ما أبعاد مشاركة تونس في منتدى التعاون الصيني الأفريقي؟

يشارك رئيس الحكومة التونسية، كمال المدوري، في قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي، الذي ينطلق اليوم ويتواصل إلى غاية يوم الجمعة المقبل تحت عنوان "التكاتف لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني أفريقي".
Sputnik
ويرى مراقبون ومحللون في الشأن الاقتصادي والدبلوماسي أن هذه المشاركة تندرج ضمن سياسة تونسية معلنة لتغيير السياسة الخارجية للبلاد والتوجه نحو الشرق والتخلي تدريجيا عما يصفونه بـ "الهيمنة الغربية".

الصين حريصة على إتمام الاتفاقات بين البلدين

وخلال لقاء جمع رئيس الحكومة التونسية كمال المدوري بنائب رئيس مجلس الدولة الصيني دينغ شيويه شيانغ، في قصر دياويوتاي بالعاصمة بكين الثلاثاء، أكد الطرف الصيني دعمه لتونس وحرصه على إتمام المشاريع المتفق عليها بين البلدين.
شي جين بينغ: الصين ستوسع تعاونها مع أفريقيا لدعم تنمية القارة
وتشمل هذه المشاريع في تونس وفق المسؤول الصيني؛ جسر بنزرت (شمالي البلاد) ومحطة توليد الطاقة الشمسية والمدينة الصحية بمدينة القيروان (وسط البلاد)، إضافة إلى توسعة مستشفى صفاقس الجامعي بمدينة صفاقس (شرقي البلاد)، وإنشاء مستشفى علاج الأورام بمدينة قابس (جنوبي البلاد).
وأكد دينغ "رغبة الصين في تعزيز التعاون مع تونس في مجالات التعليم والثقافة والسياحة بما يكرس التعاون والصداقة بين البلدين".
كما أضاف أيضا أنه "بفضل الجهود المشتركة بين البلدين ستمضي العلاقات الاستراتيجية بخطوات متزنة ومستقرة إلى الأمام".
ومن جانبه، ذكّر رئيس الحكومة التونسية كمال المدوري بالموقع الجغرافي المتميز لتونس مما يجعلها بوابة أفريقيا ومنصة ناجحة للمشاريع الصينية التونسية وخاصة في مجال صناعة السيارات الكهربائية والبطاريات.
وتأتي المشاركة التونسية عقب ثلاثة أشهر من زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد للعاصمة بيكين ومشاركته في منتدى التعاون العربي الصيني الذي انعقد نهاية مايو/ أيار الماضي.
ويرى الأمين العام لحزب "مسار 25 جويلية" محمود بن مبروك أن توجه تونس نحو الصين سيفتح آفاقا كبيرة وسيساهم في تطوير المبادلات التجارية الصينية مع أفريقيا.
زيارة المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط إلى تونس.. خطوة جديدة لتوطيد العلاقات
ويضيف بن مبروك في تصريح لـ"سبوتنيك": "الصين ستحول تونس إلى منارة اقتصادية من خلال تنفيذها للعديد من المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية ".
وتابع: "رئيس الجمهورية قيس سعيد يسعى إلى تطوير العلاقات التونسية مع الصين بعد تعثر العلاقات مع الدول الغربية التي كانت تحكمها المصلحة وتخضع لشروط معينة وفيها تدخل في الشأن الوطني التونسي".
كما أشار الأمين العام لحزب المسار إلى أن تونس تسير بخطى ثابتة للانظمام إلى المجموعة الاقتصادية "البريكس"، وهي مجموعة اقتصادية تضم عددا من أكبر الاقتصادات الناشئة في العالم.

تونس تبحث عن أقطاب جديدة

ومن جانبه أفاد الخبير الاقتصادي معز حديدان لـ"سبوتنيك"، أنه في ظل شح بعض التمويلات من الأسواق التقليدية ومن البلدان الشقيقة فإن تونس اليوم مجبرة على تنويع مصادر تمويلها.
وتابع حديدان: "تونس تبحث عن شراكات وأقطاب أخرى وهذا يحيلنا إلى بعض البلدان الآسيوية كالصين باعتبارها شريكا تجاريا كبيرا مع تونس".
وأضاف الخبير الاقتصادي بأن الصين دولة عملاقة وتضم استثمارات كبرى في أفريقيا ويجب على تونس أن تستغل علاقاتها معها وتحاول أن تجذب استثماراتها.
نواب تونسيون لـ"سبوتنيك": تصريحات بوريل عن تقارب بلادنا مع روسيا والصين وإيران تعكس نزعة استعمارية
ويرى حديدان أنه يجب على تونس أن توفر منتوجات يمكن تصديرها إلى الصين وذلك عن طريق إبرام جملة من الاتفاقيات التي من شأنها أن تعزز العلاقات التونسية الصينية.
كما أشار أيضا الى أن استثمارات الصين بإمكانها أن تخفف العبء على تونس وتجعلها ربما شريكا في بنوك آسيوية.

تونس تخلت عن الدول الأوروبية

ويرى الإعلامي كمال بن يونس أن "زيارة رئيس الحكومة إلى بيكين ومشاركته في قمة منتدى التعاون الصيني الافريقي تعتبر جزءا من مسار بدأ منذ أكثر من عشرين عاما من أجل تنويع الشركاء الاقتصاديين مع تونس في العديد من القطاعات".
ويعتبر كمال بن يونس أن العلاقات التونسية الصينية تطورت واتخذت نسقا سريعا بعد مشاركات تونس في القمة الصينية العربية في الرياض في شهر مايو/ أيار الماضي.
ويضيف بن يونس في حديث مع "سبوتنيك" بأن المشاركة التونسية في المؤتمرات والقمم العربية الصينية الأفريقية وتبادل الزيارات بين المسؤولين يؤكد بأن تونس نوعت علاقاتها الدولية ولم تعد تقتصر على الدول الأوروبية.
كما أشار الأكاديمي إلى أن تونس ودول آسيوية كالصين وروسيا تتشاركان الرغبة ذاتها في تطوير العلاقات الاقتصادية، قائلا: "تونس تريد أن تتحرر من السوق التقليدية والشركاء التقليديين كدول الاتحاد الأوروبي".
مناقشة