وفد طبي تونسي يعود من غزة... تفاصيل مؤلمة من الحرب وأمل في إعادة الإعمار.. صور

الأطباء في مستشفى المعمداني كانوا مجبرين على الاختيار أثناء إسعاف الحالات المصابة في قطاع غزة بسبب النقص المسجل في أسرّة الإنعاش وبعض المستلزمات الضرورية التي يحتاجونها. فالوضع في القطاع كان مؤلما للغاية نتيجة القصف المتواصل.
Sputnik
بهذه العبارات نقل الطبيب الجراح الدكتور "كافي الميساوي"، الذي تنقّل ضمن وفد طبي تونسي إلى قطاع غزة، جزءًا من آثار الحرب الإسرائيلية المدمرة التي عصفت بالقطاع وأدت إلى مآس إنسانية متعددة الأوجه.

تفاصيل مؤلمة

التحق الدكتور في الجراحة كافي الميساوي برفقة وفد طبي تونسي يتكون من ثلاثة دكاترة بقطاع غزة في الـ 16 من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن طريق منظمة تعنى بتقديم الاسعافات اللازمة للمصابين في الحرب التي دامت أكثر من سنة وتسببت في مقتل الآلاف من الغزاويين أغلبهم أطفال.
وفد طبي تونسي يعود من غزة ويروي فاصيل مؤلمة من واقع الحرب.
وفي حديث مع "سبوتنيك"، أفاد الدكتور كافي ميساوي الذي عاد إلى تونس قبل أيام بأن الوضع الصحي في شمال غزة كان كارثيا نظرا لانعدام المستلزمات الطبية اللازمة لإسعاف المصابين.
وأضاف الميساوي بأن الطاقم الطبي في مستشفى المعمداني صمد أمام أهوال الحرب وأمام الكم الهائل من المصابين الذين توافدوا عليه، قائلا: "وجدنا صعوبة في إيواء المرضى بسبب النقص الفادح في أسرة الإنعاش حيث أن المستشفى لا يحتوي إلا على ثلاثة أسرة فقط ما جعلنا مجبرين على الاختيار بين الحالات التي تستوجب الإسعاف الأولي".
وفد طبي تونسي يعود من غزة ويروي فاصيل مؤلمة من واقع الحرب.
وتابع: "كان القصف متواصلا ولا يهدأ أبدا في النهار وفي الليل في قطاع غزة ومع كل طلقة نارية من الجانب الإسرائيلي نجد المئات من المصابين أمام باب المستشفى".
ويواصل الدكتور كافي الميساوي الحديث بنبرة حزينة عن الوضع الصحي في مستشفى المعمداني الذي رغم تجاوز طاقة استعابه، إلا أنه ظل صامدا وفاتحا أبوابه أمام الغزاويين.
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
وأضاف: "في خضم هذه المآسي ووسط الأموات أحيانا أخرى كنا نستمع إلى قصص الأهالي الذين فرقتهم الحرب بين الشمال والجنوب وشهدنا على لحظات تدمي القلب منها مشهد لأم قتل ابنها أمامها فنزعت عنه ملابسه لتعطيها لابنها الآخر الذي ما زال على قيد الحياة".
وقال الميساوي إن قطاع غزة قدّم درسا للعالم في الصمود والنضال، مضيفا: "حتى أنني لم أر في حياتي أطفالا يرقصون على بقايا الدمار وتحت الأمطار في مخيمات التي نزحوا إليها بعد فقدان منازلهم".
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
ووجه الميساوي رسالة إلى السلطات التونسية وإلى العالم لمساعدة الإطار الطبي في قطاع غزة الذي يعاني من شلل تام بعد خروج أغلب الخدمات الصحية عن العمل.

تونسيون في الشوارع ترحيبا بوقف إطلاق النار

وثمّنت تونس في بيان أصدرته وزارة الشؤون الخارجية، وحصلت "سبوتنيك" على نسخة منه التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة "بعد أكثر من خمسة عشر شهرًا من جرائم إبادة جماعية ممنهجة".
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
وأكدت أن "التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لا يجب أن يحجب عن مناصري الحق والعدل في العالم مسؤولية مواصلة ملاحقة الجانب الإسرائيلي على ما ارتكبته من جرائم إبادة وتنكيل جماعي ضدّ الشعب الفلسطيني الشقيق".
رافعين الرايات الفلسطينية خرج التونسيون إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية احتفالا بقرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة .
وفي هذا السياق، يرى الناشط في جمعية أنصار فلسطين بشير خضر، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة دليل على انتصار الفلسطينيين في الحرب على إسرائيل.
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
وأضاف خضري: "التونسيون كانوا حاضرين في الشوارع منذ المجزرة الأولى التي نفذتها إسرائيل في حق الفلسطينيين ونددوا بمثل هذه المجازر واليوم نجدهم يجوبون ذات المكان وهم يحملون الراية الفلسطينية ترحيبا بوقف إطلاق النار".
وتحدث خضري حول مشاهد إطلاق سراح الأسرى، قائلا: "لقد قدمت المقاومة درسا لإسرائيل وللعالم من خلال تقديم قلادة تحمل الراية الفلسطينية لأسراهم وهذا في حد ذاته نصر للفلسطينيين".
ويتابع: "الوقفات التضامنية والاحتفالات ستتواصل وسنقف دائما مع الشعب الفلسطيني الذي يحاول لملمة جراحه على أمل إعادة الإعمار".
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
وبين بشير خضري أن جمعية أنصار فلسطين ستنظم، يوم السبت المقبل، مسيرة أخرى احتفالا بوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتذكيرا بالمجازر التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني.

مواصلة المقاطعة

ومن جانبها أفادت الناشطة في جمعية نساء من أجل فلسطي فائزة شكندالي لـ"سبوتنيك"، بأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا يعني العودة للتعاطي مع المنتوجات التي أثبتت دعمها لإسرائيل في الحرب .
وتابعت: "المقاطعة يجب أن تستمر لأن العدو الإسرائيلي ما يزال قائما".
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
وأشارت الناشطة في الجمعية إلى أنه منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة سارعت العديد من النساء الناشطات في الجمعية إلى صنع الحلويات وقامت بتوزيعها على المارة الذين خرجوا للتظاهر في الشوارع التونسية احتفالا بالنصر الفلسطيني في الحرب وتذكيرا بمواصلة حملة المقاطعة، على قد قولها.
كما أوضحت فائزة شكندالي أن حملات المقاطعة في تونس نجحت إلى حد ما في تغيير ثقافة التونسيين الذين عبروا في العديد من المناسبات عن رفضهم التعامل مع المحلات التجارية الداعمة لإسرائيل.
آثار الدمار في غزة
وتحدثت شكندالي عن مواسم التخفيضات في تونس والتي لم تشهد نجاحا منذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بسبب عزوف التونسيين عن الإقبال، قائلة: "لقد حاولنا من خلال تحركاتنا أمام المحلات التجارية التي عبرت عن دعمها للجيش الإسرائيلي توعية التونسيين بمقاطعة هذه العلامة التجارية بعد حملتها الإعلانية التي أظهرت عارضة أزياء تستعرض الثياب في مكان يوحي بالدمار".
وأضافت أن المقاطعة كانت لها نتائج إيجابية حيث أن العديد من التونسيين أصبحوا يتعايشون اليوم مع ثقافة المقاطعة وباتوا يدركون أن الصراع مع إسرائيل متواصل بعد المآسي التي لحقت بقطاع غزة جراء الحرب التي شنتها إسرائيل والتي دمرت أغلب البنى التحتية والمراكز الحيوية في القطاع، على حد قولها.
مناقشة