محللون: العاصمة الليبية على صفيح ساخن والتشكيلات المسلحة تتأهب لأي اشتباكات مرتقبة
تكررت النداءات بضرورة انسحاب جميع التشكيلات المسلحة من المقرات التي تُسيطر عليها ضمن نطاق العاصمة الليبية طرابلس، على أن تلتزم بتسليم كافة المؤسسات والشركات والإدارات الحكومية التي تتولى تأمينها لوزارة الداخلية، وذلك لتأمينها وحمايتها.
Sputnikلكن دون جدوى، لم تلتزم تلك التشكيلات بهذه التعليمات، وأصبحت عائقا كبيرا أمام عمل هذه المؤسسات، بل أصبحت أداة يتم استخدامها كورقات ضغط لتمرير صفقات معينة.
من جهته، قال المحلل السياسي، جمال شلوف، إن "التحشيدات العسكرية في العاصمة طرابلس هو تذكير للجميع بأنه لا دولة في وجود المليشيات والتشكيلات، وطالما أن هذه التشكيلات موجودة فلن تكون هناك دولة".
واعتبر أن "المخاوف من اشتباكات التشكيلات المسلحة كثيرة وكبيرة، لأن هذه التشكيلات لا تحترم المدنيين ولا تحترم قواعد الاشتباك، وهم عبارة عن أشخاص متهورين، وستكون الاشتباكات وسط الأحياء السكنية، وبكل تأكيد سيكون هناك ضحايا من المدنيين، وأن ما يحدث من تحشيد بجوار المصرف المركزي قد يتسبب في تأثيرات كبيرة جدا، وعقوبات كبيرة على الدولة قد لا تتحملها ليبيا والمواطن الليبي، وفي حال تمّت السيطرة على المنظومة، فمن المرجّح أن تصدر عقوبات ضد الدولة، وهم لا يدركون عواقب هذه الأفعال".
وقال شلوف في تصريحات لـ"سبوتنيك": "منذ عام 2015، وكل تقارير خبراء مجلس الأمن تتحدث عن أن التشكيلات المسلحة التي تؤمّن المؤسسات في العاصمة طرابلس هي المتحكم الفعلي بالقرار السياسي والاقتصادي لهذه المؤسسات التي تقوم بتأمينها، ولم تتخذ الأمم المتحدة منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة أي إجراء بخصوص هذه التقارير، ولم يتم تطبيق أي عقوبات أو تهديدات لقادة هذه التشكيلات المسلحة، لذلك لن تقوم البعثة بشيء سوى التنديد والتذكير، ولن تقوم بأي عمل حقيقي ضد هذه التشكيلات".
وأوضح أن "التشكيلات المسلحة هم مرتزقة محليين، ولن ننتظر منهم تأنيب الضمير والانخراط طوعا في أجهزة الدولة الرسمية، لذلك يجب تفكيك هذه التشكيلات المسلحة، ولن يحدث ذلك إلا من خلال تجفيف منابعها وإخراجها من العاصمة طرابلس، وحرمان أي مدينة من المؤسسات الفعلية السيادية حتى لا تستمر هذه المليشيات في عملية الابتزاز، ثم القضاء عليها عن طريق عمليات دولية أو محلية بالقوة، وهنا قد تكون هناك آثار جانبية لذلك، وربما يمكن أن ينتفض الشعب ضد هذه التشكيلات، وهنا ستنتج خسائر كبيرة، وقد يتكرر مشهد "السبت الأسود" في بنغازي، أو أحداث غرغور في العاصمة طرابلس".
فيما قال المحلل السياسي، ناصر أبو ديب، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، إنه "في ظل غياب الدولة الحقيقية والمؤسسات الفعلية التي تسيطر على كامل تراب ليبيا سواء العسكرية أو الأمنية أو غيرها سنرى هذه الإشكاليات، والصراع موجود في كل ربوع ليبيا، وذلك لأن طرابلس مقر السلطة المركزية والإدارات والمؤسسات الحكومية، وبالتالي دائما ما يتم التأجيج الإعلامي لهذه الأشياء، ولم نرى تحشيدات كبيرة تروّع المدنيين، وإنما اصطفافات في كل مدن ليبيا".
ولا يعتقد أبو ديب بأن "هناك اشتباكات سوف تحدث في العاصمة طرابلس، لأن هناك نخب من المشائخ دائما سبّاقين لحل الخلافات بين الأطراف، وبالتالي لم نتوقع اشتباكات مرتقبة، ولا يعني ذلك بأن تكون هذه التشكيلات طرف حل، فلا بد من تسوية حقيقية لتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية".
وأشار إلى أن "البعثة الأممية تكتفي بإصدار البيانات فقط، ولا تقوم بأي دور فعلي حيال الموقف الليبي، وليبيا ليست من أولويات الأمم المتحدة، لأن هناك مشاكل أخرى غير الملف الليبي".
واعتبر ناصر أبو ديب أن "كل التشكيلات تتبع لوزارة الدفاع ورئاسة الأركان، ولديهم أرقام عسكرية، وإنما هناك غياب لمؤسسة عسكرية واحدة توحد كل العسكريين في ليبيا، ولا بد من الذهاب لانتخابات تشريعية وخلق حكومة واحدة تسيطر على زمام الأمور في كل المناحي الحياتية، وأعتبر أن غياب الدولة هو ما جعل المسألة في ليبيا تذهب في هذا الاتجاه".
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي، حسام الدين العبدلي، أنه "بالنسبة للوضع الأمني والعسكري منذ بداية أغسطس/ آب الجاري، كانت هناك تحشيدات عسكرية الوضع الأمني محتقن جدا، وكل هذه التحركات كانت في المنطقة الغربية بالكامل بسبب حالة الجمود السياسي، وعدم وجود أي حل قريب، مع فشل البعثة الأممية في خلق حل سياسي يجمع جميع الأطراف نحو حكومة واحدة، تجمع جميع الأطراف والوصول للانتخابات".
وقال العبدلي: "لقد وصل الحال بليبيا بالمرور بعدة مراحل، والتي إحداها هي رفع سعر الصرف، وإقرار ضريبة معينة تم تحديدها، والتي زادت من معاناة الشعب الليبي، وهذه عوامل محفزة لهذه التحشيدات العسكرية، أو التحركات التي نشهدها اليوم".
وأوضح أن "هذه التحركات بدأت بعد سحب صلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي من المجلس الرئاسي، وإعادتها لمجلس النواب الليبي، وهنا يبدو أن المجلس الرئاسي تمّت محاصرته في زاوية ضيّقة، وقام بالرد على هذا القرار بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي، بالرغم من أن هذا القرار لم يكن في وقته، لأن الوقت متشنّج وهناك تحشيدات عسكرية".
وتابع لافتا إلى أن "ما يحدث من تحشيدات عسكرية سببها الأول هو محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، الذي كان على علم بالوضع السياسي في ليبيا بأنه هشّ ومنقسم، وكان يجب أن يتعامل مع جميع الأطراف من زاوية واحدة وبحيادية، كما أنه كان يعلم جيدا أن هذه المليشيات قد تسبب في انهيار الوضع الاقتصادي الأمني في العاصمة".
ويخشى حسان الدين العبدلي أن "يتطور هذا الأمر، وأن يكون هناك صراع عسكري واحتراق داخل العاصمة طرابلس، في تهديد للوضع الأمني لليبيا، كون أن المصرف المركزي هو مصدر الأموال للشعب الليبي".
واعتبر أن "الواقع يقول إن البعثة الأممية والدول الكبرى ستعمل على خلق حكومة واحدة توحد جميع الأطراف، ولا يمكن إبعاد الدول الخارجية المتدخلة في ليبيا، لأنها من أسباب هذا الصراع".
وتابع أن "ليبيا تختلف شرقها عن غربها، والشرق والجنوب يقع تحت سيطرة جيش وطني، ووضع أمني وعسكري منظم، والحالة العسكرية مستقرة جدا في تلك المناطق، ولكن الوضع يختلف في غرب ليبيا، وهناك مجموعات غير منظمة حاولت الجهات الرسمية تنظيمها، ولكن فشلت في كل محاولاتها".
واختتم تصريحاته موضحا أن "المجموعات المسلحة تحاول في الوقت الحالي بأن يكون لها نفوذ على المؤسسات السيادية والوزارات، بما فيها مصرف ليبيا المركزي، ومن هنا لا يمكن تبرئة المصرف المركزي كونه داعم لهذه المجموعات المسلحة يوما ما، إضافة لذلك المحافظ كان داعما للحروب السابقة من خلال هذه التشكيلات".