وتابع اللواء مقصود في حوار خاص مع "سبوتنيك"، أنه "لا يمكن لهذا الكيان (يقصد إسرائيل) أن ينفذ عدوانه وتصل طائراته إلى إيران دون التزود بالوقود أو المرور من فوق أراضي حلفاء أمريكا في المنطقة، وهم بجوار إيران، وباعتبار أن هناك رفضاً من هذه الدول لعبور الطائرات الإسرائيلية من فوق أجوائها، فكان لا بد للولايات المتحدة الأمريكية أن تكون شريكا في هذا العدوان"، مضيفاً أن "الأمر الثاني هو أنه حتى لو استطاعت إسرائيل ان تعبر بطائراتها الـ"إف 35" فهي بحاجة إلى ما يسمى نظام حرب وتشويش إلكتروني مرتبط بالأقمار الصناعية، لتوجيه الصواريخ الموجهة التي تحملها تلك الطائرات، وبالتالي هذه الصواريخ الموجهة لا يمكن أن تصل إلى أهدافها دون مساعدة الأقمار الصناعية الأمريكية وما يعرف بنظام حرب إلكتروني وتشويش وتوجيه".
وقال المحلل العسكري: "إن خطورة الخيارات التي يمكن أن تقدم عليها إيران بعد هذا العدوان، وهي الذهاب نحو حرب شاملة، لذلك لكي تطمئن إسرائيل وتنفذ ما تمليه الولايات المتحدة الأمريكية، كانت أمريكا شريكاً في هذا العدوان"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أرادا أيضاً عبر هذه الضربات أن يتأكد البنتاغون من قدرة منظومة الدفاع الجوي لدى إيران، وهل قدمت روسيا لإيران أي مساعدات في هذا المجال، وبالتالي لو نجحت هذه الضربات للطائرات الإسرائيلية والأمريكية كان يمكن أن نرى تصعيدا في الاستهداف وفي هذا العدوان لكي تصل إسرائيل إلى مبتغاها وتحقق ردعاً وتفوقاً ردعياً على محور المقاومة وعلى أعداء الكيان".
الهجوم أظهر ملامح الضعف الإسرائيلي والأمريكي
وأشار اللواء مقصود إلى أن "الرسائل التي يمكن أن نتحدث عنها من انغماس واشنطن في هذا العدوان هي من خلال ردود فعل الإعلام الإسرائيلي الذي أكد أنه كان يحمل ملامح الضعف والخوف الإسرائيلي والأمريكي من مسار هذا الصراع الدائر، والذي سيتحدد بنتيجته شكل المنظومة الإقليمية التي تتشكل انطلاقاً من منطقة غرب آسيا وهي في الحقيقة على مدى التاريخ نقطة في التوازن الاستراتيجي في العالم ومنها تتحدد الامبراطوريات الصاعدة والهابطة".
وأضاف مقصود أن "الرسالة الثانية هي أن أمريكا وإسرائيل تتجنبان التصعيد في هذا الصراع حتى لا يتكرر مشهد أفغانستان في كل المنطقة، ولذلك عندما تصل إسرائيل وأمريكا معاً لقناعة بأن إيران قوة إقليمية قريبة للعالمية يصعب تقدير المخاطر الناتجة لهذا العدوان أو ما بعد هذا العدوان عليها وهو ما دفع بأمريكا لأن تشارك إسرائيل، لكي تكون هي المسيطر والمحدد والضابط لكل الخطوات التي يمكن أن تقوم بها إسرائيل في هذا العدوان".
إسرائيل استخدمت الفضاء المتاح لأمريكا في الهجوم
وقال المحلل العسكري: "إن استهداف إيران من أجواء العراق يثبت بالدليل القاطع ضلوع أمريكا في هذه الجريمة، وباعتبار أن هناك رفضاً من بعض دول الجوار للطائرات الإسرائيلية أن تشارك أو أن تقوم بهذا العدوان على الأراضي الإيرانية، فكان على الولايات المتحدة الأمريكية أن توظف وتسخّر المجال الجوي والفضاء المتاح لها"، مشيراً إلى أنه "باعتبار أن هناك اتفاقيات ملزمة للدولة العراقية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فلذلك جعلت من هذا الفضاء مجالاً جوياً للطائرات الإسرائيلية كما هو للطائرات الأمريكية، بل حتى استخدمت القواعد الأمريكية للطائرات الإسرائيلية وفي مرحلة العودة كانت العودة ليست إلى الكيان بل ذهبت باتجاه اليونان حيث القواعد البريطانية والأمريكية، ولذلك ضرب إيران من الأجواء العراقية هو المجال المتاح حالياً أمام إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية".
دور كبير للسلاح الروسي بإفشال الهجوم
ولفت اللواء مقصود إلى أنه "كان لمنظومة "إس 400" الروسية دور كبير في التصدي لهذا العدوان، فالأمر لا يقتصر على هذه المنظومة التي قدمتها روسيا لإيران، بل إن روسيا أمنت لطهران ساعات عدة ثمينة من الإنذار المبكر، عن موعد وإحداثيات الهجوم والذي اقتصر على قطاع الدفاع الجوي في البؤر المستهدفة من مصانع وقود صاروخي صلب، وتم إسقاط العدد الكبير من هذه الصواريخ واقتصرت الإصابات على بضعة رادارات"، مشيراً إلى أن "روسيا التي أمنت أيضاً أنظمة توجيه راداري فعال ومرتبط بالأقمار الصناعية استطاعت أن تشوش على الصواريخ الموجهة التي تحملها طائرات "إف 35" وبالتالي يصعب على هذه الصواريخ بعد هذا التشويش أن تصل إلى أهدافها، بل ضللتها وأضعفت قدرة التوجه نحو الأهداف التي تستهدفها هذه الصواريخ"، وفق وصفه.
وأضاف المحلل العسكري أن "منظومة الرادارات والحرب الإلكترونية وأيضاً منظومة "إس 400" جعلت البنتاغون يعترف أن منظومة الدفاع الجوي الإيرانية متعددة الطبقات كانت على قدر كبير من الفعالية والإعاقة بل التدمير لكل أو لمعظم هذه الصواريخ والطائرات"، مشيراً إلى أن "إسرائيل أرسلت مئات الطائرات، ولكنها طائرات درون والطائرات الحربية هي خمس وعشرون طائرة منها عشر طائرات "إف 35"، ولكن أكثر من 185 طائرة وهي من الطائرات المسيرة والطائرات الحربية سقطت مع العلم أن هذه الطائرات لم تستطع أن تخرق ولو شبراً واحداً في الأجواء والأراضي الإيرانية. بل كان هذا العدوان من خارج أراضي إيران، وهذا يقودنا إلى ما ذهب إليه بايدن بأن هذه الجولة يجب أن تغلق ملف دائرة الرد المتبادل بين إيران وإسرائيل ليتم الانتقال إلى ملف المفاوضات وانهاء هذه الحرب في المنطقة بشكل كامل".