عامان من القطيعة الدبلوماسية... هل تستعيد الرباط وتونس علاقاتها قريبا؟

Sputnik
تدخل القطيعة الدبلوماسية بين تونس والمغرب عامها الثالث بعد أيام، في ظل إشارات لرغبة متبادلة لاستعادتها لطبيعتها مرة أخرى.
في أغسطس/آب من العام 2022، استدعى المغرب سفيره لدى الجمهورية التونسية، حسن طارق، على أثر استقبال الرئيس التونسي، قيس سعيد، زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، في إطار قمة أفريقية يابانية، استضافتها تونس.
عقب استقبال الرئيس قيس سعيد لإبراهيم غالي، وصفت المغرب الخطوة بأنها غير مسبوقة، وقررت على إثرها سحب سفيرها.
منذ ذلك التاريخ جمدت العلاقات بين البلدين على المستوى الدبلوماسي، لكن الخبراء يرون خطوة تغيير وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، إشارة للحلفاء والأصدقاء برغبة في تحسين العلاقات، وفي المقابل أجرى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، اتصالا بوزير الخارجية التونسي الجديد محمد علي النفطي، في إطار التهنئة بتوليه حقيبة الخارجية، خلفا للوزير نبيل عمار.
موقف تونس التاريخي
انسحاب الوفد المغربي من ملتقى المناخ في تونس لوجود عناصر من "البوليساريو"
من ناحيته قال محمد الطيار الخبير السياسي والأمني المغربي، إن الموقف التونسي الثابت طيلة العقود الماضية، لم يثبت أنها دعمت "جبهة البوليساريو".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن التغيرات التي وقعت في تونس منذ العام 2013، "ألقت بظلالها على علاقة الجزائر وتونس، إذ تعرضت الأخيرة لضغوط بسبب وضعها الاقتصادي، ما دفع بالعلاقات بين البلدين إلى منحى أخر، كان أبرزه استقبال الرئيس الجزائري لزعيم "جبهة البوليساريو" في العام 2022، لكن الأمر الأم لم يصل للدعم لها".
شبه قطيعة
وأشار إلى أن الموقف التونسي أدى إلى برود وشبه قطيعة في العلاقات بين البلدين، لكنها مرشحة لتعرف تطورا إيجابيا الفترة المقبلة، خاصة بعد اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، والذي يلقي بظلاله على تونس وموريتانا تجاه القضية.
إشارة إيجابية
ولفت إلى أن الاتصال الذي جرى بين وزيري الخارجية في تونس والمغرب، يعد إشارة إيجابية هامة في إطار استعادة العلاقات.
ويرى أن الوضع الذي تعيشه تونس السنوات الأخيرة، كان له الأثر على مواقفها من الملف، الذي دخل مرحلة "الشك"، خلال عهدة الرئيس قيس سعيد.
في الإطار قال منذر ثابت الخبير السياسي التونسي، إن تغيير وزير الخارجية التونسي، يمكن اعتباره إشارة للحلفاء والأصدقاء، بإمكانية طي صفحة الماضي.
خطوة إيجابية
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الإشارة في تغيير الوزير، قد تشمل الرباط والاتحاد الأوروبي، التي تصنف من مقتضيات الضرورة، خاصة أن العلاقات بقيت في مستوى متوسط بين تونس والاتحاد الأوروبي الفترة الأخيرة.
ويرى أن تونس تسعى لمجاوزة الإشكال، الذي وقعت فيه الدبلوماسية التونسية، بشأن استضافة البوليساريو، وهي تسعى لاستعادة وضعها الطبيعي الممثل في الحياد، الذي حرصت عليه منذ عهد الحبيب بورقيبة.
تونس تستدعي سفيرها لدى الرباط للتشاور ردا على قرار مغربي مماثل
طرح رسمي
وأشار إلى أن الرئيس التونسي لم يطرح الملف بشكل مباشر في الوقت الراهن، لكن مناقشته واردة بقوة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد رحيل وزير الخارجية نبيل عمار.
إحصاءات وأرقام
وفق بيانات مغربية لعام 2021 بشأن حجم التبادل التجاري بين المغرب وتونس، فإن واردات المغرب بلغت 2.28 مليار درهم (215.7 مليون دولار)، مقابل صادرات نحو تونس تقدر بنحو 1.3 مليار درهم (123 مليون دولار).
وحافظ المغرب رغم ذلك على تصدره قائمة البلدان الأكثر استيرادا للتمور التونسية.
خلال السنوات الأخيرة لم تعرف العلاقات بين البلدين تطورا على المستوى الاقتصادي، خاصة أن الدورة 19 للجنة العليا المشتركة المغربية التونسية، عقدت في العام 2017، وترأسها رئيس الحكومة المغربية آنذاك سعد الدين العثماني، ونظيره التونسي يوسف الشاهد، ومن حينها لم تعرف التبادلات أرقاما هامة على مستوى تطور حجم التبادل.
عقب البيان المغربي في أغسطس/ آب 2022، أعربت تونس عن استغرابها لما ورد في بيان الرباط الذي أصدرته حينها، احتجاجا على استقبال زعيم البوليساريو، واستدعت سفيرها في الرباط للتشاور.
وذكر بيان الخارجية التونسية حينها، أن دعوة الحضور للندوة التي تستضيفها تونس قد وجّهها الاتحاد الأفريقي
فشل اتحاد المغرب العربي
تعود فكرة إنشاء الاتحاد المغاربي إلى أول مؤتمر للأحزاب المغاربية عقد في مدينة طنجة المغربية عام 1958، وضم ممثلين عن "حزب الاستقلال" المغربي و"الحزب الدستوري" التونسي و"جبهة التحرير الوطني" الجزائرية.
بعد استقلال الدول المغاربية أسست اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964، التي كانت تهدف إلى تقوية العلاقات الاقتصادية بين دول المغرب العربي.
جاء بعد ذلك بيان "جربة الوحدوي" بين ليبيا وتونس عام 1974 ومعاهدة "مستغانم" بين ليبيا والجزائر و"معاهدة الإخاء والوفاق" بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983، وهي جميعها خطوات مهدت لتأسيس الاتحاد ضمن جملة من الأهداف، أعلن عنها في "بيان زرالدة" في مدينة زرالدة الجزائرية عام 1988، ثم تم الإعلان عن تأسيس الاتحاد عام 1989.
مناقشة