وكان مجلس الحرب على غزة (الكابينيت) برئاسة بنيامين نتنياهو، قد وافق على تمديد الخدمة الإلزامية للجنود الإسرائيليين إلى 36 شهرا للسنوات الثماني المقبلة.
ووافقت الحكومة الإسرائيلية، على تمديد مدة الخدمة الإلزامية، وهي خطوة قد تأجلت في وقت سابق بسبب نزاع حول هذه المسألة بين وزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وانتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد القرار، قائلا: "الحكومة تمدد الخدمة الإلزامية إلى 36 شهرا وفي الوقت ذاته تعفي عشرات الآلاف من المتشددين دينيا من الخدمة".
وتابع لابيد: "قرار الحكومة بشأن الخدمة النظامية سيجعل أي أمّ إسرائيلية تعرف أن قادتها يرسلون فقط أولئك الذين يناسبونهم سياسيا".
غضب الشارع
اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن "مد فترة الخدمة العسكرية يعود لعجز الحكومة الإسرائيلية عن تنفيذ قضية تجنيد الحريديم، الذين لا يخدمون في الجيش، مما يبقي قضية الجيش على كاهل من يخدمون الآن، وهو ما يثير ضجة كبيرة لدى المعارضة والشارع الإسرائيلي".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، هناك مطالب من المعارضة بهذا الصدد، ومن المرجح أن يتم التراجع عن هذا القرار في حال تغيرت حكومة نتنياهو، إضافة إلى أن سنّ قانون يفرض الخدمة العسكرية على الـ"حريديم" هدفه التخفيف من ثقل هذه الخدمة على من يخدمون في الوقت الراهن.
ويرى أن "القرار بائس ويدل على عجز الحكومة من اتخاذ قرار مسؤول وواضح"، مؤكدًا أن "استحقاقات وارتدادات القرار ستظهر لاحقا، وربما يسمع الجميع عن امتعاض كبير في الشارع الإسرائيلي بسبب هذه الخطوة، لا سيما الشباب والمجندين الجدد".
وأكد أن "القرار يطيل الخدمة العسكرية، بيد أن هناك من يريد البقاء أقل فترة في الخدمة، حيث يدركون تماما مخاطر هذا التواجد وتوابعها على المستقبل، ويشاهدون أقرانهم يسقطون في قطاع غزة وفي والحدود الشمالية مع لبنان"، مشيرًا إلى أن "القرار يثير ردود فعل غاضبة في الشارع الإسرائيلي ولدى المعارضة كذلك".
أزمة مستمرة
اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن "هناك أزمة كبرى في إسرائيل بسبب رفع مدة الخدمة الإلزامية إلى 3 سنوات، وهذا هو الوضع الذي كان مطبقا منذ سنوات بعيدة، لكن عن طريق التحايل، عبر البطاقة الدوارة، حيث يتم استدعاء المجند الذي ينهي خدمته التي دامت 32 شهرًا، لمدة 4 شهور إضافية لكن الآن بات الأمر رسميًا ودائمًا، وليس مؤقتًا".
وبحسب حديث أنور لـ"سبوتنيك"، "ما يحدث يدل على عمق الأزمة، وعجز الموارد البشرية في إسرائيل، حيث هناك عبء أكبر على بعض القطاعات في المجتمع الإسرائيلي، في مقابل قطاعات أخرى لا تقوم بخدمة الجيش مثل الحريديم، وهو الأمر الذي يثير غضب البعض، هناك سيدات يتعرضن للمخاطرة في الجيش بينما هناك رجال إسرائيليين ويهود لا يخدمون في الجيش".
ويرى أن "هذا القرار سيكون له تداعيات على الاقتصاد الإسرائيلي، المتضرر في الأساس، والذي يعاني من شلل بعد تعرضه لضربات موجعة على مدار 9 أشهر الماضية، مع انخفاض مستوى التصنيف الائتماني، وفرض المزيد من الضرائب وتراكم الكثير من الديون، مع شلل قطاع الزراعة والسياحة".
وأكد أن هذا "الأمر يعد مؤشرا على أن سياسات نتنياهو خاطئة، وكان الجيش الإسرائيلي محقا في حديثه عن ضرورة الانسحاب من محور فيلاديلفيا، والتعامل مع حركة حماس سياسيا وليس عسكريًا، وأن نتنياهو يسلك الآن الطريق الخاطئ، والذي سبق تجربته وفشل، كما طالب وزير الدفاع بتوفير الجنوب من أجل الاستمرار في الحرب والقتال".
ويعتقد أنور أن "هناك أزمة حقيقية كشفها تعديل قانون الاستدعاء في الجيش الإسرائيلي، وعلى مدار 8 سنوات قادمة، ما يعني أن الأزمة مستمرة وليست مؤقتة، كما أنها تفضح سياسات نتنياهو الذي يقود المنطقة إلى عدم الاستقرار، وليس مجرد مواجهة مع حماس كما يحاول تصوير الأمر لأنصاره".
وفي مطلع الشهر الجاري، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي عن "حاجة الجيش الإسرائيلي إلى 10 آلاف جندي إضافي على الفور"، مؤكدًا أنه "لا يعقل في هذا الواقع الذي فقدنا فيه أكثر من لواء كامل أن نعفي شرائح سكانية كاملة من الخدمة العسكرية".
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد أصدرت حكما، الشهر الماضي، يقضي بتجنيد اليهود المتشددين "الحريديم" في الجيش، وهو قرار من المرجح أن يحدث صدمة في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المعارض لتجنيدهم.
كما أمرت المحكمة بتجميد ميزانية المدارس الدينية، وقالت في قرارها إنه "لا يوجد أساس قانوني لمنع الحكومة تجنيد "الحريديم" في الجيش الإسرائيلي"، مشيرة إلى أنه في ذروة الحرب الصعبة التي تعيشها إسرائيل "أصبح عبء عدم المساواة حادا أكثر من أي وقت مضى"، في إشارة إلى السنوات التي تمتع بها "الحريديم" بالإعفاء من الخدمة العسكرية.
وتمكن اليهود المتشددون، ممن هم في سن الخدمة العسكرية، من تجنب التجنيد في الجيش الإسرائيلي لعقود من الزمن، من خلال الالتحاق بالمعاهد الدينية لدراسة التوراة والحصول على تأجيلات متكررة للخدمة لمدة عام واحد حتى بلوغهم سن الإعفاء العسكري.
لكن مع نهاية مارس/ آذار الماضي، انتهى سريان أمر أصدرته حكومة نتنياهو بتأجيل تطبيق التجنيد الإلزامي لـ"الحريديم".
ويلزم القانون الإسرائيلي كل من هو فوق 18 عاما بالخدمة العسكرية، ولطالما أثار استثناء "الحريديم" من الخدمة جدلا طوال العقود الماضية، لكن تخلفهم عن الخدمة العسكرية بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة وخسائر الجيش الإسرائيلي، زاد من حدة الجدل، إذ تطالب أحزاب علمانية المتشددين بالمشاركة في تحمل أعباء الحرب.