وقال الحلبوسي، في حديثه لـ"سبوتنيك"،اليوم الاثنين: "من المعلوم تماماً أن ارتفاع سعر صرف الدولار وتدني قيمة الدينار العراقي مستمرة منذ أكثر من عامين، وهنا نؤكد أن قيمة الدولار ثابتة ولكن قيمة الدينار العراقي تتأرجح بين الصعود والانخفاض وأغلب الأحيان يكون انخفاض".
وتابع الحلبوسي: "ما يتعرض له سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار من ارتفاع وانخفاض بين الحين والآخر يعود إلى عدة أسباب من بينها، استمرار التجارة مع الدول المعاقبة والذي يتطلب تمويلها من خارج المنصة بالاعتماد على السوق الموازي، الذي هو المتحكم الحقيقي بسعر الصرف، فحتى اللحظة لا توجد سلطة للبنك المركزي عليه".
وأشار الخبير الاقتصادي العراقي إلى أن "هناك دول تعتاش على الدولار في العراق في ظل غياب دور البنك المركزي لتنظيم سعر الصرف وإيقاف نزيف العملة، مع تغلغل هذه الدول عبر مصارف خاصة تهيمن على نافذة بيع العملة".
وأوضح الحلبوسي أن "المصارف الخاصة هي الأخرى تدفع بأن يبقى سعر الصرف مرتفعا، كونه يعود عليها بالنفع، فقد استغلت قانون تسليم حوالات الدولار للأفراد والشركات القادمة من الخارج وتسلمها لأصحابها بالدينار العراقي و بالسعر الرسمي ثم تقوم بعد ذلك ببيع الدولار بسعر السوق الموازي وهو ما يعظم من أرباحها، لذلك هي حجرعثرة أمام استقرار سعر الصرف وإيقاف نزيف قيمة الدينار العراقي".
وأردف الحلبوسي: "كما أن الحوالات ونافذة بيع العملة مُحتكرة من خلال مصارف معدودة تتحكم بسعر الصرف وتتلاعب به كيفما تشاء، وهو ما يفسر تحقيقها أرباحا خيالية من الحوالات بالدولار، والذي أصبح يستنزف واردات النفط العراقية التي تمول النافذة، مع العلم أن حجم مبيعات الدولار اليومية المرتفعة مريب جداً ويتناقض مع حجم البضائع الداخلة، مما يعني استمرار تهريب الدولار إلى الخارج، الذي تقوم به المصارف المسيطرة على النافذة والحوالات وبتواطؤ دولي".
وتابع: "العقوبات الأميركية واستمرار التلويح بها، هو سبب آخر في استمرار تراجع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار مع عدم قدرة البنك المركزي على حل مشكلة العقوبات مع الجانب الأمريكي، وكذلك عدم القدرة على ضبط عمل المصارف والسيطرة على عملهم الاحتيالي الذي أوقع العراق بالمشاكل مع الأمريكان، في ظل استمرار تهريب الدولار بطرق متعددة تمارسه مصارف مملوكة لدول خارجية".
وأشار الخبير الاقتصادي العراقي إلى أن "الحكومة لا تزال تُعول على البنك المركزي وإدارته في ضبط سعر الصرف، وهو ما لم ينجح فيه البنك المركزي بل فشل بكل خطواته مع استعلاء المصارف الخاصة وسطوتها على البنك المركزي بدعم خارجي، يضاف لذلك نفوذ هذه المصارف داخل البنك المركزي، ما يعني حتى اللحظة أنه لم يجد حلاً لإيقاف تراجع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، وهو ما سيدخلنا في مشاكل كبيرة مع قادم الأيام، خصوصاً إذا فرضت عقوبات أمريكية جديدة على العراق يضاف لها ارتفاع الصراع الجيوسياسي في المنطقة الذي يلقي بظلاله على العراق بشكل متعدد الأوجه".
وأعلن محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، منتصف مارس/ آذار الماضي، عن التفاهم مع وزارة الخزانة الأمريكية لإعادة النظر بالعقوبات المفروضة على المصارف العراقية.
وكشف العلاق عن اجتماعات مع الخزانة الأمريكية لإعادة النظر بالعقوبات على المصارف العراقية، فيما ناقش مع اللجنة المالية البرلمانية ملفات عدة أبرزها، معالجة الفجوة في بيع الدولار بين السعر الرسمي والموازي، وفق وكالة الأنباء العراقية.
وأوضح العلاق أن "العقوبات الخارجية التي فُرضت على عدد كبير من مصارفنا المحلية عرقلت مساعي وخطط فتح علاقات وخطوط تواصل مع بنوك عالمية مراسلة معتمدة"، مشيرا إلى أن "عملية طباعة العملة المحلية تتم وفق الغطاء المالي المطلوب وبالشكل الذي يوازن بين العملة الأجنبية والمحلية ويمنع حصول أي تضخم مالي".
يشار إلى أن حرب الخليج عام 1991، التي أعقبتها عقوبات اقتصادية قاسية فرضتها الأمم المتحدة، والغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، قد تسببت في خفض كبير لقيمة الدينار العراقي. نتيجة لذلك، تحول العراقيون إلى الدولار الأمريكي، إذ يتم تسوية مجموعة واسعة من المعاملات، من تجارة الجملة إلى مشتريات التجزئة بالدولار.
خلال الأشهر الستة الماضية، كانت الحكومة العراقية تحاول وقف أزمة العملة التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع، وأخرجت المتظاهرين إلى الشوارع.
منذ أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، شهد الدينار العراقي تقلبًا إضافيًا بعد تشديد الولايات المتحدة إجراءات التحويلات الدولية، حيث ألقى بعض المراقبين باللوم على واشنطن في مشاكل الدينار العراقي.