باحث: رد "حزب الله" جاء كرد على تعثر المفاوضات وكضغط لإيقاف الحرب على غزة

قال الباحث والمحلل السياسي والاستراتيجي، الدكتور ساعود جمال ساعود، إنه "فيما يخص توقيت رد "حزب الله" على إسرائيل لا بد من الإشارة إلى عاملين مهمين، أولهما: تأخر الرد والآخر شيوع اعتقاد لدى عامة المراقبين بأن المحور بما فيه حزب الله يمكن أن يتنازل عن الرد مقابل ثمن سياسي".
Sputnik
وأكد الدكتور ساعود في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أنه "علينا أن نربط الرد بمسار المفاوضات التي شهدنا مؤخرا انعقادها في الدوحة، والتي يمكن القول إنها فشلت جراء شروط نتنياهو الجديدة المتعلقة بعدم الانسحاب من محوري فلادليفيا ونتساريم الأمر الذي أثار غضب واحتجاج حماس لكونه يخالف قرار مجلس الأمن ومقترج بايدن".
وأشار إلى أنه ما كان لـ"حزب الله" أن يعرقل المسار السياسي برد عسكري مهما كان حجمه لو أن الأمور سارت على ما يرام، ولكن ما حدث أن الضربة العسكرية للحزب جاءت بعد يأس من نجاح المفاوضات في ظل المراوغة الأمريكية سياسياً والدعم عسكرياً، وفي ظل تعنت نتنياهو وإصراره على تحقيق ما يعتبره مقتضيات أمنية لحماية كيانه في ظل ما يشهده من رفض داخلي وخارجي لسياسته أو لنقل عدم رضا، فهو مصر على تحقيق نصر ما وفق ما ترسمه مخيلته يحمي بها مصالحه السياسية ووجوده أمام الرأي العام الداخلي والحليف له.

"الرد وسيلة ضغط من قبل الحزب باتجاه أخذ المسار السياسي نحو النجاح"

وأوضح المحلل السياسي أن الرد جاء ضمن مسار زمني يصدر فيه "حزب الله" وبقية المحور وعوداً بالرد على انتهاك إسرائيل للسيادة اللبنانية، واستهدافها لإحدى أهم شخصيات الحزب العسكرية، وفي توقيت يشهد فيه المسار السياسي عرقلة واضحة من قبل حكومة نتنياهو واليمين المتطرف، ومراوغة جلية من قبل الأمريكيين، ويكفي للتدليل إبراز المساعدات العسكرية التي تتلقاها إسرائيل من أمريكا، لافتاً إلى أنه "بعد الرد مباشرة توجه وفد من حماس إلى القاهرة كذلك الأمر خرج وفد إسرائيلي للتفاوض حيث وصف كبار جنرالات الجيش الإسرائيلي الرد بالفاعل والمؤثر، ما يعني أن الرد وسيلة ضغط من قبل الحزب باتجاه أخذ المسار السياسي نحو النجاح، لما ينطوي عليه الرد العسكري من رسائل بأن الخيار العسكري له مغبات كارثية يقلل منها الحل السياسي".

الرد رسائل تظهر القيادة المتهورة لنتنياهو ووسيلة لإحراجه وتأليب الرأي الداخلي عليه

وأضاف الدكتور ساعود أن الرد جاء في وقت يواجه في نتنياهو ضغوطاً داخلية وخارجية وعدم رضا حتى من قبل بعض العسكريين، لذا الرد رسائل تظهر القيادة المتهورة وغير الدقيقة لنتنياهو، لذا سيكون وسيلة لإحراج نتنياهو وتأليب الرأي الداخلي عليه، وكذلك الأمر بالنسبة لحلفائة الذين أعلنوا التزامهم بأمن إسرائيل ورغم ذلك لا يريدون لحرب إقليمية موسعه أن تقوم، موضحاً أن المحور جاد بحربه ويكرس اليوم سياسة الضربة بالضربة، ما يحد من مرونة التحركات الإسرائيلية، التي جاء الرد ليحدها ويجبر الإسرائيليين على التقيد بقواعد اشتباك محددة.
وأكد المحلل السياسي أن "حزب الله" رغم شدة الحرب والتهويل الإسرائيلي إلا أنه يتبع استراتيجية تقوم على اتباع قواعد اشتباك واضحة لا تقود لتطور الأمور نحو الخراب أي حرب إقليمية، ويتجلى ذلك في رد اليوم، فلو تساءلنا كم عدد المدنيين الذين قتلوا اليوم في إسرائيل؟ لا شيء يذكر، لو تساءلنا كم عدد العسكريين والقواعد المدمرة كلياً؟! هناك دمار ولكن يلاحظ أنه مضبوط، الدليل أنه للمرة الأولى يقصف قرب مقرات الموساد والشاباك والمخابرات العسكرية ولكن يتضح أن الغرض التحذير وإرسال رسائل سياسية وعسكرية بإمكانية إيقاع الضرر بهم، فيما لو تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء لقواعد الاشتباك، مشيراً إلى أنه لا صحة لما قاله موقع "والا" الإسرائيلي أن استراتيجية حزب الله الجديدة تقوم على توجيه نيرانه إلى بيوت المدنيين في شمال إسرائيل، فالهدف عسكري بحت.

لدى "حزب الله" نزعة إنسانية وقانونية وعقائدية تحيد المدنيين بأي ضربة

وأوضح الدكتور ساعود أن "استراتيجية حزب الله تقوم أولاً على تكريس قاعدة الضربة بالضربة ليخلق ذلك عامل رد، فيحول دون الكثير من التصرفات الإسرائيلية عسكرياً التي قد تؤدي لتوسع الصراع، وثانياً تكريس قاعدة رفع عدد الهجمات بالمسيّرات لإرباك منظومات الاعتراض الإسرائيلية وإعجازها عن التصدي لها وتكثيف إطلاق الصواريخ، وتوسيع حزمة الأهداف الحيوية المستهدفة من أي رد، واعتماد استهداف مناطق استراتيجية حيوية جديدة كانت خارج نطاق الاستهداف، إضافة إلى استراتيجية الرد المنفرد المؤثر القابل للتنسيق مع بقية الجبهات بشكل متزامن، ومن جهة أخرى النزعة الإنسانية والقانونية والعقائدية البادية عبر تحييد المدنيين بأي ضربة عسكرية".
نصر الله: أطلقنا على عملية الرد على اغتيال فؤاد شكر عملية "الأربعين"

يمكن إيقاف الاشتباك مع "حزب الله" بوقف إطلاق النار في غزة

وقال المحلل السياسي: "يبدو في العموم أن حزب الله رغم كثافة العتاد المستخدم بالرد، وعنصر المفاجأة والمباغته، لا يريد حرباً موسعة بل يريد ترسيم قواعد الاشتباك سياسياً وعسكرياً بحيث تقود لردع إسرائيل وعدم توسع جبهة الحرب، وخدمة غرض إيقاف الحرب على غزة عموماً، لافتاً إلى أن هناك رسالة جوهرية من حزب الله لقادة إسرائيل بأنهم قادرون على توسيع جبهة الاستهداف، وضرب نقاط حيوية مؤثرة في الصميم الإسرائيلي في حال تمادت إسرائيل باستهداف غزة من جهة والمناطق اللبنانية من جهة أخرى، واستهداف قادة الحزب، ويظهر من عدم استهداف المقرات الأمنية والاستخباراتية بشكل مباشر ومؤلم أن الرسالة التي يردون إيصالها بأنهم قادرون على ضرب إسرائيل بالعمق، ولكن يريد حزب الله لأي رد أن يكون مضبوطاً ومحكوماً بقواعد اشتباك واضحة، ولفت الانتباه إلى أن تطور المواقف السياسية والعسكرية مع حزب الله يمكن إيقافه وحله بوقف إطلاق النار في غزة لكون الغاية من دخول حزب الله الحرب هي الإسناد".

الرد الإيراني في حال جاء سيكون منفرداً

وفيما إذا كانت إيران ستدخل على مسار الرد، قال الدكتور ساعود: "لا يمكن لأحد التشكيك بالوعود التي قطعها قادة إيران بالرد، ولكن المسألة ليست مسألة وعود والوفاء بها، بل حجم الرد وطبيعته وفاعليته ونطاقة، والأهم الارتدادات الإقليمية والدولية للرد الإيراني".
وأضاف المحلل السياسي: "لو أن إيران تريد توسيع الرد وإيلام إسرائيل بقوة، لكان الرد قد جاء بشكل متزامن، كان يمكن لإيران إشغال الضفة الغربية التي تغلي ورفدها بالسلاح، والضرب بالتزامن مع حزب الله وحماس واليمن والعراق، ولكن هذا لم يحصل في ظل التهديدات الأمنية بدعم إسرائيل وفي ظل حكومة نتنياهو الغير عقلانية، لذا يمكن القول إن الرد الإيراني في حال جاء فهو منفرد، وغير مترادف مع رد حزب الله، ما يعني أن ايران تريد ضبط الصراع بقواعد اشتباك لا تقود لتطور الأمور تنحو حرب إقليمية".

الرد سيجبر إسرائيل على الرضوخ لحل سياسي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب

وقال الدكتور ساعود، إن "تأثير الرد على مسار الحرب في غزة يعتمد على معايير عدة منها تقييم إسرائيل لرد حزب الله هل هو شكلي أم مؤلم، لأن إيلامهم يعني تخوف من الردع بأي خطوة إسرائيلية استفزازية قادمة، في حال اقتنع الإسرائيليون بأن رد حزب الله فاعل ومؤثر، وخضعت حكومة نتنياهو لضغوطات الداخل، ونصائح القادة العسكريين، فإن ذلك يقود لتأثير الرد على مسار الحرب وأخذها باتجاه التهدئة، والرضوخ لحل سياسي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، لأن إسرائيل رغم ما خلفته من دمار فقد تم استنزافها ويجري الآن ترميمها أمريكياً، لذلك تأثير الرد على الحرب على غزة يتوقف على مقدار فاعلية رد حزب الله وتقييم الإسرائيلي لآثاره".
مناقشة