راديو

انتخابات تشريعية مرتقبة في إقليم كردستان العراق وسط صراعات محلية وإقليمية

يعتبر إقليم كردستان العراق من البؤر الساخنة دائما في المنطقة، حيث يشهد إما صراعات داخلية محلية بين القوى الحزبية المتنافسة على زعامة الإقليم، أو صراعات أخرى مع الحكومة المركزية في بغداد.
Sputnik
لكن الصراع الأخطر الذي يحيط بهذا الإقليم يكمن في التهديدات التركية والإيرانية التي سرعان ما تنقلب إلى هجمات عسكرية تعصف بأمن الإقليم بذريعة إيواء أربيل عناصر توصف بالإرهابية من أنقرة وطهران.
محليا يستعد إقليم كردستان العراق لإجراء الانتخابات التشريعية في العشرين من أكتوبر الجاري، وقد بدأت الدعاية الانتخابية للمرشحين قبل أسابيع قليلة وتنتهي في 15 أكتوبر/تشرين الأول، أي قبل 5 أيام من موعد إجراء الانتخابات في العشرين من الشهر ذاته.
وكان الإقليم قد دخل في مرحلة "فراغ قانوني" عقب إعلان المحكمة الاتحادية العراقية في بغداد في نهاية مايو/أيار 2023، بطلان قانون "تمديد برلمان كردستان" المُقر من البرلمان نفسه في أكتوبر 2022، ثم تبعه قرار آخر في سبتمبر/أيلول 2023، بعدم دستورية تمديد ولاية مجالس محافظات الإقليم، لمخالفته أحكام مواد دستورية اتحادية.
من جهته، أكد رئيس مجلس المفوضين القاضي عمر أحمد محمد -خلال مؤتمر صحفي- أن المفوضية انتهت من جدول عمل الدورة السادسة من انتخابات برلمان كردستان، مشيرا لترشح 1190 شخصا ومشاركة 136 قائمة انتخابية، وتوفير 1431 مركز اقتراع تشمل مراكز للتصويت العام وأخرى للخاص.
واستباقا لإعلان المفوضية، شهدت مدن الإقليم وساحاته الرئيسية سباقًا محمومًا بين الأحزاب المرشحة لرفع صور الدعاية الانتخابية، التي تتضمن غالبا اسم المرشح وانتماءه الحزبي، إلى جانب الشعارات التي تسعى لكسب ميول المواطنين.
ويقف على رأس تلك القوائم، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة قيادته التاريخية مسعود البارزاني، وخلال السنوات الماضية، امتلك الحزب أغلبية برلمانية بسيطة مع حلفائه من المكونات، جعلته يتمكن من تمرير إراداته في القضايا السياسية والتشريعية الحساسة، كما أنه يسيطر على إدارة محافظتي أربيل ودهوك، إضافة إلى المسؤولية عن الملفات الحساسة.
وشهدت محافظة السليمانية خصوصا انشقاقات، رافق بعضها إجراءات حزبية متوترة ومداهمات أمنية، فقد استولى بافل الطالباني على زعامة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بعد أن قرر فض شراكة الرئاسة مع ابن عمه لاهور شيخ جنكي.
ومن المقرر أن يشارك لاهور شيخ جنكي، في الانتخابات بقائمة مستقلة على مستوى 4 دوائر، عبر قائمة حزب "جبهة الشعب"، التي عقدت مؤتمرها التأسيسي في شهر مارس/آذار الماضي في أربيل بمشاركة 160عضوا، وانتهت باختيار فرهاد عمر رئيسا للحزب.
وتشهد نسبة المشاركة في الانتخابات في إقليم كردستان العراق تراجعًا مستمرًا، حيث انخفضت من 87 في المئة في عام 1992 إلى 60 في المئة في عام 2018. وفي انتخابات البرلمان العراقي في بغداد، كانت نسبة المشاركة في إقليم كردستان 36 في المئة.
في حديث لـ"لقاء سبوتنيك" قال رئيس دائرة الإعلام والمعلومات في حكومة إقليم كردستان، جوتيار عادل، إن الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان العراق وسيلة لتداول السلطة السياسية وتجديد لشرعية المؤسسات السياسية.
واعتبر أن تجربة الإقليم منذ عام 1992 متفردة بمشاركة دائمة من المواطنين، وفي أغلب الأوقات تنتج حكومات تتألف من تحالفات حزبية، مشيرا إلى أهمية ذلك في سمعة ومكانة الإقليم على مستوى المنطقة والعالم.
وذكر أن إقليم كردستان له دور فاعل في أمن المنطقة، لذلك تهتم حكومة الإقليم بتوفير الأجواء المناسبة ليطمئن الناخب والأحزاب للمشاركة في عملية التصويت، بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات في بغداد لتسهيل العملية.
وأكد أن المنافسة تحتدم بين الأحزاب الكبيرة في الإقليم وهي الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وهناك تيارات سياسية أخرى تدخل المنافسة، لكنهم لا يمثلون قوة أمام الأحزاب الكبرى.
وأشار إلى أن الإقليم سيكون مقسم لأربع دوائر انتخابية، على عكس المرات السابقة حيث كان دائرة انتخابية واحدة، مبينا أن حظوظ الأحزاب الصغيرة سوف تقل في تمثيل البرلمان.
وعن العلاقة بين أربيل وبغداد، صنف رئيس دائرة الإعلام والمعلومات في حكومة إقليم كردستان، المشاكل بينهما إلى مستويين: تكتيكية فنية ومالية إدارية، مؤكدا أنها لا تمثل أزمات كبيرة بين رئيسي الحكومتين.
وأضاف أن المشاكل الأخرى بين الإقليم وبغداد لم يتم حلها بشكل مناسب ولا توجد إرادة لحلها، مثل المناطق المتنازع عليها، وما يشير له الدستور العراقي في المادة 144، وهي إشكالية حقيقية لم يتم حلها حتى الآن.
وعن الدعوات التي تطالب بانفصال الإقليم تماما عن العراق، أكد جوتيار أن حق تقرير المصير كفلته التشريعات والمواثيق الدولية، وهو حق مشروع لأي شعب لا يتمتع بكيان سياسي مستقل، لكن رؤية الإقليم هي بناء كيان اقتصادي مستقل أولا، وتبقى مسألة تأسيس الدولة مرهونة بالمستقبل وبمجموعة من العوامل الإقليمية والدولية.
مناقشة