راديو

كيف تأثر الدولار بالعقوبات الأمريكية ضد روسيا؟

قالت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، إن العقوبات ضد روسيا أدت إلى أن يصبح الدولار أقل جاذبية كعملة عالمية، مشيرةً إلى أن "الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها أمريكا وحلفاؤها ضد روسيا، أحرجت الدول الكبرى التي تمتلك احتياطيات مالية وأثارت قلقها".
Sputnik
وأقرّت الوزيرة الأمريكية في تصريحات صحفية، بأن "الجنوب العالمي لا يستطيع التخلي تماما عن استخدام الدولار، إلا أن معظم دوله لم تعد مستعدة للعمل به"، معتبرةً أن "السبب في ذلك، إلى حد ما، هو السياسة التي تتبعها مجموعة بريكس لإضعاف العملة الأمريكية".
وأشارت مصادر إعلامية إلى أن "قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتجميد جزء من احتياطيات النقد الأجنبي الروسي، كان بمثابة تجاوز الخط الأحمر بالنسبة للعديد من كبار المستثمرين".
وفي حديثه لـ"سبوتنيك"، قال مدير مركز معلومات ودراسات الطاقة، د. مصطفى البازركان، إن "العقوبات التي تتصاعد من الجانب الغربي والأمريكي خاصة تجاه روسيا، أدت إلى عزوف كثير من الدول عن التعامل بالدولار، إذ تخضع حسابات الدولار للعقوبات وللمراقبة الأمريكية، ولهذا شهدنا مؤخرا معاملات دولية بعملات أخرى بديلا عن الدولار، منها بالروبية واليوان والروبل، لأن الدولار أصبح تحت العقوبات"، مشيرا إلى أن "النفط لايزال مقوّما بالدولار، لكن هناك أيضا بعض التعاملات في مبيعات النفط تتم بعملات أخرى غير الدولار مع الصين والهند على سبيل المثال".
وأوضح رئيس المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، رشيد ساري، أن "الأمر بدأ منذ اجتماع روسيا والصين في فبراير/ شباط 2022، وكان من ضمن القرارات التي اتخذها الجانبان التخلي التدريجي عن الدولار واليورو، لأن الدولار عمّر طويلا، وأنهك كثير من الدول، وكانت الحصيلة على المستوى الاقتصادي للدول النامية كارثية جدا".
وتابع، مشيرًا إلى أن "الهدف منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية كان حربا مالية، لكن روسيا صمدت لاعتبارات عدة، منها أن اقتصادها مبني على مجموعة أسس قوية، وقد تمكن من تحدي الإجراءات ضده رغم عملية التجميد التي طالت الأصول الروسية، وكان هناك تدبير محكم من قبل موسكو".
وأكد ساري أن "روسيا نجحت في إدارة الأزمة من خلال ديناميكية في ربط مجموعة علاقاتها مع الدول حول العالم، وانعقدت في هذا السياق قمتان روسية - أفريقية، وروسية -عربية"، مشيرا إلى أن "من بين الأسباب الحقيقية التي جعلت الدولار يعاني هو توسيع تجمع "بريكس"، وانضمام مجموعة من الدول مثل مصر والسعودية والامارات وإيران، وهي دول ذات اقتصادات كبري والعلاقات الاقتصادية والتعاملات البينية معها كبيرة، وهناك دول في "بريكس" تحقق حاليا أكبر معدلات نمو في العالم مثل الهند، وهناك دول مثل مصر تنتظر حزم استثمارات هائلة، وكل هذا يؤشر إلى بداية عهد جديد للقطيعة مع عملة الدولار لأسباب سياسية".

وأكد الكاتب الاقتصادي، أحمد السالم، أن "الحديث كثر خلال السنوات الخمسة الماضية عن محاولة التخلي عن الدولار، خاصة في دول "بريكس"، التي تعتمد بشكل كبير على الدولار في احتياطياتها، ويدور الحديث عن اتجاه هذه الدول إلى التخلّي عن استثماراتها في السندات الأمريكية، والسبب الرئيسي لذلك هو لجوء واشنطن عندما تختلف مع الدول سياسيا إلى بتجميد أرصدة واستثمارات هذه الدول لدي أمريكا"، مشيرا إلى أن "معظم استثمارات الدول الغنية موضوعة في السندات الأمريكية".

وأشار الخبير إلى أن "ثلث الناتج المحالي العالمي يأتي من دول بريكس بلس، وأكثر استثماراتها موجودة في السندات الأمريكية، وعندما تريد أمريكا الضغط على هذه الدول تختلق روايات تبرر بها إيقاف احتياطات واستثمارات هذه الدول، وليس خافيا على أحد أن واشنطن عندما تقوم بهذا الأمر تضغط أيضا على أوروبا، التي لا تمتنع عن تنفيذ ما تريده واشنطن، ولهذا بدأت الكثير من دول العالم بالبحث عن مصادر أخرى، مما أدى إلى تراجع جاذبية السندات الأمريكية، وظهر هذا في اتجاه الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ولديها ما يفوق أكثر من 700 مليار دولار في السندات الأمريكية، إلى التخلي عن جزء من هذه السندات والتوجهة نحو زيادة احتياطاتها من الذهب".
إعداد وتقديم: جيهان لطفي
مناقشة