وحققت التبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا رقما قياسيا خلال سنة 2021، إذ ذكر المكتب الاقتصادي والتجاري بسفارة إسبانيا في الرباط، أن التبادلات التجارية بين البلدين بلغت حوالي 16.8 مليار يورو، وهو ما يعادل 180 مليار درهم، ما يعني ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين بنحو 5 مليار يورو.
ووفق خبراء، فإن إسبانيا أصبحت الشريك التجاري الأول للمغرب، فيما أصبح المغرب ثالث شريك لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي.
وبحسب الخبراء، فإن قرابة 360 شركة إسبانية قررت نقل عملياتها الإنتاجية إلى المملكة المغربية نظرا لانخفاض الكلفة التشغيلية وأهمية الحوافز الاستثمارية، خاصة بعد صدور ميثاق الاستثمار بالمغرب، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي كبوابة للقارة الأفريقية.
ويتوقع الخبراء وصول المبادلات التجارية بين البلدين إلى أرقام كبيرة خلال السنوات المقبلة، خاصة في ظل الاستثمارات الإسبانية الكبيرة في عدد من القطاعات الهامة في المغرب.
من ناحيته، قال عضو المجلس المغربي للشؤون المغربية، أحمد نور الدين، إن "حجم المبادلات بين الرباط ومدريد، تجاوز 22 مليار أورو، وأصبحت بذلك إسبانيا أول شريك تجاري للمغرب".
شراكة مميزة
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "المغرب أصبح ثالث شريك تجاري لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوربي، بعد أمريكا والصين، بعد التقدم الكبير الذي وقع في السنوات الأخيرة، والذي يفتح آفاقا واعدة للتعاون الاقتصادي متعدد الأوجه بين البلدين، ومن خلالهما بين القارتين الأوربية والأفريقية".
مؤشرات هامة
وأشار أحمد نور الدين إلى مؤشرين أثنين يمكن من خلالهما إبراز عمق هذه العلاقات وتجذرها:
الأول: يتعلق بتواجد أكثر من 800 شركة إسبانية في المغرب، وفي مختلف القطاعات.
الثاني: وجود أكثر من 230 رحلة جوية، و530 رحلة بحرية تربط أسبوعيا بين المملكتين المغربية والإسبانية، وهو ما يعزز تنامي الأعمال ويرفع من حجم التدفقات التجارية بين البلدين.
وأشار إلى "وجود نحو 20 ألف شركة إسبانية تتعامل مع المغرب، دون فتح فروع لها بالمغرب".
قطاعات استثمارية هامة
وتابع: "في مجال البنية التحتية والبناء، تقود شركة "أكسيونا" الائتلاف المسؤول عن بناء محطة تحلية المياه بالدار البيضاء، وهناك شركة "ساسير" في مجال بناء الطرق السريعة والجسور، وفي مجال الطاقة، تقوم شركة "إيبردرولا" بتطوير حقول لإنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتساهم شركة "أبينجوا" في إنتاج الطاقة الشمسية في مدينة ورزازات".
"كما تعمل شركات إسبانية في تصنيع قطع غيار السيارات، وهناك "كوبرا القابضة" التي تعمل في ميدان السكك الحديدية، وقد فازت أيضا شركة "إينيكو" الإسبانية بصفقة جزئية للدعم ضمن مشروع الخط فائق السرعة بين الدار البيضاء ومراكش"، وفق نور الدين.
وحول أهم الاستثمارات الإسبانية وحجمها في المغرب، أوضح نور الدين، أنها "تمثل 50% من مجموع الاستثمارات الإسبانية في كل القارة الأفريقية، وهذا يوضح أهمية السوق المغربية الناشئة والفرص الكبيرة التي تفتحها أما المستثمرين الإسبان بصفة خاصة والأجانب بصفة عامة".
وتبرز الاستثمارات الإسبانية الصناعات الميكانيكية في القطارات وقطع الغيار بالنسبة للسيارات، وهناك استثمارات في الطاقات المتجددة والبنيات التحتية، والبنوك والتمويل من خلال استثمار أكبر مجموعة بنكية إسبانية "كايشا بنك" في سوق المال المغربية، إلى جانب الاستثمارات الكلاسيكية في الصناعات الغذائية والنسيج والفلاحة والسياحية، إذ تعمل بالمغرب عدة علامات لفنادق إسبانية من فئة 5 نجوم.
وفي مجال الطاقة، أصبحت إسبانيا مزودا مهما للمغرب بالغاز، الذي تستورده إسبانيا على شكل غاز مسال، قبل أن تحوله إلى طبيعته الغازية مرة أخرى، ومن ثمّ نقله عبر الأنبوب الذي كان ينقل الغاز الجزائري نحو إسبانيا، قبل أن تقرر الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب في أغسطس/ آب 2021.
مجالات مختلفة
وأصبح الأنبوب ينقل الغاز في الاتجاه المعاكس نحو المغرب، في انتظار تشييد محطة لتحويل الغاز المسال على السواحل الأطلسية للمغرب، في ظل حديث عن مفاوضات مع العملاق الروسي "غازبروم" لتشييد المحطة في ميناء الجرف الأصفر جنوب مدينة الدار البيضاء، وفق نور الدين.
ولفت إلى أن إسبانيا والمغرب سيشكلان، جسرا حقيقيا لتزايد المبادلات التجارية بين أوروبا وأفريقيا، خاصة أن أهم مشروع مطروح الآن على طاولة المفاوضات بين البلدين هو بناء نفق تحت البحر المتوسط على مستوى مضيق جبل طارق، تمر منه السكة الحديدية والطريق السيار.
ويرى أن المشروع كفيل بإعطاء نقلة نوعية لحجم الاستثمارات والمبادلات بين البلدين وبين القارتين، وسيعتبر بحق مشروع القرن الواحد والعشرين عند إنجازه.
تقدم ملحوظ
في الإطار، قال الخبير الاقتصادي الأكاديمي، أوهادي سعيد، إن "الاستثمارات الإسبانية بالمغرب عرفت تطورا ملحوظا منذ الاعتراف بمغربية الصحراء، إذ بلغت الاستمارات الإسبانية أكثر من 22 مليار أورو، وخلق قرابة 20 ألف منصب شغل".
ويبلغ عدد الشركات الإسبانية المستثمرة مباشرة بالمغرب قرابة 1000 شركة منها عدد كبير من منطقة كتالونيا.
وأكد سعيد أن "المغرب ثالث سوق للاستثمارات الإسبانية في الخارج، بعد أمريكا وبريطانيا".
انتقال شركات للمغرب
وأضاف أوهادي سعيد في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "قرابة 360 شركة إسبانية قررت نقل عملياتها الإنتاجية إلى المملكة المغربية نظرا لانخفاض الكلفة التشغيلية وأهمية الحوافز الاستثمارية، خصوصا بعد صدور ميثاق الاستثمار بالمغرب، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي كبوابة للقارة الأفريقية".
ومن بين أهم القطاعات المعنية بالاستثمارات الإسبانية في المغرب، وفق سعيد:
أولا: مشروع تحلية المياه بالدار البيضاء، والذي بلغت قيمته 1.5 مليار دولار، وذلك بشراكة بين شركة اكسيوا الإسبانية وشركتي "أفريقيا غاز" و"غرين أوف أفريقيا" المغربيتين.
ثانيا، مشروع القطار السريع بين الدار البيضاء ومراكش، إذ انخراط شركة السكك الحديدية الإسبانية التابعة لشركة "الستوم" الفرنسية والشركة الإسبانية "تالغو"، وقد فرضت المملكة المغربية على الشركة التي ستحصل على المشروع، إنشاء مصنع بالمغرب لبناء أسطول القطار باستخدام العمالة المغربية.
ثالثا، قطاع المنسوجات والأحذية، بالإضافة إلى الأزياء من خلال شركة "انديتكس الإسبانية" العملاقة، والتي ستشغل 95000 من الكفاءات المغربية.
رابعا: استثمارات في الأغدية والزراعة بالمشروع، الذي استقر بمدينة العرائش.
خامسا: استثمارات في التعبئة والتغليف، من خلال مشروع بمدينة إنزكان قرب أكادير.
سادسا: اهتمام المستثمرين الإسبان بقطاع الكيمياء من خلال مشروع بالدار البيضاء.
ولفت أوهادي سعيد لـ"سبوتنيك" إلى أن "اهتمام المستثمرين الإسبان بالبنيات التحتية في أفق تنظيم كأس العالم 2030، إذ خصصت المملكة المغربية استثمارات بقيمة 45 مليار أورو في حدود عام 2050.
وفي فبراير/ شباط 2023، وقع المغرب وإسبانيا على 24 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون الثنائي، والتنظيم، خلال أعمال القمة الإسبانية - المغربية، التي عقدت في الرباط.
واتفق الطرفان على أهمية البيان المشترك الصادر في 7 نيسان/ أبريل 2022، الذي ينص على مبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل وتنفيذ الالتزامات والاتفاقيات الموقعة من قبل الجانبين.