وأشاد المشاركون بالدور الذي يلعبه الاتحاد الأفريقي في هذا الملف، مؤكدين أهميته في إنهاء الانقسام السياسي الذي تعاني منه البلاد.
وأكد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان أسامة حماد، أن الحوارات السياسية والمفاوضات الدولية لم تحقق أي تقدم ملموس في حل الأزمة الليبية، مشيراً إلى أن غياب الإرادة الحقيقية لدى الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة في النزاع حال دون تنفيذ الاتفاقات والمخرجات بصورة فعالة.
كما أشار حماد إلى أن تعاقب عدد كبير من المبعوثين الدوليين والممثلين للأمين العام للأمم المتحدة، عبر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أسهم في إدارة الأزمة أكثر من حلّها. وأوضح أن الجهود الدولية تفتقر إلى التركيز على وضع حلول جذرية لتوحيد المؤسسات ودفع العملية نحو الاستحقاقات الانتخابية الضرورية لتحقيق الاستقرار.
في الإطار علق المحلل السياسي أحمد التهامي على إعلان الأطراف السياسية في شرق ليبيا رفضها لمبادرات بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مشيراً إلى الإحباط المتزايد من دور البعثة الأممية.
تحت النقد
وقال التهامي في حديث خاص لـ"سبوتنيك"، إن مجلس النواب وقيادات الشرق أنهكها انتظار دور فاعل من البعثة الأممية التي تديرها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، والتي يبدو بأنه هذه الدول منحازة تماماً للميليشيات في غرب البلاد، في هذا السياق، يظهر الاتحاد الأفريقي كخيار أكثر نزاهة وحيادية، ونتمنى أن يوفق في جهوده لتحقيق المصالحة الوطنية".
وأكد أن الأطراف السياسية في شرق ليبيا منحت الاتحاد الأفريقي دوراً محورياً في قيادة الخطوات القادمة نتيجة خيبة أملها في أداء البعثة الدولية، خاصة بعد سنوات من الجمود السياسي الذي لم يسفر عن أي حلول ملموسة.
وأوضح التهامي أن مجلس النواب والقيادة العامة للجيش الليبي يبدوان أكثر انفتاحاً وأريحية في التعامل مع جهود الاتحاد الأفريقي، متوقعاً أن تتزايد فرص نجاحه في حال حشدت جميع الأطراف الليبية دعمها لهذه المبادرة.
وعن الوضع الإقليمي، أشار التهامي إلى أن الجمود الحالي قد يستمر، رغم التقارير التي تفيد بتوصل مصر وتركيا إلى اتفاقات بخصوص الملف الليبي، وأضاف "الغياب الكامل لتفاصيل هذه الاتفاقات يشير إلى أن الطريق ما زال طويلاً لتحقيق تقدم حقيقي."
ووصف أي حلول محتملة بأنها أشبه بصفقة بين القوى السياسية الرئيسية والميليشيات الكبرى في غرب البلاد من جهة، ومجلس النواب والقيادة العامة للجيش من جهة أخرى، مع وجود ضمانات دولية، خاصة من روسيا، لكنه أشار إلى أن بقية الأطراف قد تميل إلى دعم مبادرات الأمم المتحدة القديمة، مثل تلك التي قادتها ستيفاني وليامز.
التعويل على الدور الأفريقي
من جهته، أكد المحلل السياسي إدريس أحميد، أن موقف قيادات الشرق الليبي من ملف المصالحة الوطنية واضح وقوي.
وقال: "بعثة الأمم المتحدة التي أدارت الملف الليبي لسنوات فشلت في تقديم رؤية واضحة لحل الأزمة. دعم الاتحاد الأفريقي خطوة في الاتجاه الصحيح لأنه لا يحمل أجندات سياسية متضاربة، بل يركز على المصالحة الوطنية وإرساء الاستقرار".
وتابع أحميد في تصريح خاص لـ"سبوتنيك": "إذا اتفقت الأطراف الليبية على منح الاتحاد الأفريقي زمام المبادرة، فإن ذلك سيكون تحولاً إيجابياً، ولكن هذا الخيار قد يصطدم بمواقف الدول المتدخلة في ليبيا، خصوصاً تلك التي تبحث عن مصالحها الخاصة مثل الولايات المتحدة، والتي ربما ترى في استمرار الوضع الراهن فائدة لها".
المبادرات المتعثرة
وأشار أحميد إلى فشل المبادرات السابقة، بما في ذلك مؤتمرات باريس، جنيف، برلين، وروما، موضحاً أن تضارب المصالح وغياب الإرادة الحقيقية من الأطراف الدولية كان السبب الرئيسي وراء تعثرها.
وأكد المحلل الليبي على أهمية دور القيادة العامة للجيش الليبي والبرلمان في دعم المصالحة الوطنية، قائلاً: "الجيش الليبي يشكل الضامن الأساسي لأي اتفاق مصالحة، وحمايته للمسار الديمقراطي أمر لا غنى عنه لضمان استقرار البلاد."
وقال: "الاتحاد الأفريقي لديه سجل إيجابي في التعامل مع القضايا الإقليمية، كما حدث في قضية لوكربي، ويمكنه لعب دور حاسم في دعم الاستقرار الليبي إذا اتفقت جميع الأطراف على إنجاح جهوده بعيداً عن أي عرقلة أو تدخلات خارجية".