله.
وأضاف: "تونس لديها مشروع اقتصادي يتطلب إمكانيات اقتصادية خاصة على صعيد تحسين الصناعة والخدمات والترفيع في الإنتاج، وهذا ما ستسعى تونس إلى الاستفادة منه خلال زيارتها إلى البرازيل".
وأشار الجنايدي إلى أن "معدل الإنتاج لدى الدولة التونسية يشهد تقلصا في العديد من القطاعات، إذ بلغت نسبة النمو 0.2%"، لافتا إلى أن "هذه الإشكاليات تتطلب شركاء جدد، من أجل خلق مناخ استثمار في مختلف المجالات، التي تخلّى عنها الشركاء التقليديين".
وتابع: "على الدولة التونسية أن تعلن عن نوعية المشاريع لأن هناك غموض في التوجه، وكان على الدولة التونسية أن تعلن عن نوعية المشاريع التي تبحث عنها مع الشركاء الجدد".
ووفق "الخارجية التونسية"، فقد تم إرساء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1956 والتوقيع عام 1990 في العاصمة برازيليا على الاتفاق المُنشئ للجنة المشتركة التونسية – البرازيلية، التي عُقدت دورتها الثالثة بالمدينة في 27 و28 من نيسان/ أبريل 2017.
الانفتاح على الأقطاب الصناعية
ومن جانبه، يرى الناشط السياسي، نبيل الرابحي، أن "الدولة التونسية وبعد أحداث 25 يوليو/ تموز 2021، اتخذت قرارا سياديا، هو الانفتاح على المجموعات الاقتصادية في العالم".
وأوضح الرابحي لـ"سبوتنيك" بأن "إملاءات صندوق النقد الدولي كانت مجحفة بالنسبة إلى الدولة التونسية، التي وجدت نفسها مجبرة على قطع التعامل المؤقت مع الصندوق، والانفتاح على مجموعات وتكتلات اقتصادية جديدة من أجل إقراضها".
ويعتبر نبيل الرابحي أن "زيارة وزير الخارجية التونسي إلى البرازيل ستمثّل فرصة لتبادل الخبرات في عدة مجالات، وأهمها الخبرات الاقتصادية"، مشيرا إلى أن "البرازيل هي أول منتج للأعلاف في العالم"، موضحا: "تونس الآن تعيش أزمة في توفير الأعلاف للمزارعين، كما ستكون الزيارة فرصة لتبادل الخبرات في عدة مجالات وأهمها الخبرات الزراعية".
كما بيّن الناشط السياسي أن "الأسواق التقليدية و"المكوث في وضعية شبه المستعمرات انتهى، وحان الوقت لتوسع تونس سياستها نحو الشرق".
غموض يرافق التوجه نحو الشرق
وفي تصريحات لـ"سبوتنيك"، اعتبر الدبلوماسي التونسي السابق، عبد الله العبيدي، أن "تونس تسير بخطى غير واضحة نحو الشرق، بحثا عن حل يخدم مصالحها، في ظل الأزمة التي تمر بها في جميع المجالات اقتصاديا واجتماعيا وماليا، خاصة في ظل تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي".
وتابع أن "توجه تونس نحو الشرق فيه العديد من الغموض، وتونس مطالبة بتقديم توضيح حول نوعية المبادرات التي تنوي العمل عليه مع دول الشرق".
وأكد العبيدي أن "تونس ليست لديها سياسة خارجية واضحة، باعتبار أن الجبهة الداخلية متشتتة"، موضحا أنه "لا يمكن إقامة سياسة بلد في ظل تشتت المشهد السياسي".
ويرى الدبلوماسي السابق أنه "لا يعتقد أن دولة بحجم تونس هي من تحدد مسارها بمفردها"، مضيفا أن "كل ما في الأمر أن تونس ومن خلال الزيارات الأخيرة إلى الصين والبرازيل، بصدد الاستكشاف والتعرف إلى التكتلات التي يمكن أن تنضم إليها".