وقعت عقب "العشرية السوداء"... لماذا تتمسك الجزائر بتعديل "اتفاق الشراكة" مع أوروبا

قال خبراء إن مراجعة "اتفاقية الشراكة" مع الجانب الأوروبي باتت حتمية، في ظل قدرة الجزائر على فرض إرادتها وامتلاكها العديد من أوراق الضغط.
Sputnik
وفق الخبراء فإن جوانب الخلل تعود للظروف التي وقعت فيها الاتفاقية في العام 2002، بعد أزمة أمنية عاشتها الجزائر وهي ما عرفت بـ"العشرية السوداء"( 1991-2002)، حيث سعت أوروبا للحصول على مكاسب أحادية، فيما تغاضت الجزائر نظرا لسعيها للاستقرار، وحاجتها للتمويل الأجنبي.
وفي الآونة الأخيرة، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عن الشروع في مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي بداية العام 2025، وذلك خلال لقاء له مع وسائل إعلام محلية.

مطالب سابقة؟

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، طالب الرئيس عبد المجيد تبون حكومته "بإعادة تقييم اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بندا بندا"، من أجل تحقيق الاستفادة المشتركة.
بعد التطورات الأخيرة... إلى أين يصل التوتر بين الجزائر وفرنسا؟
تعد اتفاقية "الشراكة" مع الاتحاد الأوروبي، الموقعة في فالنسيا (إسبانيا) في أبريل/ نيسان 2002، والتي دخلت حيز التنفيذ في العام الأول من سبتمبر/ أيلول 2005، أبرز الملفات الخلافية بين الجزائر والجانب الأوروبي منذ سنوات.

ضرورة حتمية

من ناحيته قال عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان الجزائري، عبد القادر بريش، إن الرئيس عبد المجيد تبون، كانت لديه الرغبة بشأن مراجعة اتفاق الشراكة مع أوروبا منذ توليه الرئاسة في العهدة الأولى.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الرئيس أمر بإعداد ملف حول "الاتفاق" منذ العام 2020، والذي تتبين فيما بعد المراجعة، أن الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في العام 2005، لم يكن في صالح الجزائر، إذ تبين أن الجانب الأوروبي ربح على حساب الطرف الجزائري، بصورة غير متكافئة.

تكافؤ الفرص؟

وتابع بريش: "بلغت الصادرات الأوروبية إلى الجزائر تجاوزت 350 مليار دولار، في حين أن الصادرات الجزائرية نحو أوروبا لم تتجاوز 30 مليار دولار، وبلغت خسائر الخزينة العمومية الجزائرية تجاوزت 35 مليار دولار نتيجة التفكيك الجمركي".
ويرى أن هناك ضرورة لإعادة النظر في الاتفاق، خاصة أن الطرف الأوروبي يلح على الجزائر لفتح السوق من أجل تصريف المنتتجات الأوروبية، فيما يتجاهلون البنود الأخرى المرتبطة بحركة الأفراد ونقل التكنولوجيا وغيرها من الجوانب التي لم تفعل.

ملاحق مجحفة

ويوضح، أن الاتفاقية " تستند على 110 بندا موزعة على 9 محاور، 6 ملاحق و7 بروتوكولات. يعتبر أكبر محور في الاتفاقية هو المحور الثاني الموسوم بـ"حرية تنقل البضائع" يضم 23 مادة".
عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية يكشف لـ"سبوتنيك" تفاصيل هامة حول الأزمة مع الجزائر
واستطرد:"هذا المحور لوحده يرتبط بخمسة ملاحق من الملاحق الستة. وقد وُضعت لأجله أيضا ستة بروتوكولات، ومن بين ثمانية أبواب للبروتوكول السادس تم تخصيص أربعة أبواب مخصصة فقط لتنظيم مواد المحور الثاني المتعلق بحرية تنقل البضائع".
وفي يونيو/ حزيران 2022، علقت الجزائر معاهدة "الصداقة وحسن الجوار والتعاون" التي أبرمتها عام 2002 مع إسبانيا، بعد تغيير مدريد موقفها بشأن الصحراء الغربية، وتأييدها مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب عام 2007.
في الإطار قال الاقتصادي الجزائري، أحمد طرطار، إن مراجعة اتفاقية الشراكة مع أوروبا، اصبحت حتمية، بحكم الظروف التي وقعت فيها.

استفادة أحادية

وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن إبرام الاتفاق في 2002، لم يكن في صالح الجزائر، نظرا للفترة التي تركت أثرها على الجزائر بشكل كبير خلال "العشرية السوداء"، والتي فرضت واقعا غير منصف للجزائر حينها.
ولفت إلى أن الاتفاقية كانت أحادية الجانب، ووقعت عليها الجزائر نظرا لحاجتها للمنتجات الأوروبية والتمويل الأوروبي، ومحاولة السير نحو التنمية والاستقرار، وهو وضع تغير في الوقت الراهن.
يرى الخبير الجزائري، أن الإقلاع الاقتصادي الذي عملت عليه الجزائر طيلة الفترة الماضية، غير واقعها على مستوى العديد من القطاعات، وانسحب ذلك على مستوى التصدير والتصنيع، ما جعل من مطلب مراجعة "اتفاقية الشراكة" ضرورة حتمية.

الميزان التجاري

وفق طرطار، فإن الصادرات الجزائرية وصلت إلى نحو 7 مليار دولار، فيما تسعى الجزائر لوصوله لـ 10 مليار دولار سنويا، ما دون المحروقات.
وزير فرنسي يثير الجدل بشأن "ملف الهجرة" مع الجزائر... خبراء يوضحون التفاصيل
بشأن شروط تعديل الاتفاق، وما إن كان يتطلب موافقة كافة الأطراف، أوضح طرطار، إن المحادثات التي أجريت بينت عن توافق على المراجعة، في الوقت الذي يمكن للجزائر فرض إرادتها عبر تتويع علاقاتها مع الطرف دول الجوار العربي، وكذلك روسيا والصين.
وبشأن الخلافات التي يمكن أن تنشأ، فإنه في حال عدم التوصل إلى حل، يحق للاتحاد الأوروبي أن يطلب إنشاء لجنة تحكيم، كما تضمن جميع الاتفاقيات التجارية للاتحاد الأوروبي آلية لتسوية النزاعات.
ويأتي الاتحاد الأوروبي أكبر شريك للجزائر، ومثل نحو 50.6% من المعاملات التجارية الدولية لهذا البلد في العام 2023.
وتراجعت صادرات الاتحاد الأوروبي للجزائر بشكل مطّرد خلال السنوات الماضية ، حيث انخفضت من 22.3 مليار يورو في العام 2015 إلى 14.9 مليار يورو في العام 2023، بحسب الأرقام التي أعلنتها المفوضية الأوروبية.
ووقعت الجزائر والاتحاد الأوروبي في 2005 اتفاقا للشراكة، لكن خبراء وسياسيين جزائريين، بينهم وزير التجارة كمال رزيق، دعوا إلى إعادة النظر في هذه الاتفاقية بدعوى أنها غير متوازنة وتضر بمصلحة الجزائر.
ولم يبلغ إجمالي الصادرات الجزائرية غير النفطية الموجهة للاتحاد الأوروبي 14 مليار دولار خلال عقد (2005-2015)، في حين أن إجمالي الواردات الجزائرية من الاتحاد الأوروبي قدر بـ220 مليار دولار بمعدل سنوي قدره 22 مليار دولار، وفقا لوكالة الأنباء الجزائرية.
ومنذ فترة تطالب الجزائر بضرورة مراجعة اتفاق الشراكة الموقع مع الاتحاد الأوروبي، بسبب عدم استفادتها منه.
مناقشة