وأعلن عطاف عن التحضير لعقد القمة الثالثة ضمن الآلية الثلاثية التي تضم تونس وليبيا والجزائر في بداية العام الجاري 2025، مشيرا إلى أنه يجرى التنسيق بين الدول الثلاث للتحضير لهذه القمة التي ستتعقد في العاصمة طرابلس.
وانطلقت فكرة اللقاء الثلاثي على هامش قمة الغاز التي احتضنتها الجزائر في مارس /آذار الماضي، حيث تدارس الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره التونسي قيس سعيّد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي الأوضاع الراهنة في المنطقة المغاربية.
وفي أبريل الماضي احتضنت تونس القمة التي جمعت كلا من تونس وليبيا والجزائر وخلصت إلى تكوين فرق عمل مشتركة لتنسيق الجهود لحماية أمن الحدود بين البلدان الثلاثة من مخاطر الهجرة غير النظامية خاصة من دول جنوب الصحراء وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة.
وبحسب متابعين وخبراء في الشأن الدولي فإن هذه القمة تطرح العديد من التساؤلات بشأن أبعادها ورهاناتها في ظل تقلب الأوضاع الإقليمية والدولية .
ملف الهجرة على الطاولة
وأفاد المحلل في الشأن الدولي محمد صالح مجيد، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، بأن أهم الملفات التي من المفترض أن تطرح في هذه القمة هي الملف الأمني وملف الهجرة غير النظامية بعد تسجيل تدفق كبير للمهاجرين غير النظاميين إلى تونس.
ويذهب الخبير الدولي إلى القول إنه "حان الوقت لوضع حد لنزيف الهجرة غير النظامية باتخاذ التدابير اللازمة خلال هذه القمة الثلاثية المرتقبة".
وبيّن مجيد أن الاتفاقيات الممضاة بين الجانب التونسي والإيطالي ما زالت غير واضحة من حيث تطبيقها، حيث أن تونس ما زات تسعى إلى البحث عن حلول جديدة ومقاربات جدية تنهي بها أزمة المهاجرين غير النظاميين.
وتطرق مجيّد أيضا إلى مشكلة التهريب على الحدود المغاربية داعيا الأطراف الثلاثة التي ستجلس على طاولة الحوار إلى إيجاد حلول لهذا الملف كالبحث عن ضمانة لسيولة هذه السلع بين هذه الدول المغاربية وبعث سوق مغاربية، على حد تعبيره.
وتابع: "كل الخطابات المغاربية تدعو إلى تركيز سوق مغاربية ولكن ضلت هذه المسألة في نطاق الوعود ولذلك حان الوقت لتفعيل هذه الخطة".
كما أشار محدثنا إلى أن القطار الرابط بين تونس والجزائر من شأنه أن يعزز العلاقات البينية داخل المغرب العربي، على حد قوله.
ويرى محمد صالح مجيد أن تونس ستستفيد من هذه القمة المرتقبة على جميع الأصعدة لأنها بحاجة الى حل جذري لمشكلة تدفق المهاجرين الذين يتواجدون تقريبا في كل مدينة تونسية.
إشراك الجامعة العربية في القمة
ويعتبر الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي، في حديث لـ"سبوتنيك"، أنه من المفروض أن تكون الجامعة العربية حاضرة في مثل هذه اللقاءات التشاورية التي يسعى المشرفون عليها إلى إعادة اللحمة فيما بينهم من خلال تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية، على حد قوله.
وتابع: "كان على الجامعة العربية أن تكون في الصفوف الأولى من أجل الخروج بخلاصات في المستوى الدولي المطلوب".
كما يرى الدبلوماسي السابق أن عقد مثل هذه المشاورات دون وضع برنامج مسبق وواضح حول الاشكاليات التي سيتم طرحها لن تتجاوز بعدها الشكلي، وستكون فقط من أجل تسجيل الحضور دون الخروج بقرارات ثابتة، على حد تعبيره.
وأضاف العبيدي بأنه توجد العديد من التحديات أمام هذا اللقاء التشاوري الذي سيعقد في طرابلس في ظل غياب كل من المغرب وموريتانيا، مُرجعا أسباب غياب المغرب عن هذه القمة إلى العلاقات المتوترة التي تجمعها بالجزائر والقطيعة المتواصلة مع تونس.
وتشهد العلاقات الدبلوماسية التونسية المغربية فتورا حادا منذ القمة الفرنكوفونية في تونس عام 2022 بعد استقبال رئيس الصحراء الغربية إبراهيم غالي من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد. وهو ما وصفته الرباط حينها بالخطوة التونسية "العدائية وغير المبررة"، وبادرت إلى سحب سفيرها كخطوة احتجاجية قابلتها تونس بخطوة مماثلة.
وفي تعليق لـ"سبوتنيك" أفاد العبيدي أن السلطات التونسية يمكنها أن تمسك اليوم بزمام الأمور وتأمن حدودها في ظل المخاوف من تفجر الأوضاع الأمنية في ليبيا وانعكاس ذلك على البلاد من خلال تدفق المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء القادمين من ليبيا والجزائر قائلا: "هذا التنسيق الثلاثي يعد وسيلة لتونس للعمل على مزيد تأمين حدودها".
الوضع في ليبيا يعجل انعقاد القمة
ومن جهته أفاد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي لـ"سبوتنيك" أن التطورات الأخيرة التي شهدتها ليبيا هي التي عجلت بعقد هذه القمة نظرا للتداعيات الأمنية المحتملة على كل من تونس والجزائر.
وأوضح الجورشي أنه على ليبيا تقديم تطمينات لكل من تونس والجزائر قبل عقد هذه القمة الثلاثية نظرا للتغيرات التي تشهدها وجعلتها غيرة مستقرة أمنيا، على حد قوله.
وتابع: "الجميع يعلم أن الوضع الليبي غير مستقر ويثير جدلا ومخاوف على الصعيد الداخلي والإقليمي أيضا".
كما أكد المحلل السياسي أن الجانب الاقتصادي سيكون حاضرا بقوة خلال الاجتماع المرتقب خاصة بالنسبة إلى تونس بعد التعطيلات المستمرة في فتح معبر رأس الجدير الحدودي مع ليبيا، الذي أصبح يثير قلقا لدى الطرف التونسي، نظرا لتداعياته على أوضاع المواطنين والتجار الذين يعتمدون على التجارة البينية.
وأضاف صلاح الدين الجورشي أنه من بين الأسئلة الضرورية التي يمكن أن تطرحها تونس والجزائر قبل مشاركتهما في القمة هو هل أنه ستكون هناك انتخابات رئاسية وتشريعية قريبا في ليبيا أم لا؟