وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "عملية استبدال العملة بشكل كامل يحتاج إلى ترتيبات أكبر من تكاليف طباعة وغيرها من الخطوات الأخرى، لم نكن نتحدث عن تبديل العملة، بل عن إعادة النظر في التركيبة الفئوية للعملة".
وتابع موضحا: "إذا تحدثنا عن فئة الجنيه والخمسة والـ10 والـ20 والـ50 جنيها سودانيا، فإن هذه الفئات جميعها اختفت تماما من التعامل في النشاط الاقتصادي، ليس بقرار من البنك المركزي، وإنما بقرار من قبل النشاط الاقتصادي والسوق، فلم تعد لتلك الفئات النقدية قوة شرائية، بل أصبحت أقل فئة لديها قوة شرائية هي الـ100 جنيه، لذلك حينما يتم التفكير في عملية تبديل العملة بعد انتهاء الحرب، فيجب ان تكون عملية كاملة تشمل استبدال كل الفئات، وإعادة النظر في التركيبة الفئوية".
وواصل الناير: "إن الحل الأمثل المتعلّق بالعملة بعد انتهاء الحرب سيكون بعملية حذف الأصفار، رغم أن التجربة السابقة في الاقتصاد السوداني لم تكن مكتملة، إذ أن الناس اعتادت أن تتعامل مستنديا بالعملة الجديدة، ولكنهم يتعاملون في الواقع بالعملة القديمة، وهذا خلل كبير".
وأردف: "لكن لا يوجد خيار سوى بحذف الأصفار، حتى نستطيع استعادة التعامل بفئات الجنيه والخمسة والـ10 جنيهات، ولكنها تحمل القوة الشرائية لمقابلها من العملة التي تم حذف أصفارها، وهذه قضية كبيرة سوف تتم بعد انتهاء الحرب بصورة كاملة".
ومضى الخبير الاقتصادي السوداني: "إن التفكير ربما في مسألة حذف الأصفار سيتم إذا كانت السلطة أو القائمين على الاقتصاد يمضون في هذا الاتجاه واستكمال عملية التبديل التي تبدأ الآن، والتبديل مقتصر حاليا على فئة الـ1000 والـ500، وأظن أن الإجراء الذي اتخذته الدولة الآن إجراء سليم، لأنه قبل اندلاع الحرب كان أكثر من 90% من الكتلة النقدية خارج إطار النظام المصرفي مقابل أقل من 10% فقط بحوزة المصارف، وهذه معادلة مختلّة لابد من تصحيحها بشكل كبير جدا، لأن وجود الأموال خارج النظام المصرفي حتى في ظل الحرب الآن والنهب الذي حدث، أصبحت تشكل خطورة كبيرة لوجودها خارج الإطار المصرفي".
وأشار إلى أن "البعض قد يقول إن البنوك تم نهبها، لكن الأموال المودعة في البنوك مضمونة من قبل البنك المركزي، وهذا ما يوجد في كل دول العالم، أي أموال خاصة بالمودعين في المصارف هي مضمونة من جانب البنك المركزي، فلذلك هذه الخطوة الآن جيدة أن يتم توريد هذه المبالغ في المصارف، وهذا ما يمكن أن يقلل من الكمية التي يمكن طباعتها من فئتي الـ1000 والـ500 قليلة، كما أن تلك الخطوة تعالج قضايا كثيرة، مثل عملية تزوير العملة ومصادرها غير الشرعية".
وأوضح الناير أن "تلك الخطوة تأخرت كثيرا، لأن الكثير من الأموال المنهوبة تم تحويلها إلى أشكال أخرى، مثل الذهب والعقارات والنقد الأجنبي وغيرها، لكن على كل حال هذه الخطوة مهمة ومطلوبة، وتعالج القضايا بصورة كبيرة".
ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن "هناك مسؤولية كبيرة على البنك المركزي السوداني بتفعيل النظام الإلكتروني، وربط البنوك ببعضها ببعض عبر التطبيقات البنكية، حتى تكون هناك سهولة للتحويل من مصرف إلى مصرف كما كان قبل الحرب، وبالتالي سهولة التعامل الإلكتروني وتحسين الشبكات حتى يستطيع المواطن التعامل بأمواله الموجودة لدى المصارف الكترونيا بسهولة ويسر، وهذا من شأنه أن يعيد الكتلة النقدية أو نسبة كبيرة جدا منها إلى داخل إطار النظام المصرفي، ولا شك أن تلك الخطوة لها آثار إيجابية كبيرة على الاقتصاد السوداني، وتسهم في استقرار سعر صرف العملة الوطنية، وتعتبر هذه مرحلة، ولكن تكتمل هذه المراحل بنهاية الحرب بإعادة النظر في التركيبة الفئوية، واستبدال العملة السودانية استبدالا كاملا بنهاية الحلقة".
وأثار قرار بنك السودان المركزي بتبديل العملة جدلا واسعا، ظهرت آثاره بوضوح على مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
وقالت صحيفة "التغيير" السودانية إنه بعد إعلان بنك السودان المركزي عن القرار أصدر رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، قرارا بتشكيل لجنة عليا برئاسة عضو المجلس إبراهيم جابر لمتابعة إجراءات استبدال العملة من فئتي الـ1000 والـ500 جنيه.
كما تقرر إنشاء نيابة ومحكمة خاصة للنظر في قضايا استبدال العملة، خاصة فيما يتعلق بأعمال التحري والتحقيق في مصادر الأموال على أن تراعى السرعة في إصدار الأحكام الرادعة على من تثبت إدانته.
من ناحية أخرى، رفضت "قوات الدعم السريع" القرار، ووصفته بأنه يأتي في سياق مخطط تقسيم السودان وفصل أقاليمه، داعية المواطنين إلى عدم الاستجابة لقرارات الحكومة وإيداع أموالهم، كما دعتهم إلى عدم التعامل بالعملة الجديدة باعتبارها غير مبرئة للذمة.
تطور الأمر إلى أن أصدرت الإدارة المدنية التابعة للدعم السريع قرارا بمنع تدوال العملة السودانية الجديدة في مناطق سيطرتها في دارفور، كما أعلن رئيس الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور محمد أحمد حسن، أنهم لن يسمحوا بتداول فئة الألف جنيه الجديدة التي أعلنها بنك السودان المركزي في مناطق سيطرتهم، وقال: “العملة الجديدة غير مبرئة للذمة ولن نسمح بدخولها للولاية”.
وأسفرت حالة اللغط هذه عن تأثر أسواق المحاصيل والماشية في دارفور بقرارات بنك السودان المركزي بتغيير العملة، إذ أحجم الكثير من التجار عن البيع لتخوفهم من بيع المحاصيل والماشية بالعملات القديمة.
وأعلن بنك السودان المركزي، عن بدء عملية استبدال العملة التي أعلن عنها مؤخرا، والهادفة إلى الحفاظ على الجنيه ومواجهة عمليات النهب التي طالت المصارف والمؤسسات المختلفة.
ونقل موقع "الراكوبة نيوز" عن البنك المركزي السوداني أن استعداداته لاستبدال العملة الجديدة قد اكتملت، وتشمل فئتي الـ500 والـ1000 جنيه.
وأرجع البنك قرار الاستبدال إلى "المحافظة على العملة الوطنية بكبح جماح التضخم، والتحكم في ارتفاع سعر الصرف، والمحافظة على الاقتصاد الكلي وحشد الموارد، وذلك بحض الناس على التعامل عبر المصارف العاملة بالبلاد للحفاظ على مدخراتهم ودخولهم في منظومة الشمول المالي باستخدام وسائل الدفع الالكتروني ما أمكن في معاملاتهم وتسهيل خدماتهم".
وأوضح بنك السودان المركزي أن هذه المرة سيكون الاستبدال مختلفا عما سبقه من تجارب سابقة، حيث سيتم من خلال حسابات الجمهور بالمصارف، كما أطلق البنك حملة إعلامية واسعة سخر لها كل الأجهزة الإعلامية الرسمية والشعبية لتبصير وتنوير الناس ودفعهم لفتح حسابات لهم خاصة الذين ليست لديهم حسابات في المصارف.