حول الأوضاع الراهنة في السودان ومصير المبادرات والمؤتمرات وعمليات التفاوض والجهود الدولية.. أجرت وكالة "سبوتنيك" المقابلة التالية مع الدكتور سامي سليمان حسن طاهر، مدير المركز الألماني السوداني للسلام والتنمية بمدينة ميونخ، الداعي للمؤتمر التشاوري للقوى السودانية من أجل تشكيل الجبهة المدنية العريضة لمناهضة الحرب في السودان.
إلى نص المقابلة..
بداية.. رغم تزاحم المبادرات والمؤتمرات خلال الأشهر الماضية إلا أن الحرب لم تتوقف فلماذا قررتم عقد مؤتمركم "التشاوري" في ميونخ؟
المؤتمر التشاوري المقرر عقده في 12 أغسطس/ آب القادم في مدينة ميونخ الألمانية يجمع لأول مرة كل طوائف وفصائل الشعب السوداني، ما بين أحزاب سياسية وقوى مدنية وطرق صوفية وإدارة أهلية وغيرها من المكونات، بهدف تكوين جبهة مدنية عريضة تسع الجميع بدون إقصاء أو تهميش لأي مكون، والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية لأهلنا المتضررين، فبعد أن كان السودان سلة غذاء العالم أصبح اليوم يعاني من مجاعة شديدة بكل أسف، علاوة على القتل والتهجير.
ماذا تعني بأن المؤتمر سوف يضم كل أطياف الشعب السوداني..هل سيشارك الجميع بما فيهم طرفي الحرب وحزب المؤتمر الوطني؟
المؤتمر التشاوري سوف يضم كل أطياف الشعب السوداني كما ذكرنا ما عدا طرفي الحرب وحواضنهم والحركات المسلحة، أي أن كل من يحمل السلاح ليس له مكان في المؤتمر، والجميع يعلم أن المؤتمر الوطني وغيره من الحركات المسلحة يمثلون الحواضن السياسية لطرفي الصراع.
قلتم أن المؤتمر يضم كل الأطياف السودانية.. في الوقت ذاته تتحدثون عن استبعاد المؤتمر الوطني والفصائل المسلحة.. كيف يحق لكم ذلك؟
بالنسبة لي أنا رئيس المركز السوداني الألماني للسلام والتنمية الداعي للمؤتمر وهو منظمة مدنية ضمن منظمات المجتمع المدني الألماني، هذا المؤتمر تشاوري حول القضايا التي يعاني منها الشعب السوداني ما بين القتل والتهجير والإبادة الجماعية والجوع، ولذلك نحن نسعى لتكوين جبهة مدنية عريضة تسع الجميع من غير طرفي النزاع والحركات المسلحة والحواضن لطرفي الحرب وهم من يتصدرون المشهد إعلاميا، وهم على أعلى التقديرات لا يشكلون أكثر من 20 في المئة، بينما 80 في المئة من الشعب السوداني "مُغيب".
هذا المؤتمر التشاوري يهدف إلى استنهاض الشعب صاحب الأغلبية في البلاد، فقد قمنا في المركز السوداني الألماني تلك الدعوة دون تحديد لنوعية الحضور إلا ما يتعلق بطرفي الحرب والحركات المسلحة وحواضنهم، هذا المؤتمر يمثل الشعب السوداني المُسالم الغير حامل للسلاح ليكون الجبهة المدنية العريضة التي تحدثنا عنها.
هل هناك أجندة معينة يهدف المؤتمر إلى تحقيقها؟
ليس هناك أجندة مسبقة للمؤتمر، بعد حضور المشاركين من كل الأطياف سيكونون هم المعنيون بوضع تلك الأجندة التي تساهم في عملية التفاوض ووقف الحرب والجهات الممولة لأطراف الحرب والتي تضع أجندة لهؤلاء من أجل تنفيذها دون النظر لمصلحة الوطن والمواطن.
برأيك.. هل تستطيع القوى المدنية السلمية أن تقف بوجه حملة السلاح؟
للأسف الشديد تلك الحرب فاجأت الشعب السوداني وجعلته يتشتت في بقاع الأرض وحتى في داخل البلاد في شكل عمليات نزوح، ومع الأسف "تقدم" لم تستطيع تكوين جبهة مدنية عريضة تشمل كل الشعب السوداني،لأنها عبارة عن جبهة نخبوية تمثل جهات وأفراد معينة، أما مؤتمر ميونيخ فسوف يمثل كل الشعب، فنحن نرى أن هناك مجموعة معينة طوال الفترة الماضية هى التي استلمت القرار السوداني، لذا نحن نعمل على استنهاض الشعب السوداني لتمكينه من قراره وسيادته واستعادة ثورته.
من يقف وراء عقد المؤتمر التشاوري في ميونخ وهل هناك ارتباط مع المبادرة الأمريكية؟
لا علاقة لنا بالمبادرة الأمريكية أو مؤتمر جنيف، بل المؤتمر نابع من إرادة الشعب السوداني في الداخل، وقد دعا المركز السوداني الألماني لهذا المؤتمر بالتنسيق مع الداخل من أحزاب وقوى سياسية وتنظيمات مدنية وطرق صوفية، ولأول مرة يجتمع السودانيون في مؤتمر واحد يمثلهم وهم من سيضعون أجندته ولن تفرض عليهم، فليس هناك أجندة مسبقة تم وضعها سواء من الغرب أو أمريكا، بل إن الحضور هم من سيقررون تلك الأجندة ويتخذون قراراتهم دون إملاءات من الخارج.
ما هى توقعاتكم بشأن التوافق "السوداني - السوداني" في هذا المؤتمر؟
كل المؤشرات في الداخل والخارج تدل على أن النجاح سيكون حليف المؤتمر التشاوري، رغم أن المؤتمر لم يعقد بعد، هذا الأمر يتعلق بمن سيحضرون ومن لن يحضروا، الجميع يتمنى وقف الحرب وإنهاء معاناة الشعب السوداني، لأن الرجولة الحقيقية تكون في حرية القرار كما حدث في ثورة ديسمبر/ كانون أول 2019 والتي تم اختطافها وتجري محاولات إجهاضها.
ما الجديد الذي يحمله مؤتمر ميونخ عن المؤتمرات والمبادرات السابقة؟
الجديد الذي يحمله المؤتمر التشاوري في ميونخ، أنه يجمع كل أطياف الشعب السوداني عدا طرفي الصراع وحواضنهما والحركات المسلحة، كما أننا سوف نعمل على كل إيجابيات المؤتمرات والمبادرات السابقة ومناقشة سلبياتها لتلافيها فيما هو قادم، علاوة على أنه خلافا لكل ما سبق ليس هناك أجندة موضوعة مسبقا، بل الشعب السوداني هو من سيفرض أجندته وتوصياته وتكوين لجانه، ثم يقوم بعد ذلك بالتواصل مع طرفي الحرب والمنظمات والجهات الدولية الداعمة لإيقاف الحرب وأيضا الجهات الداعمة لطرفي الحرب.
في ظل عدم وجود أجندة معدة سلفا وربما عدم التنسيق بين الحضور.. ما هي المدة الزمنية التي يعقد خلالها المؤتمر؟
المؤتمرات السابقة تراوحت بين يوم وثلاثة أيام، أما مؤتمر ميونخ فسوف يكون خمسة أيام، الافتتاح في اليوم الأول وتقوم كل مجموعة حاضرة بطرح رؤيتها لإيقاف الحرب وكيفية تشكيل الجبهة المدنية العريضة وسرعة توصيل المساعدات إلى المحتاجين، إضافة إلى رؤيتهم للسودان بعد الحرب بمنتهى الشفافية والصراحة بدون غرف مغلقة، وفي نهاية المؤتمر سوف تطرح الرؤى المشتركة التي تم التوافق عليها في البيان الختامي.
هل اختياركم لموعد المؤتمر له علاقة بمفاوضات جنيف التي تعقد تقريبا في نفس التوقيت؟
هذا المؤتمر كان مقرر عقده قبل مؤتمر"تقدم" التأسيسي الذي عقد في أديس أبابا ونظرا لتداعيات مؤتمر تقدم تم التأجيل، ثم جاء مؤتمر القاهرة وجيبوتي وتم تأجيل مؤتمر ميونخ حتى الموعد المعلن في الثاني عشر من أغسطس المقبل، لذا، فإنه لا علاقة لنا بمؤتمر جنيف ولسنا مدعوين له، لكن هناك تصور من اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر بأن يذهب وفد من المؤتمر التشاوري للمشاركة في مؤتمر جنيف إذا ما سُمح لهم بالدخول لنقل رسالة المجتمعين في ميونخ وهي (لا للحرب وفرض الوصاية والأجندة الخارجية على الشعب السوداني).
هل سيكون هناك تواصل من جانب المؤتمر مع طرفي الصراع "الجيش والدعم السريع"؟
الجيش السوداني مختطف منذ انقلاب عام 1985 والمفترض على أي جيش أن يكون جيش الوطن وليس جيش جماعة أو حزب. هذا الجيش الذي نتحدث عنه اليوم لا يمتلك سوى ثلاث ولايات ( كسلا والقضارف والبحر الأحمر)، أما بقية الولايات بيد الدعم السريع الذي هو وليد الحركة الإسلامية، لذلك يرى المركز السوداني الألماني أن الطرف الأقوى في المنظومة الحالية هو الشعب السوداني الذي تم تغييبه عن عمد بالترهيب والخوف والتهجير وغيره.
لذلك فإن هدف المؤتمر أن يُعيد القرار للشعب، وفور تشكيل الجبهة المدنية العريضة سوف يتفاوض المؤتمر مع الجهات الداعمة والممولة لطرفي الحرب وليس مع طرفي الحرب فهم أدوات فقط، علاوة على أن ممولي الحرب قد تمت دعوتهم للحضور ووافقوا على ذلك.
هل السودان مهدد بالتقسيم؟
السودان مهدد بالتلاشي كوطن وليس بالتقسيم فقط.
ما هي رسالتك لطرفي الصراع في السودان؟
رسالتي كمواطن سوداني لطرفي الصراع (اتقو الله في شعبكم) وكفي تقتيل وتهجير وسفك دماء وأن تكونوا أدوات لجهات أجنبية تحقق مصالحها عن طريقكم.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب