يقول المنا لـ"سبوتنيك": "هذا العام تختلف الأجواء عن الأعوام السابقة، حيث مظاهر الفرح والاحتفالات بدأت خجولة والكثير من العادات التي كانت تمارس في دمشق بهذه الأيام من كل عام ألغيت، وبقي الوضع على إقامة الصلوات في الكنائس على أمل استقرار وأمن سوريا".
وأضاف المنا، وهو يضم إليه ابنه الصغير: "العيد يجلب الفرح والمحبة، على الرغم من أننا تخلينا عن أمور كثيرة بسبب الخوف والغلاء والوضع المعيشي، إلا أننا لم نتخلَ عن الفرح".
عدم المبالغة بالاحتفالات
من المتعارف عليه في العاصمة السورية دمشق، ازدحام الشوارع خلال هذه الفترة من كل عام، ويقصد آلاف المواطنين منطقة باب توما وحي القصاع، حيث ترتكز على أطراف الشوارع وأمام الكنائس الموجودة فيها أشجار عيد الميلاد ومجسمات كرتونية لـ"بابا نويل" (سانتا كلوز) والإضاءات الملونة بأشكال متعددة.
ولكن هذا العام اقتضى التزيين على وضع عدد قليل من الأشجار في الساحات، بالمقابل لم تقم أي كنيسة بوضع زينة العيد إلا اليوم، ووجّه رؤساء الكنائس في سوريا نصائح للمسيحيين بعدم المبالغة في احتفالاتهم بعيد الميلاد.
أجواء عيد الميلاد في سوريا 2024
© Sputnik
كما تم إلغاء مسير كرنفال الكشافة في طرقات مدينة دمشق، والتي كانت من المعتاد سير هذا الكشاف من كاتدرائية "سيدة النياح" البطريركية مرورًا بساحة باب توما والقصاع وصولًا إلى ساحة العباسيين، حاملًا مجسمات من صنع يدوي لرموز عيد الميلاد "المغارة ورجل الثلج وبابا نويل" وأيقونات عن السيد المسيح ولوحات قصصية عن الميلاد وغيرها، بالإضافة إلى تقديم معزوفات وترانيم ميلادية.
بالمقابل، خرجت تظاهرات في أحياء عدة بالعاصمة السورية دمشق، بعد حرق مسلحين لشجرة الميلاد في ريف حماة، ما أدى إلى انتشار أمني من قبل عناصر القيادة الجديدة بشكل كبير على كل مداخل ومحارج ساحة باب توما، كما تم وضع دوريات تابعة لهم أمام كل كنيسة في دمشق منذ صباح اليوم.
أجواء عيد الميلاد في سوريا 2024
© Sputnik
السوريون يريدون الحياة
تقول نيرمين حزوري، موظفة في القطاع العام لـ"سبوتنيك"، إن "الاحتفالات هذا العام تأتي في محاولة للقول إن السوريين يريدون الحياة، بالرغم من الوضع الاقتصادي الصعب، فلا محروقات ولا كهرباء، بالإضافة إلى توقف المؤسسات الحكومية عن العمل، وتوقف الكثير من المنشآت الصناعية والتجارية عن العمل، وعدم صرف الرواتب، وغلاء الأسعار وسط تخبط كبير يصيب سوريا".
وتكمل الأربعينية: "احتفال الأسرة بعيد الميلاد سيكلفها ملايين الليرات إذا أرادت إتمام الطقوس الاحتفالية المعهودة. عادةً أسعار الزينة أصبحت غير مقبولة ومبالغًا فيها بشكل كبير، لذلك فإن أولوياتنا خلال الوقت الراهن تتركز على تأمين الطعام والشراب والأدوية. قررنا الاكتفاء بوضع شجرة عيد الميلاد العام الماضي من دون تزيين؛ بحكم أن انقطاع التيار الكهربائي لمدد تصل إلى 10 ساعات يوميًا".
أجواء عيد الميلاد في سوريا 2024
© Sputnik
إلغاء الحفلات في المطاعم
أما بالنسبة للاحتفالات ضمن المطاعم، والذي من المتعارف عليه أن مطاعم دمشق القديمة تشتهر بها، فقال مصدر من جمعية المطاعم بدمشق لـ"سبوتنيك"، أن "المخاوف تنعكس على العادات الاجتماعية، بدءًا من حفلات المطاعم واللباس وصولًا إلى مخاوف التحرك والتنقل مع ساعات الليل الأولى، لذلك قررت الكنائس الدمشقية إلغاء احتفالات الميلاد ورأس السنة والزينة الخاصة بها، والاكتفاء بالصلوات فقط نتيجة للأوضاع المتوترة التي سادت تلك الفترة، كما أن بعض أصحاب المتاجر في باب توما والقصاع يتجنبون بيع الكحول، الذي ترفضه القيادة الجديدة، كنهج حذر في إدارة أعمالهم".
عيد الميلاد هذا العام مختلف في المدينة التي يُخيم عليها الظلام، ويثقل كاهل أهلها ضيق الحال، وصعوبة تأمين لقمة العيش اليومية، فمحاولات التزيين أو وضع أشجار العيد وربط حبال الضوء الملونة، تشبه وضع مساحيق تجميل لجثة هامدة، فأي عيد تمضيه العاصمة بلا كهرباء ولا فرح؟ من دمشق إلى بقية المحافظات السورية، ينتقل مشهد العيد الحزين، ويمكن التقاط صور واضحة عن المأساة التي يحاول السوريون تحويلها إلى أفراح صغيرة يتقاسمونها في أيام العيد، وأحيانًا لا يستطيعون ذلك.