ما الهدف من تنقيح القانون الانتخابي قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الرئاسية في تونس؟

أثار إعلان البرلمان التونسي تلقيه مشروع قانون أساسي يقترح سحب سلطة المحكمة الإدارية على الانتخابات لصالح محكمة الاستئناف، قبل أسابيع قليلة من موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل جدلا سياسيا وقانونيا واسعا في البلاد.
Sputnik
وجاء في نص الوثيقة التي حصلت "سبوتنيك" على نسخة منها أن هذه المبادرة التشريعية ترمي إلى "ضمان وحدة الإطار القضائي الذي يتعهد بالنظر في النزاعات الانتخابية بما من شأنه أن يؤدي إلى تفادي سلبيات التوزيع الحالي على ثلاث نظم قضائية مختلفة تبين من خلال الواقع أنه توزيع يفتقر إلى الجدوى والنجاعة المطلوبتين".
هيئة الانتخابات التونسية تعلن استحالة تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية بشأن طعون الترشح للرئاسة
وبينما يرى النواب الموقعون على المبادرة أنه من بين أسباب اقتراح مشروع القانون هو الخلاف بين المحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد رفض الأخيرة حكما للمحكمة الإدارية يقضي بإعادة 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية.
وينبه معارضو الرئيس إلى أنه لا يمكن إدخال تنقيحات على القانون الانتخابي قبل أسبوعين من موعد الانتخابات.

تغيير القانون الانتخابي أمر غير مقبول الآن

وفي الإطار، يرى القيادي في التيار الديمقراطي هشام العجبوني أن كل دول العالم تقول بأنه لا يمكن تنقيح القانون الانتخابي ونظام الاقتراع قبل أسابيع من موعد الانتخابات.
وأضاف العجبوني لـ"سبوتنيك" أن الرئيس قيس سعيد وقبل أن يصبح رئيسا كان يقول بأنه إذا تم تعديل القانون الانتخابي قبل الانتخابات فإنه يعتبر اغتيالا للديمقراطية وللجمهورية.
ويتابع: "جهة المبادرة تريد الالتفاف على العملية الديمقراطية وهناك تعسف على قواعد اللعبة منذ بداية المسار الانتخابي".
كما أشار القيادي في التيار الديمقراطي إلى أن تنقيح القانون الانتخابي هو تمرد على المحكمة الإدارية قائلا: "لقد تبين بالواضح أنه ستكون هناك طعون على نزاع نتائج الانتخابات الرئاسية ويعلمون أن المحكمة الإدارية لا يمكن أن تتناقض مع أحكامها السابقة، وبالتالي يريدون الالتفاف على قراراتها".
وقال العجبوني إن "هناك استباق لقرارات المحكمة الإدارية بإلغاء الانتخابات وبالتالي سندخل في مرحلة خطيرة وهي مرحلة نزاع الشرعية".
الرئيس التونسي يحذر من تمويلات وتدخلات أجنبية في الانتخابات الرئاسية المقبلة

المحكمة الإدارية وسوء التصرف

على الطرف المقابل، قال المحلل السياسي باسل ترجمان، في حديثه لـ "سبوتنيك"، إن نواب البرلمان لهم الحق في تقديم أية مبادرة تشريعية يتم بموجبها تنقيح القانون الانتخابي.
وأضاف ترجمان بأن هذه المبادرة تم التقدم بها بسبب سوء تصرف المحكمة الإدارية في التعاطي مع الشأن الانتخابي.
ويرى المحلل السياسي أن المحكمة الإدارية سجلت أخطاء جوهرية قائلا:" يتمثل الخطأ الأول في عدم الرد على الرسالة التي وجهها رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، وطالبهم فيها بتسليم أثر كتابي وليس منطوق حول إعادة ثلاثة مترشحين للسباق الانتخابي".
ويتابع: "الخطأ الثاني هو أن المحكمة الإدارية تتكون من أربعة قضاة وكان من واجبهم التجريح بأنفسهم قبل الجلسة بحكم أنه كانت لهم مناصب سياسية سواء مع حكومة النهضة أو مع حكومة الرئيس الأسبق الباجي قائد السبسي".
كما أشار باسل ترجمان إلى أنه "لا يمكن لقاض تقلد منصبا سياسيا أن يكون له دور في إصدار قرار في نزاع له شأن سياسي وليس انتخابي"، على حد قوله.
ولفت ترجمان إلى أنه لا توجد في العالم محكمة إدارية تختص في الشأن الانتخابي وبالتالي كان يجب أن تكون هناك محكمة دستورية قائلا: "لقد أقر دستور 2014 أن يتم انتخاب محكمة دستورية وأن يبدأ عملها بعد سنة من الجلسة العامة لمجلس النواب الذي تم انتخابه في سنة 2014".
انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في تونس

المحكمة الإدارية فقدت شرعيتها القانونية

واتهم المحلل السياسي باسل ترجمان، منظومات الحكم السابقة بتعطيل إرساء المحكمة الدستورية قائلا: "كل ما أتخذ من قرارات منذ 2015 إلى 2021 ينطوي على مخالفات لأنه لم يكن هناك محكمة دستورية تقر بدستورية أو غير دستورية هذه القوانين".
ويرى ترجمان أنه لو أعيد فتح ملف المحكمة الدستورية فإنه سيكون هناك أزمة كبرى في تونس باعتبار وأن كل القوانين التي أقرت منذ سنة 2015 الى سنة 2021 ساقطة قانونيا.
ويذهب المحلل السياسي في تصريحات لـ"سبوتنيك" بأن دستور 2022 أقر وجود محكمة دستورية ومن المنتظر أن يعمل مجلس النواب في المرحلة القادمة على إرساء المحكمة لغلق الأبواب أمام الخلل الدستوري الذي تعيشه اليوم.
وأفاد ترجمان بأن المحكمة الإدارية تتبع رئاسة الحكومة وهي التي يتوجب عليها أن تجد مخرجا إما من خلال عزل أو إعفاء رئيسها ورؤساء الدوائر المجتمعين فيها وتعيين جدد أو أن يتم إيجاد صيغة عبر مجلس النواب.
تونس.. قرارات القضاء الإداري تغير بوصلة المسار الانتخابي وتشعل المنافسة بين المرشحين
ويرى باسل ترجمان أن ما قامت به المحكمة الإدارية من خلال إعادة ثلاثة مترشحين إلى السباق الرئاسي أفقدها شرعيتها متسائلا: "ما هو دور هذه المحكمة التي تصدر قرارات لا يتم الالتزام بها من أي طرف حكومي".
ومن جهته يعتبر القيادي في مسار 25 جويلية/ يوليو محمود بن مبروك بأن الأحكام التي صدرت مؤخرا من قبل القضاء الإداري في علاقة بإعادة ثلاثة مترشحين إلى السباق الرئاسي لا تمثل إرادة الشعب التونسي قائلا :" هي أحكام تجاوزت مسألة ازدواجية الجنسية ومسألة التزكيات".
وقال ابن مبروك لـ"سبوتنيك"، إنه توجد مؤامرة تحاك ضد الدولة التونسية متمثلة في وجود أطراف تعد أحكاما جاهزة لتغيير نتائج الانتخابات الرئاسية من خلال إبطالها والتوجه إلى القضاء الدولي.
ويتابع: "المحكمة الإدارية تبيّن بالكاشف أنها غير محايدة ومنحازة لمنظومة الحكم السابقة التي كانت تقودها حركة النهضة".
مناقشة