الانعكاسات السلبية لهذا الارتفاع تشمل تسبب ارتفاع في أسعار المواد الأساسية مثل الغذاء والأدوية، مما يزيد من الأعباء على المواطن العادي. كما أن انخفاض قيمة الدينار يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للرواتب والأجور، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على الأسر الليبية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا الانخفاض في قيمة العملة إلى تفاقم التضخم، ويجعل من الصعب على الحكومة تمويل الإنفاق العام أو دعم برامج اجتماعية لتحسين الوضع المعيشي.
مؤشرات سلبية
يرى الأكاديمي الليبي والخبير الاقتصادي علي الشريف، أن هذا الارتفاع الكبير في قيمة الدولار امام الدينار الليبي يأتي نتيجة الاهتزازات التي تمر بها المؤسسة النقدية المتمثلة المصرف المركزي الليبي، و الإشكال السياسي حول تعيين المحافظ ومجلس الإدارة الجديد، كل هذه المعطيات ألقت بظلالها على سوق الدولار وأدت لضعف قيمة الدينار الليبي في السوق الموازي.
مؤكدا بأن عدم وجود إدارة متفق عليها في المصرف المركزي أدى إلى إلى إيقاف جزء من عمل المنظومات الخارجية المتعلقة بالاعتمادات المستندية والأغراض الشخصية، التي أدت إلى انخفاض حجم المعروض من الدولار، وانعكس هذا الأمر على ارتفاع سعر الدولار واحتفاظ المضاربين بالدولار وعدم بيعهم له متوقعين ارتفاعه مستقبلا وبيعه بأسعار أكبر.
وأوضح الشريف في حديثه لـ "سبوتنيك" أن سيطرة المضاربين على السوق بسبب تأخر المصرف المركزي في مهامه وهي السبب في ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي، وسوف يؤثر ذلك على ارتفاع السلع المحلية في السوق الليبي ، لأن السوق الليبي يعتمد بشكل كلي في طلبه على الواردات المرتبطة بالدولار وبالتالي سوف ترتفع أسعار السلع في السوق الليبي مما سيحدث آثار تضخمية كبيرة، يؤدي لانخفاض الدخل الحقيقي للأفراد وارتفاع معدلات الفقر في ليبيا.
وأكد أن الحلول لن تأتي إلا بالتعجيل في تشكيل محافظ للمصرف ومصرف إدارة جديد للمصرف المركزي على أن يكونوا أشخاص من ذوي الخبرة والاختصاص بعيدا عن الولاءات الشخصية والمحاباة، لأن المصرف يحتاج لشخص اقتصادي بالدرجة الأولى ومصرفي بالدرجة الثانية وليس أي شخص يتم اختياره دون النظر للمعايير الصحيحة.
وشدد على ضرورة أن يتم اختيار مجلس إدارة يضم نخبة من الخُبراء من المصرفيين والاقتصاديين والقانونيين، بحيث يكونوا في مستوى المسؤولية وقادرين على حل أي مشكلات قد تواجه عمل المصرف مثل انخفاض قيمة العملة أو ارتفاعها وتأثيرها على الأفراد بشكل مباشر، يحب أن تكون هناك دراسات مباشرة تتعلق بمعيشة الأفراد والتأثيرات المباشرة عليهم.
انخفاض كبير
من جانبه قال المحلل السياسي والأكاديمي الليبي إلياس الباروني، أن الأزمات الأخيرة أدت إلى انخفاض العملة الليبية أمام الدولار، وأثرت بشكل سلبي على المستوى الاقتصادي للفرد والدولة الليبية، وسوف يؤدي ذلك إلى العديد من الإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية للمواطن الليبي وكلما زادت الأزمة كلما زادت تأثيراتها السلبية على كافة الأصعدة.
وأضاف الباروني في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن ارتفاع سعر الدولار امام الدينار الليبي لها تأثيرات اقتصادية على مستوى الاقتصاد الوطني الليبي، الذي يعتبر اقتصادي ريعي والذي يعتمد بشكل كبير على النفط، وهذا الأمر له تأثيرات كبيرة خاصة بعد قفل النفط الذي ساهم بشكل كبير في تدني قيمة الدينار الليبي أمام الدولار.
واعتبر الاكاديمي الليبي "أن هذا الأمر له تأثيرات كبيرة على كافة المستويات منها التعليمي والصحي، ناهيك عن المستويات الأخرى التي تتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر جراء ارتفاع سعر الدولار، الذي ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار لأن السوق الليبي يعتمد على الواردات من الخارج التي تعتمد على العملة الأجنبية، بالإضافة إلى ضعف القوى الشرائية من الاسواق الليبية والذي أثر في كيفية تعاطي المواطن الليبي مع المتغيرات السريعة جراء انخفاض قيمة الدينار".
وأوضح أن النظام المالي في ليبيا يعاني طيلة السنوات الماضية ومنذ عقود طويلة، وقال أن النظام المالي يعتمد على بيع العملات الأجنبية في الأسواق الموازية، ولم تكن هناك أي ردود فعل بعد الآثار السلبية لهذا الإجراء، ولم يكن هناك أي ردود من الشارع الليبي، بالإضافة إلى الصمت الكبير من الرأي العام تجاه هذه السياسات المتصارعة التي تشهدها البلاد من تجاذبات مماحكات سياسية.
وقال إن تأثير هذه الأزمة الاقتصادية على المجتمع الليبي، سوف تؤدي إلى زيادة الفوارق الطبقية وانتشار الفساد. وأن الأزمات الاقتصادية غالبًا ما تستفيد منها قلة من الناس، مثل أصحاب رؤوس الأموال، بينما يعاني باقي المجتمع من التدهور الاقتصادي.