ضجة في ليبيا... ما حقيقة التقارير عن "فضيحة" توريد أدوية فاسدة لعلاج مرضى السرطان؟

أثار تقرير للمعهد القومي لعلاج الأورام بمدينة مصراتة التابع لوزارة الصحة الليبية، والذي تحدث عن استيراد وتوزيع أدوية مشبوهة ومجهولة المصدر لمرضى السرطان غير صالحة للاستخدام، ضجة كبيرة في ليبيا، ومطالب للنائب العام بكشف المسؤولين عن هذا الفساد.
Sputnik
وتعليقا على التقرير، قال رئيس لجنة الصحة والبيئة بمجلس النواب الليبي الدكتور نصر الدين مهنى، إن اللجنة سوف تباشر التحقيق في موضوع أدوية علاج الأورام من خلال المكتب الصحي في اسطنبول وما تم تداوله من أخبار عن الأدوية التي أستعملت وعن مصادرها.
وأكد عضو مجلس النواب الليبي في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن لجنة الصحة والبيئة تدرس هذا الأمر حاليا للتحقق مما نشر.

تقرير اللجنة العلمية

وحصلت "سبوتنيك" بشكل خاص على تقرير اللجنة العلمية بالمعهد القومي للأورام بمصراتة.
ووفقا للتقرير، رفضت اللجنة العلمية بقسم الباطنة وأمراض الدم بمعهد علاج الأورام، قبول الأدوية الحديثة التي تم استيرادها من طرف جهاز الإمداد الطبي، وكشفت أنّها تسبّبت بعد استخدامها بحساسية للمرضى وظهور أعراض جانبية لديهم، ساهمت بتطور وتضاعف أعراض المرض لديهم.
هل تتجه ليبيا إلى سيناريو النفط مقابل الغذاء؟
وأشارت اللجنة إلى أن الأدوية التي تم استيرادها من عدة شركات من دول الهند وقبرص وتركيا ومالطا، غير معروفة، ولا يمكن تجربتها على هذه الفئة من المرضى، داعية إلى ضرورة شراء الأدوية من الشركات الكبيرة ذات الكفاءة العلمية المعروفة عالميا، لضمان الحصول على نتائج جيدة في علاج الأورام.

مصدر خاص

من جانبه، قال عضو من أعضاء اللجنة العلمية (فضل عدم ذكر اسمه) لـ "سبوتنيك"، "ليس لدينا تصريح حول هذه الحادثة عدا ما تم نشره في وسائل الإعلام".
وأشار إلى أن الوثيقة التي تسربت كانت هي رأي اللجنة العلمية بشكل خاص ولم يكن مطروحا للإعلام الذي قام بتأويل الموضوع بشكل كبير.

رد رسمي

وفي السياق، ردت اليوم الخميس، وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية على ما تناقلته وسائل الإعلام حول توريد أدوية أورام غير ذات جودة، استنادًا إلى الكتاب الموجه من أعضاء اللجنة العلمية بقسم الباطنة وأمراض الدم بالمعهد القومي لعلاج الأورام بمصراتة، إلى مدير إدارة الصيدلة بالمعهد.
"فيروس الفساد" المسؤول الأول.. القطاع الصحي في ليبيا يدخل "الإنعاش"
وأكدت الوزارة أنها خاطبت الشركات التي تمت الإشارة إليها في كتاب اللجنة العلمية، لتبيان ما إذا قامت الشركات بتوريد الأصناف المشار إليها في ذات الكتاب، إلى القطاع الخاص في ليبيا، استنادًا على المعلومات الواردة في كتاب اللجنة العلمية، بأن المرضى قاموا في السابق بشراء بعض هذه الأصناف الأمر الذي نتج عنه تطور المرض لديهم على حسب ما أوردته اللجنة.
وأضافت: "أفادت الشركات بأنها لم تورد هذه الأصناف في السابق على الإطلاق إلى القطاع الخاص في ليبيا، وهنا يأتي السؤال الجوهري عن كيفية دخول الأصناف التي تسببت في ظهور أعراض جانبية على المرضى، ومن قام بإدخالها، وكيف تم تداولها، وهل تمت الرقابة عليها وتحليلها وإعطاء أذونات إفراج رقابي لها، أم أنها أصناف مغشوشة دخلت بطرق غير شرعية عبر المنافذ من قبل تجار الشنطة والمهربين، وهنا تجدر الإشارة إلى حقيقة أن الأدوية المغشوشة تشكل تهديدًا مباشرًا لصحة المرضى نظرًا لاحتوائها على مكونات مخلوطة بمواد خطرة تسبب مضاعفات صحية شديدة قد تصل إلى الوفاة".
وقالت الصحة بالوحدة الوطنية إن "اللجنة العلمية أوردت في تقريرها أن الأدوية تسببت في ظهور بعض الأعراض الجانبية على بعض الحالات، وهنا نستغرب من عدم اتباع اللجنة العلمية الطرق العلمية والمهنية الصحيحة في التعامل مع هذه الأمور، والإجراءات الإدارية المعمول بها في هذا الشأن داخل قطاع الصحة في ليبيا، من خلال إبلاغ قسم اليقظة الدوائية بوزارة الصحة، عبر نماذج التبليغ المعدة لذلك والموزعة في كل المؤسسات الطبية، خصوصًا أن ليبيا عضو دائم في منظمة "أوبسالا" الدولية للترصد الدوائي، الأمر الذي يمنحها القدرة على التحقق من هذه المعلومات والتشاور مع خبراء دوليين في هذا الشأن، والاستفادة من ردودهم العلمية، ومن تم إصدار التوجيهات السليمة المبنية على أسس علمية مدعمة بالأدلة والحجج العلمية وليس كلام نظري يفتقر للشواهد والأدلة".
مجتمع
علماء يكشفون عن نبات يزيد من فعالية علاج السرطان

تشكيل لجنة تقصي

كما أكدت وزارة الصحة أنه لم تردها أي خطابات من الهيئة الوطنية لعلاج الأورام، باعتبارها الجهة الفنية العليا في الدولة المعنية بمرضى الأورام، تفيد بتطور المرض لدى بعض المرضى نتيجة استخدامهم أصناف دوائية معينة، أو ظهور أي أعراض جانبية على المرضى نتيجة استخدام أصناف دوائية معينة .
وأشارت الوزراة إلى أن اللجنة العلمية في أوردت في كتابها أن هناك أعراض جانبية أقوى من السابق ظهرت على المرضى، وهنا تجدر الإشارة أنه في مثل هذه الحالات يجب أن يتم تقديم تقرير دقيق يتضمن الأعراض السابقة والأعراض الحالية لتتم المقارنة بينهما، وإلا فإن هذا الأمر لا يمكن فهمه سوى أنه تصعيد إعلامي لامسؤول يدخل في محل شبهة إثارة الفوضى والتشكيك في المؤسسات العامة، لضربها وإضعافه، خصوصًا في قطاع الدواء، وهذا التصعيد يجب أن يعقبه تقصي للمعلومات والوقوف على الحقائق من طرف الجميع.
ونبهت وزارة الصحة إلى أن علاج الأورام بالأدوية المخصصة لذلك، يصاحبه على الدوام أعراض جانبية، وتأثيرات قد تستلزم بقاء المريض في المستشفى لعدة أيام وهذا من طبيعة أدوية علاج الأورام.
مجتمع
دراسة: أدوية إنقاص الوزن قد تحارب السرطان
وتابعت الوزراة "أوردت اللجنة العلمية في تقريرها أن الأدوية الحديثة التي تم توفيرها عن طريق جهاز الإمداد الطبي هي من عدة شركات غير معروفة، وهنا يجب التصحيح بأن بعض الشركات الواردة في الكتاب مسجلة لدى وزارة الصحة في ليبيا منذ أكثر من 10 سنوات، أي منذ عام 2014، وتم تجديد إجراءات تسجيلها، وهذه الشركات تعد من الشركات التي تعتمد عليها الدولة الليبية لشراء أدوية مرضى (الأيدز، والتهاب الكبد الوبائي) منذ سنوات، وهي تعد من أكبر الشركات المنتجة للأدوية المضادة للفيروسات القهرية على مستوى العالم، كما أن الأصناف المشار إليها في الكتاب مصنعة في مواقع تصنيع مسجلة لدى وزارة الصحة وفقًا للآليات المعتمدة بالخصوص، ولا يتم توزيعها على المؤسسات الطبية إلا بعد حصولها على إفراج رقابي من مركز الرقابة على الأغذية والأدوية، الأمر الذي يعني أنها خضعت لأعمال فحص وتحليل وتقييم وتصديق على السلامة والجودة والفعالية.
كما أكدت وزارة الصحة في ختام بيانها أنها ستشكل لجنة تقصي متعددة التخصصات، برئاسة وكيل وزارة الصحة لشؤون المستشفيات، لمتابعة مصدر الشكوى، وحصر الأدوية المستخدمة بأرقام التشغيلات الخاصة، لإعادة تحليل الأصناف ومراسلة الشركات المصنعة، وتعزيز هذه المعلومات ببيانات المرضى، ومن ثم تقديم تقارير دقيقة حول الموضوع.
مناقشة