يُشارك في هذا المؤتمر، الذي يُعقد في مقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، كبار المسؤولين الأمنيين في مختلف الدول العربية، إلى جانب ممثلين عن جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.
كما يُشارك فيه أيضا مندوبون عن المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، ومشروع مكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل، والوكالة الأوروبية لإنفاذ القانون، ومشروع مكافحة الإرهاب والعدالة الجنائية التابع للمفوضية الأوروبية.
المؤتمر الـ 48 لقادة الشرطة والأمن العرب في تونس
© Photo / The Tunisian Ministry of the Interior
ويبحث المشاركون في المؤتمر جملة من المواضيع، منها جرائم الاحتيال المالي الإلكتروني، وتوصيات مؤتمرات رؤساء القطاعات الأمنية، واجتماعات اللجان المنعقدة في نطاق الأمانة العامة خلال العام الجاري، بالإضافة إلى استعراض التجارب الأمنية المتميزة لبعض الدول الأعضاء، بحسب بيان نشرته في وقت سابق الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي يتخذ من تونس مقرا له.
ضرورة الارتقاء بالعمل الأمني العربي المشترك
وأكد وزير الداخلية التونسي، خالد النوري، في كلمة افتتح بها أشغال المؤتمر على ضرورة الارتقاء بالعمل الأمني العربي المشترك في هذا الوقت الذي تواجه فيه المنطقة العربية العديد من التحديات.
وأضاف النوري: "عقد مثل هذا المؤتمر يأتي في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر تواجه فيه المنطقة العربية العديد من التحديات لاسيما منها الأمنية".
وشدد على أهمية الارتقاء بالعمل الأمني العربي المشترك ''من خلال تعزيز الجهود الأمنية العربية وتوحيدها وتنسيقها وتبادل الرؤى وبلورة المواقف إزاء القضايا الراهنة بما يخدم مصلحة الشعوب العربية ويضمن استقرارها وأمنها ووحدة أراضيها".
المؤتمر الـ 48 لقادة الشرطة والأمن العرب في تونس
© Photo / The Tunisian Ministry of the Interior
وحول تطورات الوضع الأمني في قطاع غزة، أوضح وزير الداخلية أن "الاعتداءات الإسرائيلية أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا ومباشرا للأمن والاستقرار في المنطقة العربية"، مؤكدا في هذا السياق على موقف تونس الثابت والداعم للشعبين الفلسطيني واللبناني.
وفي السياق ذاته، قال الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، محمد بن علي كومان، إن من أبرز التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، هي ملف المخدرات نظرا لما يشكله من خطر على التنمية والإقتصاد الدولي، وملف الجريمة الإلكترونية التي تزداد حدتها في ظل الاعتماد على نظم المعلومات في كافة المجالات والحيز الكبير الذي باتت تحتله مواقع التواصل الاجتماعي وما تخلفه إساءة استخدامها من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار.
وفي تصريح لـ "سبوتنيك"، أفاد العميد المتقاعد في الحرس الوطني خليفة الشيباني، بأن هذا اللقاء يندرج في إطار التنسيق المتواصل بين الدول العربية من أجل تبادل المعلومات والخبرات الأمنية خاصة في ظل التحديات الراهنة والتي تمس دول الإقليم.
ويضيف الشيباني بأنه من أبرز التحديات المطروحة اليوم بقوة هي ظاهرة الإرهاب وظاهرة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة للإتجار بالبشر.
وتابع: "هذه التحديات تتطلب المزيد من التنسيق الأمني داخل مجلس وزراء الداخلية العرب".
المؤتمر الـ 48 لقادة الشرطة والأمن العرب في تونس
© Photo / The Tunisian Ministry of the Interior
ولفت محدثنا إلى أنه يوجد تنسيق ثنائي بين الدول العربية وأيضا في إطار الجامعة العربية لحلحلة التحديات الأمنية سواء على المستوى الدولي أو على المستوى الاجتماعي.
ويشير الشيباني إلى أن المرحلة الحالية في العالم العربي تتطلب المزيد من التنسيق نتيجة الظروف والمتغيرات الإقليمية الحاصلة.
ضرورة إعطاء الأهمية لتطور الوضع الأمني في قطاع غزة
ويرى وزير الخارجية التونسي الأسبق، أحمد ونيس، بأن ما يمكن ملاحظته في الآونة الأخيرة هو أن ظاهرة الإرهاب تراجعت في الدول العربية ولذلك يتم إعطاء ملفي الجريمة والهجرة غير المنظمة الأولوية خلال المؤتمر.
ويرى ونيّس، في حديث مع "سبوتنيك"، أنه بات من الضروري أن يعدّل مجلس وزراء الداخلية العرب بوصلته نحو المتغيرات الحاصلة في قطاع غزة على المستوى الأمني وإعطاء هذا الملف الأولوية اللازمة تجنبا لعدة أزمات، على حد تعبيره.
وتابع: "مشاهد تشتت الآلاف من العائلات الفلسطينية وتهجيرها من قراها تعيدنا إلى سنة 1948 ذكرى النكبة الفلسطينية، وتجعلنا نتساءل هل يمكن أن تطال هذه الحرب الدول العربية؟".
المؤتمر الـ 48 لقادة الشرطة والأمن العرب في تونس
© Photo / The Tunisian Ministry of the Interior
وشدد أحمد ونيس على أن الأمن العسكري في المشرق العربي مهدد بسبب تطور الوضع الأمني في قطاع غزة.
وانتقد ونيس صمت الدول العربية عما يحدث في قطاع غزة، مشيرا إلى أنه كان من المفروض أن تتدخل الدول العربية لمزيد إغاثة سكان القطاع ولكنها تأخرت كثيرا و"النتيجة كانت موجعة بحجم الدمار الحاصل على الأراضي الفلسطينية"، على حد قوله.
دعوة إلى إرساء استراتيجية عربية موحدة لمواجهة التحديات الأمنية
ويعتبر الخبير الأمني علي الزرمديني، بأن مجلس وزراء الداخلية العرب هو أكثر هيكل فاعل صلب الجامعة العربية.
ويضيف في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن هذا المؤتمر كعادته تمكن في كل مرة من معالجة المسائل الأمنية المرتبطة بالعالم العربي ككل وهي مشاكل متعددة ولا تختلف عن القضايا المطروحة على المستوى العالمي، على حد قوله.
كما أشار الخبير الأمني إلى أن الدائرة الإقليمية العربية تتوفر فيها أرضية للجريمة وتونس من بين الدول المهددة بتنامي هذه الظاهرة نظرا لموقعها الاستراتيجي وقربها من أوروبا وإيطاليا.
ويواصل علي الزرمديني، الحديث مع "سبوتنيك" قائلا: "تونس في دائرة متحركة، وهو ما يجعلها القطب المبادر لعقد مثل هذه المؤتمرات المهمة حتى تتمكن من التصدي لكل هذه الجرائم التي قد تهدد أمنها الداخلي".
وتابع: "اليوم هناك جانب مهم جدا ومسيطر على العالم على مستوى الجريمة المنظمة وهي مسألة تبييض الأموال وتجارة المخدرات والتهريب".
ويرى الخبير الأمني بأن العالم اليوم تحكمه "لوبيات"، ما يجعل هذه اللقاءات الدورية ضرورية من أجل وضع إستراتيجية عربية موحدة لمواجهة التحديات الأمنية والتي باتت تفرض نفسها وتسيطر على المجتمعات عامة، على حد تعبيره.
وفي تعليق لما يحدث من تطور أمني في سوريا، يصف الخبير الأمني الوضع "بالخطير" على كامل منطقة الشرق الأوسط وحتى على الدول الأوروبية.
كما أوضح الزرمديني، بأن ما يسمى بالمعارضة السورية ليست معارضة بالمفهوم التقليدي بل تعتبر "مجموعة متطرفة دينيا" تتلقى دعما من قبل أطراف من أجل مصالح ضيقة.
ويرى الزرمديني بأن التوترات الحاصلة في سوريا ستطال أوروبا بشكل كبير في الفترة القادمة في حال خروج "الوضع عن السيطرة".