وكانت وزارة الدفاع الإسرائيلية، قد أعلنت أمس الخميس، أن إسرائيل ستحصل على حزمة مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه تم بالفعل تحويل 3.5 مليارات دولار من حزمة المساعدات هذه إلى حساب وزارة الدفاع.
ووفقا للبيان، فإن هذه المساعدات مخصصة للمشتريات العسكرية الأساسية، وسيتم إنفاق الـ5.2 مليارات دولار المتبقية على أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود"، بالإضافة إلى نظام ليزر متقدم.
ويجمع مراقبون متخصصون بالقول إن هناك ازدواجية للمعايير في السياسة الأمريكية، التي تتبعها واشنطن في المنطقة، وأنها تتبع في لبنان ذات النهج في غزة، مؤكدين أن هذه المساعدات من شأنها أن تدمر المنطقة برمتها.
مزاعم أمريكية وأوروبية
اعتبر داوود رمال، المحلل السياسي، أن "نفس السياسة الأمريكية والأوروبية، التي اعتمدت في التعاطي مع الحرب على غزة، تتم الآن جنوب لبنان، حيث تقدموا بمبادرة لوقف مؤقت لإطلاق النار بينما يستمرون في دعم حكومة نتنياهو بالسلاح والمال، وبكل مقومات الصمود الاقتصادي في الداخل الإسرائيلي للاستمرار بالحرب التي يخوضها".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، ليس مستغربا إعلان واشنطن رزمة جديدة للمساعدات العسكرية لإسرائيل، والتي يمكنها تدمير لبنان، لكنها تأتي ضمن السياسة الأمريكية المعتمدة على قاعدة إعادة توازن القوى لصالح إسرائيل، كما فعلته في غزة وتقوم به في لبنان.
ويرى أن "كل المزاعم عن وساطة لحل دبلوماسي تنفضح لمجرد معرفة المحادثات في الكواليس وأروقة الأمم المتحدة، والتي تتحدث عن نفس الأهداف للحرب القائمة، وهي القضاء على حركات المقاومة في المنطقة، والآن التركيز على "حزب الله" تحت عنوان تدميره"، مضيفًا: "أمريكا ليست شريكة في هذه الحرب، بل هي من تقود هذه الحرب على دول وشعوب المنطقة، وتحديدا في لبنان، والمسألة ليست تدمير "حزب الله"، بل تدمير لبنان وتحويله إلى غزة ثانية".
وأكد أن "رزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل تفضح النوايا الحقيقية لهذه الإدارة المتهالكة التي لم تستطع صنع أي شيء لمدة 4 سنوات، ولم يستجب لها نتنياهو في إعادة التفاوض على قاعدة حل الدولتين، فكيف يمكن أن يستجيب لمساعيها الدبلوماسية الجديدة، وهي تغادر الحكم بعد أيام، وأصبحت في حكم المعطلة دبلوماسيا عن إدارة شؤون الخارجية.
كيل بمكيالين
من جانبه، اعتبر ثائر أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، أن "إعلان إسرائيل حصولها على حزمة مساعدات أمريكية بقيمة 8.7 مليار دولار، للمشتريات العسكرية في ظل استمرار الحرب المتواصلة على غزة ولبنان، خطوة خطيرة وحساسة في هذه الظروف وهذا التوقيت، نظرا لحرب إسرائيل المستمرة على قطاع غزة من جهة وعلى لبنان من جهة أخرى".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، المساعدات الأمريكية في هذه الظروف الحالية تعمل على استدامة عمر الحرب سواء في غزة أو لبنان، وتعمل دعم إسرائيل وإطلاق يدها من أجل مواصلة العدوان بشكل مكثف ومستمر، مما يعني التكلفة الباهظة والخسائر الفادحة التي ستعمل على زيادة الضحايا والقتلى والمصابين وتدمير المنازل والمباني السكنية في غزة ولبنان.
وتابع: "تقديم المساعدة والدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل من جهة، وتبني الإدارة الأمريكية مبادرات التفاوض وعرض نفسها كوسيط محايد من خلال طرحها العديد من مقترحات الهدن، سواء على صعيد غزة أو لبنان، هو أمر مستغرب جدا ويناقض نفسه، لأن تقديم الدعم العسكري وطرح مبادرات التوصل إلى اتفاق أمران مختلفان ولا يتقابلان ولا يؤديان في نفس الوقت إلى نتيجة واضحة تكون ركيزة مستقبلية ليتم البناء عليها لتحقيق الهدوء المستدام".
وطالب أبو عطيوي الولايات المتحدة الأمريكية بـ"عدم الكيل بمكيالين، والتعامل بشكل واضح في مبادرات التهدئة التي تطرحها، وألا تكون فقط للاستهلاك الإعلامي، أو خدمة الدبلوماسية الأمريكية في محاولة إرضاء الجلاد على حساب الضحية، حيث يجب أن ينحاز موقفها للضحية، والوقوف بجانب العدالة الإنسانية، والقوانين الدولية، والضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في لبنان وغزة".
تناقض المواقف
وكان الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، قد أكد في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "تزويد الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل بحزمة مساعدات لدعم جهودها الحربية، يعبر عن انفصام وازدواجية في المعايير وتناقض في المواقف والسياسة".
وأضاف أن "دعم واشنطن لإسرائيل بالسلاح بالتزامن مع تقديم مبادرات لوقف الحرب في غزة، يكشف حقيقة السياسة الأمريكية، التي تبيع الوهم للدول العربية، وتعطي السلاح لإسرائيل".
وتابع: "أمريكا تبيع الكلام المعسول الذي لا يثمن ولا يغني من جوع للعرب والمسلمين والعالم، وتقدم السلاح لإسرائيل من أجل قتل الفلسطينيين واللبنانيين والاعتداء على العرب"، مؤكدًا أن "هذه السياسة الأمريكية لا يمكن أن تقود إلا إلى مزيد من التوتر والعنف والصراع والحروب".
وأوضح الهباش أن "المصالح الأمريكية ستكون أول المتضررين من هذه السياسة، حيث لن تبقى الأمور على هذا الوضع، أمريكا ليست القدر المحتوم للعالم الذي يمكن أن يتغير في لحظة، وعليها أن تختار بين القانون الدولي وإقامة علاقات بين الدول والشعوب على أساس الاحترام المتبادل، وما بين محاولات الهيمنة التي لن تفضي إلا لمزيد من مشاعر الكراهية ضد أمريكا، وتهديد مصالحها وسياساتها في المنطقة".
وفيما يتعلق بالمبادرة الأمريكية الأخيرة لوقف الحرب في لبنان وغزة، أكد الهباش أن "الأمر مرتبط بصدق النوايا الأمريكية، وهو أمر مشكوك فيه، باعتبار أن واشنطن لا تحتاج إلى تقديم مبادرات، فقط يكفيها أن تطلب من إسرائيل وقف عدوانها وستفعل".
وأتم مستشار الرئيس الفلسطيني، قائلًا: "هذا الأمر لا يحتاج إلى مبادرة أو أفكار، فقط لإرادة لوقف الحرب، وواشنطن غير صادقة وغير جادة في توجهها لوقف العدوان الإسرائيلي في المنطقة، على العكس من ذلك، تمد إسرائيل بكل أدوات الحرب".
وصرح وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أن هناك خطر اندلاع "حرب شاملة" في الشرق الأوسط، في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني.
كما نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صحة تقارير إعلامية تشير إلى قرب التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني.