ونفى رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، تلك الشائعات، موضحًا أن "هناك أقاويل وشائعات حول تصريح منسوب لمديرة صندوق النقد الدولي وكأنه صادر عنها حديثا، وذلك فيما يخص أن مصر يتعين عليها القيام بإعادة تحرير سعر الصرف مجددا، وأن يحدث تعويم جديد للجنيه المصري، بينما هذا التصريح يرجع إلى شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، قبل إجراء كل الإصلاحات الاقتصادية".
وشدد في مؤتمر صحفي، أمس الأربعاء، أن "صندوق النقد الدولي يشيد في بياناته الحديثة بالسياسة النقدية المصرية، وأنها تسير بصورة جيدة، وهو ما يدحض إمكانية اللجوء لتعويم جديد"، وفقا لبيان من مجلس الوزراء المصري.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء المصري أن "حركة النقد الأجنبي، واحتياجات الدولة المصرية تسير بانتظام شديد، ولا يوجد أي تأخير، وذلك فيما يخص مستلزمات الإنتاج، والمواد الخام وجميع الاحتياجات الأساسية للدولة، كما لا يوجد أي طلبات مرجأة في البنوك، فالأمور مستقرة وهناك متابعة بصورة يومية مع المجموعة الاقتصادية، ومع محافظ البنك المركزي، كما نتابع حركة السوق".
كما نفى مدبولي "ما يشاع من أقاويل عن الالتزامات وسداد فوائد وأقساط للديون"، مؤكدا أن "الدولة لا تتأخر نهائيا عن سداد قسط واحد، حتى مع مرورها بظروف وتحديات عصيبة، فلدينا رؤية واضحة نسير وفق محدداتها ونضع حركة السوق نصب أعيننا، وكذا احتياجات القطاع الخاص، ولذا فليس هناك أي داعٍ لصدور مثل تلك الشائعات".
من ناحية أخرى، نوه رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في تصريحاته للصحفيين، أمس الأربعاء، إلى الرسالة التي وجهها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للحكومة بأهمية مراجعة مستهدفات البرنامج مع صندوق النقد الدولي، وذلك في ضوء المتغيرات المتسارعة الحالية، مؤكدًا أن "هذا البرنامج تم اعداده في خضم الظروف والتحديات عقب اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية".
ولفت إلى أن "البرنامج تضمن العديد من المستهدفات المحددة وبتوقيتات محددة، طبقاً لهذه الظروف"، قائلاً: "استجد العديد من الأحداث المتلاحقة غير المسبوقة التي تواجهها المنطقة بشكل عام، سواء ما يتعلق بالحرب في غزة، وغير ذلك، وهو ما أدى إلى تراجع دخل قناة السويس، وكان له تأثيرات مباشرة على الدولة المصرية"، مضيفا: "ننظر مع الصندوق حالياً مراجعة التوقيتات والمستهدفات الخاصة بالبرنامج".
وأشار مصطفى مدبولي إلى أن "المجموعة الوزارية الاقتصادية تتواجد في العاصمة الأمريكية واشنطن حاليا، من أجل حضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي، بحضور محافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، وعقب ذلك سيكون هناك المراجعة الرابعة لبعثة صندوق النقد للبرنامج مع مصر".
وأردف مدبولي، مشيرًا إلى أن "آليات المراجعة هي هدفنا، فمع الوقت نرى المستجدات، ونتناقش مع البعثة فيما يتوافق مع المصلحة المصرية، وخاصة فيما يخص هدف النمو الاقتصادي، بجانب تقليل الآثار الاجتماعية على المواطن المصري في هذا الشأن".
وأعلنت الحكومة المصرية، يوم الجمعة الماضي، رفع أسعار مجموعة من منتجات الوقود محليا، حيث شملت أسعار البنزين والسولار والكيروسين.
وتراجع الحكومة المصرية أسعار الوقود بشكل دوري كل 3 أشهر، منذ بدأت تطبيق آلية تسعير تلقائي على عدد من المنتجات البترولية، في عام 2019، في أعقاب تحرير أسعارها للتخلص من الدعم الحكومي لها بشكل تدريجي.
وأبرمت مصر اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، مطلع العام الماضي، تحصل بموجبه على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار، لتمويل العجز في الموازنة العامة، وهو القرض الرابع الذي تحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولي منذ نهاية عام 2016، حيث حصلت على ثلاثة قروض سابقة بإجمالي 20 مليار دولار.
وكان الدين الخارجي لمصر قد اتخذ منحنى صاعدًا منذ العام 2013، ليبلغ أعلى مستوياته في مطلع عام 2022، قبل أن يتراجع في الربعين الثاني والثالث من العام نفسه.
ويعاني الاقتصاد المصري من أزمة تمويل ممتدة، حيث يبلغ العجز في تمويل الموازنة العامة نحو 15 مليار دولار، على مدار السنوات الخمس المقبلة، كما يشكل عجز الميزان التجاري مع الخارج أزمة ضاغطة على العملة المحلية، والتي فقدت نحو نصف قيمتها في الفترة من مارس 2022، وحتى يناير/ كانون الثاني 2023، وهو ما أدى لموجات تضخمية متتالية بلغت ذروتها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لتصل إلى 24.9%، وفقا لبيانات البنك المركزي، ما أدى بدوره لرفع سعر الفائدة، وهو ما يفاقم أزمة الدين العام مجددًا.