هل تمتلك المعارضة التونسية القدرة على تعديل موازين القوى في الشارع قبل الانتخابات الرئاسية؟

في الوقت الذي تقترب فيه ساعة الانتخابات الرئاسية التونسية، المقرر إجراؤها في السادس من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، تتصاعد تحركات المعارضة التونسية تنديدا بما آلت إليه الأوضاع في مسار الانتخابات الرئاسية، بحسب تقديرها.
Sputnik
وتعيش البلاد في الأيام الحالية، على وقع متغيرات عدة قلبت موازين الساحة السياسية، لعلّ أبرزها مصادقة البرلمان على تنقيح القانون الانتخابي باتجاه تجريد المحكمة الإدارية من سلطتها على الانتخابات، وهو ما سيقطع الطريق أمام أي محاولة للطعن في نتائج الانتخابات أمام القضاء الإداري.
فكيف تخطط المعارضة التونسية، وعلى رأسها الشبكة التونسية للحقوق والحريات، للتحرك في المرحلة المقبلة؟ وما هو موقف الأحزاب المساندة لـ"مسار 25 يوليو" منها؟
قيس سعيد: على أوروبا أن تعي أن مسار "25 يوليو" كان ضروريا "لإنقاذ الوطن"
شبكة الحقوق والحريات.. الوجه الجديد للمعارضة
في مطلع سبتمبر/ أيلول الجاري، أسدلت جمعيات وأحزاب يسارية وليبرالية الستار عن ائتلاف جديد أطلقت عليه اسم "الشبكة التونسية للحقوق والحريات"، ويضم أكثر من 10 منظمات وجمعيات من ضمنها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والديناميكية النسوية، و9 أحزاب سياسية من بينها التيار الديمقراطي، والحزب الجمهوري والاشتراكي والعمال، وآفاق تونس، والتكتل، وائتلاف صمود.
يلاحظ المنسق العام لائتلاف صمود وعضو الشبكة التونسية للحقوق والحريات، حسام الحامي، عودة الحراك الشعبي في الشارع التونسي.
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك": "في الفترة الأخيرة عادت المواجهة السياسية بين المعارضة والسلطة. وهذه المواجهة اتخذت مسارات مختلفة، منها السياسي في علاقة بتقديم ترشحات للانتخابات الرئاسية والمعارك التي تم خوضها في هذا الجانب، ومنها القانوني والقضائي بعد أن تقدّم المجتمع المدني وسياسيون بالعديد من القضايا والطعون لدى القضاء العدلي والإداري، وبعضها أتى أكله وفضحت ممارسات السلطة".
"أما المسار الثالث، فهو مسار شعبي اختارت الشبكة التونسية للحقوق والحريات خوضه عن طريق التظاهر المدني السلمي، وتنظيم سلسلة من الاحتجاجات في مختلف بقاع الجمهورية التونسية"، بحسب تأكيد الحامي.
وتابع: "نحن نعتبر أن ذلك ضروري من أجل الضغط على السلطة من ناحية، ومن أجل إنارة الرأي العام بالخروقات التي ترتكبها هذه السلطة، وخاصة المواطن التونسي الذي نعتبره صاحب السلطة الأصلية".
ويؤكد الحامي أن "هذه التحركات ستتكثف بعد السادس من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل"، مشيرا إلى أن "الشبكة تعتبر الانتخابات محطة نضالية وبالتالي ستواصل هدفها الأساسي، وهو الدفاع عن دولة القانون والحريات، وكشف الإخلالات التي ترتكبها السلطة من أجل الضغط عليها".
وحول إمكانية التحاق جبهة الخلاص الوطني بشبكة الحقوق والحريات، يؤكد الحامي: "هذه الفرضية غير واردة بالمرة، لأننا نعتبر أن مكونات جبهة الخلاص الوطني هي من أوصلنا إلى هذه الوضعية بالتباطؤ في تشكيل المحكمة الدستورية حينما كان ذلك ممكنا".
وقال الحامي إن "الشبكة منفتحة على توسيع رقعة الشراكة والتشبيك مع كل الطيف المدني الديمقراطي، باستثناء جبهة الخلاص الوطني التي تعتبرها الشبكة خطا أحمرا"، وفقا لتعبيره.
"لينتصر الشعب".. مبادرة سياسية في تونس لدعم مسار 25 يوليو
عودة محدودة للمعارضة
بدوره، يلاحظ المحلل السياسي، مراد علالة، "وجود مؤشرات على عودة الحياة والحركة في أوساط المعارضة التونسية، لكنها تبقى عودة محدودة وتشوبها الكثير من الإشكاليات"، وفقا لقوله.
وأوضح في تصريحات لـ"سبوتنيك": "يتمثّل الإشكال الأول في تشتت المعارضة، فالشبكة التونسية للحقوق والحريات تتحرك بمفردها، والحزب الدستوري الحر يتحرك بمفرده، وجبهة الخلاص الوطني ومن ورائها حركة النهضة تحاول الاقتراب من شبكة الحقوق والحريات، لكنها تجد حرجا في مواجهة الشارع والخروج بوجه مكشوف إلى الشارع جراء الوضع الخاص الذي تمر به حركة النهضة وقياداتها".
ويشير علالة إلى "وجود معارضات وليس معارضة واحدة في المشهد السياسي الراهن"، لافتا إلى أن "المعارضة تتخذ من الإشكاليات القانونية والمعركة بين المحكمة الإدارية وهيئة الانتخابات وقودا للعودة إلى الحياة السياسية، وأن المجال الوحيد الذي تتحرك فيه إلى حد الآن هو الاستثمار في أخطاء السلطة".
وتابع: "الارتقاء بعمل المعارضة يستوجب الذهاب أكثر من ذلك، ويتطلّب أولا العمل على توحيد الصفوف وثانيا تجميع التونسيين وكسب تأييدهم، وثالثا تقديم رؤى وتصورات وبرنامج متكامل للخروج من الأزمة الراهنة".
ويقلل علالة من قدرة المعارضة التونسية بمختلف مكوناتها على تغيير موازين القوى قبل الانتخابات، مشيرا إلى أن "العملية الانتخابية تكاد تكون مكتملة تقنيا".
وأضاف: "على المعارضة أن تتعامل مع هذا الحدث على أنه نقطة تحوّل وأن تستثمر في هذا الاستحقاق كي تبني للمستقبل"، معتبرا أن "وقوف المعارضة على هذا الحدث هو بمثابة إعلان وفاة لها".
تونس... حراك 25 يوليو يتعهد بإفشال إضراب اتحاد الشغل
المعارضة تسعى إلى إفشال "مسار 25 يوليو"
في المقابل، يرى الأمين العام لحزب "مسار 25 يوليو"، محمود بن مبروك، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "الهدف الوحيد للمعارضة التونسية بمختلف مكوناتها هو إسقاط منظومة الخامس والعشرين من يوليو وإفشال مسارها".
ويعتقد بن مبروك أن "الشبكة التونسية للحقوق والحريات لا تختلف عن بقية مكونات المعارضة"، مستغربا التقاء بعض مكوناتها التي كانت "لا تلتقي سابقا لا من حيث التوجهات ولا من حيث الأفكار والأيديولوجيات"، بحسب قوله.
وتابع: "لا تمتلك المعارضة أهدافا بعيدة المدى ولا برنامجا يخوّل لها تجميع التونسيين حوله، فهدفها الوحيد هو إسقاط "مسار 25 يوليو"، ولو تحقق الهدف الذي تصبو إليه لتفرقت مجددا بحثا عن مصالحها الخاصة كما كانت تفعل سابقا".
وحول الاتهامات التي وجهتها المعارضة التونسية للسلطة وللبرلمان بالانقلاب على المسار الديمقراطي وانتقادها لمسألة تعديل قانون الانتخابات وتجريد المحكمة الإدارية من سلطتها على الانتخابات، قال بن مبروك إن "هذه التعديلات هي انتصار لإرادة الشعب الذي لم تعد له ثقة في القضاء الإداري".
وأضاف: "على عكس رواية المعارضة، تعديل قانون الانتخابات لم يكن لغاية في نفس الرئيس قيس سعيد، وإنما كان نتاجا لوجود مؤامرة تحيكها بعض الأطراف التي تجمعها صلة بقضاة في المحكمة الإدارية، حيث يقع التحضير لفرضية الطعن في نتائج الانتخابات قبل صدورها".
وفي يوم الجمعة 27 سبتمبر الجاري، صوّت مجلس نواب الشعب بأغلبية نوابه على تعديلات في القانون الانتخابي، تسحب سلطة المحكمة الإدارية على الانتخابات لصالح محكمة الاستئناف.
وتأتي هذه الخطوة بعد أزمة غير مسبوقة بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الإدارية التي أصدرت حكما يقضي بإرجاع 3 مترشحين (المنذر الزنايدي، عماد الدايمي، عبد اللطيف المكي) إلى السباق الانتخابي، وهو ما عارضته هيئة الانتخابات.
مناقشة