وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة وافقت على صفقة محتملة لبيع قوارب من طراز "سيف أركانجل" ومعدات مرتبطة بها إلى تونس بتكلفة تقدر بنحو 110 ملايين دولار.
واعتبر مجموعة من المنظمات الحقوقية التونسية بأن هذه الصفقة تعزز التدخل الأجنبي في شؤون البلاد، مشددة على ضرورة أن تنكب السلطات التونسية على حلحلة جملة من الأولويات العاجلة وفي مقدمتها أزمة المهاجرين المتواجدين على الأراضي التونسية التي لم تراوح مكانها إلى اليوم.
ويذكر أن وزير الداخلية خالد النوري تحادث يوم الثلاثاء الماضي في مقر الوزارة، مع سفير الولايات المتحدة الأمريكية في تونس جوي هود والوفد المرافق له، حول عدد من مشاريع التعاون المشتركة ذات الصلة بمجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية.
أولوية حددها التقارب الأمريكي الإيطالي
ويرى الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، بأن تزويد الولايات المتحدة الأمريكية بمعدات بحرية أولوية حددها التقارب الأمريكي الايطالي من أجل أن تكون تونس عنصرا فاعلا لمراقبة ما يحدث في البحر الأبيض المتوسط قائلا: "هذه المعدات يمكن أن تكون جزءا من المراقبة".
ويضيف بن عمر لـ "سبوتنيك" أن هذه الصفقة تندرج في مسار التحالف الاستراتيجي بين الجانب الإيطالي والأمريكي.
وتابع: "الجانب الإيطالي هو الذي لعب دورا كبيرا في دفع إنجاح هذه الصفقة رغم أن الأولويات التونسية الحالية ليست مرتبطة بالمعدات البحرية".
وأوضح محدثا أن المعدات البحرية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى تونس ليست من أولوية وطنية، معتبرا بأنها بمثابة الخضوع للأولويات الأوروبية الأمريكية وستعزز دور تونس كحارس للحدود وكلاعب رئيسي في مراقبة حركات التنقل في البحر الأبيض المتوسط.
كما أشار: "لقد أعطيت الأولوية لمراقبة الحدود البحرية رغم أن التهديد الارهابي يتواجد في المرتفعات كمحافظة القصرين وسط البلاد ورغم أن عديد القيادات الأمنية والعسكرية تحدثت عن مسألة ضبط الحدود البرية وصعوبة مراقبتها ونقص التجهيزات المناسبة".
ويواصل بالقول إن العلاقات التونسية الأمريكية مرت بمرحلة من البرود ومع ذلك حافظت الولايات المتحدة على الجانب المتعلق بالمستوى الأمني والعسكري وخاصة في مسألة الهجرة ووفرت معدات تقنية لتونس للتصدي للمهاجرين غير النظاميين وحماية الحدود الأمنية على الحدود التونسية الليبية والتي تم تركيزها منذ سنة 2015.
تونس لا تحتاج إلى معدات أمريكية
من جانبه، يرى الناشط في جمعية الأرض للجميع (وهي من بين الجمعيات المدافعة عن المهاجرين في تونس) عماد السلطاني أن هذه الصفقة من أكبر السياسات الفاشلة بعد ثورة يناير 2011 التي اتخذتها تونس في مجال الهجرة.
وقال السلطاني في تصريحات لـ "سبوتنيك": "هذه المعدات ستكون بمثابة الحارس الأمين لأوروبا في التصدي للمهاجرين غير النظاميين".
ويضيف أن تونس لا تحتاج إلى هذه المعدات لأنها استطاعت بإمكانياتها البسيطة أن تقلل من عدد الواصلين الى أوروبا.
وتساءل السلطاني حول وضعية المهاجرين المتواجدين جنوب الصحراء وخاصة في منطقة جبنيانة بمحافظة صفاقس جنوب البلاد.
وأفاد الناشط في المجتمع المدني بأن "هؤلاء المهاجرين يعيشون ظروفا صعبة في ظل غياب أي حلول انسانية أو قانونية من قبل السلطات التونسية".
وتابع: "عوض إيجاد مخرج للمهاجرين المتواجدين على الأراضي التونسية السلطات تذهب وتبحث عن حلول أمنية لا جدوى منها" .
كما أضاف عماد السلطاني أنه إذا كانت السلطات التونسية مهتمة بملف الهجرة فيجب أن تكون الحلول الأمنية قانونية أولا.
وحمّل السلطاني مسؤولية تعقد ملف الهجرة إلى إيطاليا والاتحاد الأوروبي مطالبا السلطات التونسية بإيقاف جميع الاتفاقيات مع هذه الجهات.
تونس غير ملزمة بتطبيق تعليمات أمريكا
على الجهة المقابلة، اعتبر الدبلوماسي الأسبق عبد الله العبيدي أن تقديم تجهيزات أمريكية إلى تونس يبقى رهين الحكومة والدولة التونسية.
ويضيف العبيدي في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أنه يمكن لتونس أن تتسلم هذه المعدات دون أن تطبق سياسات أو تعليمات الولايات المتحدة الأمريكية، معتبرا أن ملف الهجرة يضر بدرجة أكثر أوروبا وليست أمريكا.
إلى ذلك، يرى العبيدي أن العلاقات التونسية الأمريكية تخضع إلى نوع من الابتزاز خاصة مع تصريحات السفير الأمريكي السابق في تونس غوردون غري والتي قال فيها إنه "سيتم إعادة انتخاب الرئيس التونسي قيس سعيد في انتخابات ليست متوقعا "استمرار التونسيين في معاناتهم الاقتصادية المتفاقمة".
كما اعتبر الدبلوماسي الأسبق أن هذه التصريحات تندرج في إطار الابتزاز الغربي الأمريكي لتونس.