وقال العكلوك، خلال فعالية "اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني" في مقرّ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بحضور ممثلين عن أكثر من 75 دولة ومنظمات إقليمية ودولية، إن "المنظومة الدولية التي بُنيت على مدار ثمانين عاماً، وتدمرها إسرائيل اليوم أمام أعيننا جميعاً، لن يجبر كسرها إلا تجميد مشاركة إسرائيل فيها".
وتابع: "إسرائيل لم تردها الإنسانية ولا القانون الدولي عن الاستمرار في سفك دماء الأطفال والنساء، وتدمير كل أشكال الحياة في قطاع غزة دون رحمة أو شفقة، ودون أي اكتراث بالقانون والقيم الإنسانية والقرارات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية، وما زالت لم تكتف بعد من سفك الدماء حتى بعد أن قتلت وأصابت 160 ألف مدني فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود، وهو ما نسبته 7% من سكان قطاع غزة، ومازالت تحرق المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس ومراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة، وتدمر البيوت فوق رؤوس المدنيين، وتجوّع الكثيرين منهم حتى الموت، وتحطم إنسانيتهم التي يتشبثون بها حتى الرمق الأخير".
وأوضح أن "ما تقوم به إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية، من تنفيذ خططها الإجرامية الممنهجة، للتطهير العرقي والتهجير القسري الفعلي لمئات آلاف المواطنين الفلسطينيين، خاصة ما يحدث الآن في شمال قطاع غزة، وإعلان وزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، عن نيتهم تقليص عدد سكان قطاع غزة إلى النصف وما سبقه من عدوان على الأونروا والسعي لإنهاء دورها، إنما هو انطلاقة فعلية لتهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، الأمر الذي سيعمق الصراع والمعاناة وسيشكل توسيعاً للعدوان الإسرائيلي على الأمن والسلم الدوليين، وخاصة على الأمن القومي العربي".
وأشار العكلوك إلى أن "إسرائيل تستمر بمصادرة الأراضي والممتلكات وهدم المنازل والسيطرة المباشرة على ما نسبته 82% من الضفة الغربية المحتلة، وبناء وتوسيع المستوطنات الاستعمارية، حتى وصل عدد المستوطنين الإسرائيليين إلى 800 ألف مستوطن، لديهم مليشيات ومنظمات إرهابية تعتدي على القرى والبلدات الفلسطينية، وتحرق مزارع وبيوت وممتلكات المواطنين الفلسطينيين".
وبحسب كلمة السفير الفلسطيني، تتركز سياسات وممارسات التهويد والاستيطان والتهجير وهدم المنازل في مدينة القدس المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، بما في ذلك المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، وما زالت إسرائيل تفرض نظام فصل عنصري (أبارتايد) على الشعب الفلسطيني، بسياساتها وتشريعاتها العنصرية وممارساتها الإجرامية المبنية على الاضطهاد والهيمنة والعزل والتقسيم القهري وتقييد حرية التنقل.
وتابع: "لقد جسدت الأمم المتحدة التضامن العالمي في إطار السعى لتحقيق مستقبل أفضل لجميع شعوب العالم، بناء على مبادئ وقيم عالمية، أحدها يقول أنه لن يُترك أحد في الخلف، ولكن الشعب الفلسطيني لم يترك في الخلف فقط، بل ترك فريسة للإبادة الجماعية".
وأوضح أن "إسرائيل تسببت بإفقار 100% من سكان قطاع غزة، فيما ارتفعت نسبة الفقر في الضفة الغربية المحتلة على مدار العام الماضي من 12% إلى 28%، كما استخدمت التجويع كسلاح لقتل الفلسطينيين، حيث أغلقت جميع معابر قطاع غزة ومنعت دخول المساعدات الإنسانية". وتشير التقارير الدولية إلى أن ما يزيد عن 95% من سكان قطاع غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأكد أن "إسرائيل تعمدت تدمير المنظومة الصحية في غزة، حتى دمرت 34 مستشفى و80 مركزاً صحياً، ومنعت وصول المساعدات الإنسانية والصحية إلى ما تبقى من مراكز الخدمات الطبية، ودمرت 477 مدرسة وجامعة كلياً أو جزئياً (131 بشكل كلي، 346 بشكل جزئي) مُخلفة ما يقرب من 800 ألف طالب فلسطيني محروم من التعليم، وقد دمرت إسرائيل نحو 360 ألف بيت في قطاع غزة كلياً أو جزئياً (160 ألف تدمير كلي، 200 ألف تدمير جزئي)".
وأردف: "في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ندعوكم باسم الشعب الفلسطيني أن تتضامنوا مع أنفسكم، أن تتضامنوا مع إنسانيتكم الذبيحة في غزة، ومع قيمكم العالمية التي اغتالتها إسرائيل، ندعوكم للتضامن مع القانون الدولي المصلوب على جدران غزة وفي شوارع وأزقة القدس، حيث لا يجدي نفعاً أن تتضامن الدول مع الشعب الفلسطيني والقانون والقيم والإنسانية من جهة، وتقدم السلاح لإسرائيل، وتغطيها عدوانها بالفيتو في مجلس الأمن، وتعطل آليات العدالة الدولية في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، من جهة أخرى".
وأوضح أنه "على المجتمع الدولي إذا أراد التضامن مع الشعب الفلسطيني، أن ينتقل من الكلام إلى الأفعال، من وصف الممارسات الإسرائيلية إلى تطبيق العقوبات على إسرائيل. إن التضامن مع القانون الدولي الذي تنتهكه إسرائيل بشكل ممنهج، يتطلب من جميع الدول مراجعة علاقاتها مع إسرائيل، ومقاطعتها اقتصاديا وسياسيا وحظر تصدير ونقل السلاح والذخائر إليها".
وقال إن "التضامن مع الشعب الفلسطيني يقتضي استكمال اعتراف الدول بدولة فلسطين، وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فكيف لدولة لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تتضامن مع الشعب الفلسطيني وهي لا تعترف بحقه في تقرير مصيره، وتجسيد استقلال دولته".
ويرى العكلوك أن "التضامن والانسجام مع المنظومة الدولية وحقوق الإنسان والقانون الدولي تتطلب البدء بخطوات تجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على أربعة أسس، أنها تعمل ضد أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وأنها تمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، وأنها لم تفِ بمتطلبات عضويتها في الأمم المتحدة، واستناداً إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 19/07/2024"، واعتبر أن "الاحتلال الإسرائيل غير قانوني وشكّل نظام فصل وتمييز عنصري، وتجب إزالته وآثاره".
وأشار إلى "ضرورة إدراج الجماعات والمنظمات الإرهابية الإسرائيلية التي تمارس الإرهاب ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وتلك التي تقتحم المسجد الأقصى المبارك، على قوائم الإرهاب الوطنية والدولية".
وأنهى السفير الفلسطيني حديثه، قائلا: "نؤكد لكم أن شعبنا الفلسطيني باق على أرضه، يناضل لإنجاز حريته، وهو مؤمن بالنصر على أعداء الإنسانية، ومؤمن بأن يوم الحساب آت لا شك فيه، وسيحاسب كل من ارتكب جريمة الإبادة الجماعية ومن شارك وتستر عليها سواء بتصدير أو نقل السلاح لإسرائيل وهي ترتكب الإبادة الجماعية أو بإساءة استخدام الفيتو في مجلس الأمن أو بتعطيل آليات العدالة الدولية".