وأضاف الدكتور الأحمد في حوار خاص مع "سبوتنيك"، أن تأثير وصول ترامب إلى رئاسة البيت الأبيض على العلاقات الروسية الأمريكية له عدة أسباب، منها المعرفة الشخصية بين الرئيسين بوتين وترامب، ولكن قبل هذا السبب، هناك مسألة بمنتهى الأهمية، هي أن الرئيس الأمريكي هو ابن المؤسسة الاقتصادية، ويرى أن الاقتصاد هو المحرك لكل الصراعات على إطلاقها، لذلك العدو بالنسبة له هو الصين وليست روسيا، مشيراً إلى أن روسيا يمكن أن تشكل حالة خصومة بالنسبة للرئيس الأمريكي، لكنها خصومة لها حدودها، ولها ضوابط ومحددات للصراع بين الولايات المتحدة وروسيا، أما مع الصين بالنسبة لترامب فهذه حالة عداوة وتنافس شديد بين الدولتين.
موقف ترامب من أوكرانيا يبشر بشكل جديد للعلاقة مع روسيا
وبيّن الباحث السياسي أن عودة الرئيس ترامب لساحة العمل أو اللعبة السياسية في الولايات المتحدة قد تشكل مداخل جديدة في العلاقة مع روسيا، وللحرب الأوكرانية الروسية، وهناك مجموعة من شروط نجاح هذه المسألة، لذا علينا ألا نستعجل، وألا نرفع السقوف، فكل عمل سياسي له شروطه ولا يوجد شيء على الإطلاق بلا أثمان، ولن يقدم أحد أي شيء بالمجان، مشيراً إلى أن هناك مفاتيح ومؤشرات للعلاقات، وأحد هذه المؤشرات هو العلاقة الشخصية بين الرئيسين فهما يعرفان بعضهما بشكل جيد، وثانياً، أنه المرشح السياسي ترامب الذي لم يكن في سدة السلطة كان يقول دائماً: إن الحرب الروسية الأوكرانية خطأ كبير، ولو كنت أنا الرئيس لأنهيتها بساعة واحدة.
كاريزما مشتركة تجمع ترامب وبوتين
وقال الدكتور الأحمد: "إن الرئيس الروسي لديه كاريزما عالية، وحضوره الشخصي قوي جداً، وبالمقابل ترامب لديه كاريزما، وأنا لا أقول إنهما يشبهان بعضهما على الإطلاق، إذ يختلفان بشكل كبير في العمق السياسي، ومنطق التفكير، والتاريخ السياسي، وغير ذلك الكثير، ولكن ترامب لاعب بوكر ومجازف، وفي جانب المجازفة التي تنطوي على جرأة الفعل، هناك خاصية عند الرئيس بوتين لها علاقة بالإقدام على الفعل، لأنه لاعب جودو، فهو مقدام أمام خصمه وبالتالي يمكن أن يعجب به شخص مجازف كالرئيس ترامب، وهنا أتحدث عن العلاقة الشخصية، موضحاً أن الرئيس بوتين ألمح لذلك عندما قال "إنه أعجب بطريقة تعاطي ترامب بعد محاولة اغتياله" بمعنى هذه القدرة على عدم الهلع".
ترامب يريد أن يجعل أمريكا دولة قومية وليست معولمة
وأضاف الباحث السياسي: "إن العنوان الأهم في موضوع العلاقة الأمريكية الدولية أن ترامب لا يريد أن يجعل الولايات المتحدة معولمة، وإنما دولة قومية لها قوتها، وهذا مختلف عن مراد الدولة العميقة وعن سياسات بايدن بالمطلق، وبالتالي هناك مؤشرات يمكن أن تُستَغل وقد تكون علاقة الولايات المتحدة بالشرق الأوسط أو غرب آسيا أسئلة كبيرة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستقدم على مجموعة من المتغيرات، وهذه المتغيرات ستكون أفضل مما كانت عليه أيام الرئيس بايدن، أفضل فقط كمفاتيح، فمن الذي سوف يتمكن من التقاط هذه الإشارات، والتعامل معها بهندسة عكسية للسياسات على مستوى الأقاليم وعلى المستوى الدولي؟ هذا السؤال الأساسي".
وتابع الدكتور الأحمد: "أنا أجزم أن مسألة المؤشرات الدالة على المتغيرات واحدة من المحسوبات في السياسة الروسية إن كان على مستوى الخارجية أو على مستوى المكتب الرئاسي أو على مستوى السيد الرئيس بوتين، وبكل تأكيد هناك قراءة عميقة، وهناك مستشعرات سياسية عالية سوف تلتقط كل إشارة حتى لو كانت هذه الإشارات بمقدار "أثر الفراشة"، فكل كلمة وكل حركة جناح فراشة من قبل الرئيس ترامب، ومن قبل الطاقم الذي سوف يعمل معه هي إشارة دالة، لافتاً إلى دور طاقم الرئيس الذي يقارب أربعة آلاف شخص سيأتون معه، وإلى دور شعوب منطقة غرب آسيا بالانتباه والتقاط الإشارات، وأن تتعاطى مع الأشياء بإيجابية وبحذر عالٍ جداً".
إسرائيل سوف تشكل عبئاً على ترامب
وأوضح الباحث السياسي أنه ليس لدى الإسرائيلي القدرة على الضغط على ترامب أكثر مما كان على بايدن، والمصلحة الإسرائيلية هي مصلحة عليا للولايات المتحدة، ولكن هناك كيفيات لتمثيل هذه المصلحة، وأنا أعتقد أن إسرائيل سوف تشكل عبئاً على سياسات الرئيس الجديد، لأنه رجل اقتصاد ويعتقد أن ما ينفق على أوروبا وعلى الحرب الأوكرانية وأياً ما ينفق على الكيان الإسرائيلي سيكون مرهقاً للاقتصاد الأمريكي، وهو يفضل أن تنفق هذه الأموال داخل الولايات المتحدة الأمريكية، لافتاً إلى أن هذه الأشياء يجب أن تلتقط، ولكن لا يجب علينا أن نرفع سقوف التوقعات أبداً، فهذه المسائل كلها ذات مدلولات ولكن علينا أن نتعامل معها بدقة وحذر وأن نلتقط اللحظات التي يمكن لها أن تغير الواقع على المستوى العالمي والإقليمي.