تعليقا على كلمة بوتين خلال المنتدى الاقتصادي... خبير لـ "سبوتنيك": المستقبل للشرق الأقصى

رأى الباحث في الشأن الدولي الدكتور إيلي جرجي إلياس، أنّ "أيّ خطاب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يحتاج إلى أيام وشهور لتحليله، حيث يتضمن دائمًا كلمات مفتاحية تعكس مختلف القضايا المتعلقة بروسيا".
Sputnik
وأضاف في حديث لإذاعة "سبوتنيك" أنّ "بوتين وجّه رسالةً حاسمةً عبر عنوان هذا المنتدى مفادها أنّ المستقبل سيكون أولاً للشرق الأقصى، مما يعني أن المؤتمر سيتركز حول تلك المنطقة، كما قد يكون هناك تأثير على مستقبل الشرق الأوسط في المدى المنظور، وربما على حساب القارة الأوروبية"، لافتاً إلى "حديث بوتين عن تطوير الأطر التربوية والجامعية والاقتصادية، مع التركيز على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الصين ودول أخرى في الوقت الذي سيكون فيه المعسكر الشرقي في موقع الصدارة خلال هذه الحرب الباردة، رغم أنّ الزعامة الاقتصادية قد تكون للصين، ومع ذلك، ستظل لروسيا الكلمة الأكثر أهميّة في الربط بين الشرق الأقصى والشرق الأوسط".
وقال:" في خطابه اليوم أمام المنتدى الاقتصادي في الشرق الأقصى تناول بوتين موضوعين رئيسيين: الأول يتعلق بالتطوير الداخلي في المناطق الشرقية من روسيا، والثاني يتناول التعامل مع البلدان المجاورة".

واعتبر الدكتور إلياس أنّ "الرئيس الروسي قد منح الثقة الكاملة للصين، حيث ذكر في خطابه أنّ الصين هي الجهة الوحيدة المخولة للتعاون مع البرازيل من جهة ورعاية اتفاق للسلام بين روسيا وأوكرانيا من جهة ثانية"، مبيّنًا أنّ "من بين أبرز انتصارات بوتين ونجاحاته هي علاقاته مع الصين، حيث يتمتع الرئيس الروسي بكفاءة دبلوماسية عالية ويدرك متى ينبغي أن تكون الصدارة للصين ومتى يجب أن تكون لروسيا".

وتابع قائلاً: "الرئيس بوتين قدم اتجاهين رئيسيين في خطابه، الاتجاه الأول يكمن في ضرورة أن تكون الصين في صدارة المواجهة المالية مع الولايات المتحدة الأمريكية نظراً لكونها أصبحت قوة اقتصادية كبيرة، كما يجب أن تساهم في عملية النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط، أما الاتجاه الثاني، مفاده أّنه يمكن لروسيا الاستفادة من هذه الوضعية لبناء مكانة سياسية وجيو-استراتيجية متقدمة في المعسكر المواجه للولايات المتحدة الأمريكية".
وإذ شدّد الباحث على أنّ "الرئيس بوتين يتحدث دائمًا عن إصرار الشعب الروسي على النصر"، رأى أنّ "سيد الكرملين يستعرض بطريقة ذكية التسلسل التاريخي لروسيا في خطابه، حيث يشير إلى أهمية المخططات التي وضعها الاتحاد السوفيتي، والتي لم يستطع الزعماء الروس السابقون تطبيقها".
بوتين حول التسوية في الشرق الأوسط: موقفنا واضح نحن نؤيد حل الدولتين
ولفت الدكتور إلياس إلى أنّ "بوتين يعبر عن فكر استراتيجي رفيع المستوى تجاه التطورات الاستراتيجية، حيث يرى أنّ الصين تتقدم اقتصاديًا، وعليه فإنّه يقدم دعوتين للصين: الأولى معلنة، وهي الاستثمار الاقتصادي الواسع في روسيا وجذب الاستثمارات الصينية إلى الشرق الأقصى، أما الدعوة الثانية، غير المرئية، فهي عبر الصين لتكون صلة الوصل مع أوكرانيا، في رسالة حاسمة من روسيا إلى أوكرانيا بأن روسيا لن تقبل سوى وسيط واحد، وهو الصين".
أما بالنسبة لحديث بوتين عن بيلاروسيا، فقد قال الباحث في الشأن الدولي إنّ "بوتين يحمل رسالة تهديد إلى أوكرانيا مفادها أن روسيا وبيلاروسيا هما أخوة، وأنه في أي لحظة يمكن للجيشين الروسي والبيلاروسي أن يتعاونوا في أزمة أوكرانيا، وما يمكن أن يحدث حينها هو أن تنفتح أبواب جهنم على أوكرانيا".

كما وصف "العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا بالعملية الاستباقية، إذ يهدف منها الرئيس بوتين منع أوكرانيا من أن تصبح نقطة انطلاق للنازية الجديدة في أوروبا"، مؤكّداً أنّ "التمويل المفتوح للأسلحة قد يطيل أمد الحرب ويقرّب العالم من حافة الحرب العالمية الثالثة".

وشدّد الدكتور إلياس على أنّ "لا قيمة لأي عقوبات دولية على روسيا، سواء كانت أمريكية أو أوروبية"، معتبرا أنّ "هناك نوعًا من الحرب الباردة، كما أنّ هناك مشروعًا روسيًا صينيًا مشتركًا في منطقة الشرق الأوسط، والذي يتم التعبير عنه من خلال ما يسمى خطة 2030 السعودية".
وأضاف: "نحن نشهد آخر حلقاتها في الحرب في غزة، لأنه عندما تنتهي حرب غزة، ستنتهي حرب أوكرانيا أيضًا، مما سيؤدي إلى تشكيل منطقة شرق أوسط جديدة وشرق أقصى جديد. ولم يعد هناك ثقة لروسيا في أوروبا الغربية".
وتطرّق الدكتور للحديث عن العمل الإرهابي الأوكراني على كورسك واعتبر أنّ " ما فعله الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي هو خطأ استراتيجي كبير، إذ أنّ روسيا اليوم تشهد نموًا ديموغرافيًا واقتصاديًا وهي في ذروة إنتاجها وأرباحها الاقتصادية، وبالتالي ستعالج ملف عملية كورسك بهدوء، حيث يهدف هذا النهج إلى دفع زيلينسكي إلى طاولة المفاوضات"، مضيفًا أنّه "من بين الاحتمالات المطروحة هو حدوث انقلاب عسكري ضد زيلينسكي، مما قد يؤدي إلى تراجع القضية من قبضة حلف "الناتو"، لا سيمّا وأن القيادة الروسية اليوم تؤكّد بأنّها قادرة على تغيير مسار العمليات عبر تعطيل شبكات الاتصالات باستخدام الأسلحة النووية من خلال تكنولوجيا تتجنب إلحاق الضرر بالغلاف الجوي، وموسكو واضحة في أن مسارات الحرب لا تزال مفتوحة، وخصوصاً وأنّ الفريق الأوكراني بدعم من حلف شمال الأطلسي يهدف إلى خوض حرب مفتوحة، بينما الرئيس الروسي لا يرغب في أكثر من المناطق التي حددها كأهداف لعمليته العسكرية".
مناقشة