وأكد الخبراء أن سوريا تشترك مع دول شرق المتوسط الأخرى في حوض "ليفانت"، الذي يضم احتياطيات هائلة تقدَّر بنحو 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
وفي تصريحات لـ"سبوتنيك"، قال خبير النفط العالمي، الدكتور ممدوح سلامة، إن "هناك تطلعات لتحقيق اكتشافات كبيرة في سوريا، حيث تحتوي منطقة الساحل السوري على كميات كبيرة من الغاز مثلها في ذلك مثل الاكتشافات التي تمّت في مصر وقبرص وإسرائيل وربما في لبنان في المستقبل، كذلك الأمر بالنسبة للمنطقة الوسطى ودير الزور، وعندما تتأكد هذه الاكتشافات ستساعد سوريا على العودة إلى إنتاجها بأكثر مما كانت عليه في عام 2011".
وتابع مشيرا إلى أن "وزير الطاقة السوري دشّن قبل الحرب بئرا للغاز تصل قدرته الإنتاجية إلى 130 ألف متر مكعب، وهي كمية لا بأس بها لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة في سوريا".
وأوضح خبير النفط العالمي، أن "إعداد سوريا لخطة خماسية المراحل فور الإعلان عن وجود اكتشافات، يعني عودة سوريا إلى الحيوية التي كانت عليها في السابق".
ومضى لافتا إلى أن "سوريا ستحتاج إلى كميات كبيرة من الأموال والاستثمارات لإعادة بنيتها التحتية، بحيث تسمح لها بتغطية احتياجاتها الداخلية أولا، ومن ثم تعود إلى القدرة على التصدير"، معربا عن اعتقاده بأن "سوريا ما زالت بعيدة عن الاستقرار السياسي رغم التطورات الأخيرة، وتحتاج إلى حكم قوي كعادتها وهذا يتطلب وقتا"، مؤكدا أنه "بدون عودة الاستقرار إلى سوريا تبقى هذه الاكتشافات حبرا على ورق".
وحول التنافس الفرنسي الأمريكي على ثروات الطاقة في سوريا، أكد الدكتور ممدوح سلامة، أن "أمريكا هي المسيطرة على ملف الطاقة الآن عن طريق نفوذها في سوريا، ولن تربح فرنسا هذه الجولة، لكنها يمكن عن طريق الاتحاد الأوروبي أن تساعد سوريا في الوقوف على قدميها، وتوفر لها الاستثمارات لتحقيق هذه الاكتشافات المستقلة الجديدة"، معتبرا أن "كمية الاكتشافات الجديدة غير كافية لتغيير خارطة الطاقة العالمية"، وأكد أن "قدرة سوريا على الإنتاج واحتياطاتها من الغاز والنفط لا تقارن مع قدرات دول الخليج، لكنها تخدم مصالح سوريا وتساعدها على سد حاجتها من الطاقة".
من ناحيته، أوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور ناصر حسين، أن "الاقتصاد السوري لايزال يعاني بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة والصراعات التي شهدتها الأراضي السورية، والتي أثرت بالفعل على استقرار الطاقة، لكن ما أعلنه مركز أمريكي عن الاكتشافات الجديدة والاحتياطات الموجود في شرق المتوسط لسوريا، التي تقدّر بنحو 40 تريليون في البحر، فضلا 15 تريليون قدم أخرى في المناطق البرية يمثّل مشروعا طموحا جدا لكن أمامه تحديات كبرى".
وأوضح حسين في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "الشركات العالمية لن تقبل العمل في البحر المتوسط قبالة الساحل السوري إلا بعد ترسيم الحدود البحرية، وهذا يتطلب موافقة الأمم المتحدة حتى يعطي فرصة للجانب السوري أن يتقدم في ما يخص الطاقة والغاز والاكتشافات البحرية"، مشيرا إلى أن "هناك مشكلة أخرى بالنسبة للتمويل لأن مشروع استخراج الغاز من شرق المتوسط في وجود منتدى غاز المتوسط، الذي يضم عدة دول في المنطقة، منها مصر وإسرائيل وقبرص واليونان يحتاج إلى تمويل كبير قد تدخل فيه البنوك العالمية، وقد اقترحت بعض الدول تأجير منصة عائمة لاستخراج هذا الغاز"، مشيرا إلى أن "المشروع لن يكون سهلا وسيحتاج لفترة طويلة".
وأكد الخبير الاقتصادي أنه "إذا ما تم اكتشاف هذا الغاز وأخذت الحكومة السورية المشروع على محمل الجد، خاصة بعد إلغاء العقوبات الأمريكية، يمكن أن يكون هناك تدخل أمريكي واستثمارات، وإذا ما تم استخراج هذا الغاز سيكون هناك بالطبع تغيير في المعادلة بالنسبة للاقتصاد السوري"، مشيرا إلى وجود "مشروع أنابيب قطري سوري لتصدير الغاز، وهناك خط أنابيب أردني، لكن المعضلة تتمثل في تركيا التي تبحث دائما عن غاز المتوسط وليس لديها غاز، وعليه فإن الأمر يتعلق بالتمويل والاعتراف بالحدود البحرية".
واعتبر حسين أن "تنفيذ مثل هذا المشروع سيجعل من سوريا قوة اقتصادية ولاعبا أساسيا في منظومة الطاقة العالمية، ودولة مؤثرة على مستوى الإقليم بالنسبة لتصدير الغاز بما ينعكس على الاقتصاد السوري بالاستقرار والتعافي".
إعداد وتقديم: جيهان لطفي