راديو

سوريا... تأثير حرائق اللاذقية على البيئة والثروة الزراعية

شهدت محافظة اللاذقية السورية واحدة من أسوأ موجات الحرائق التي تضرب غاباتها ومناطقها الزراعية، فقد اندلعت الحرائق وتوسعت مدفوعة بموجات حر استثنائية وجفاف طويل الأمد ورياح نشطة.
Sputnik
وأدت الحرائق إلى فقدان 16 ألف هكتار من الغابات، واحتراق مئات الدونمات من بساتين الزيتون والحمضيات، التي تشكل مصدر رزق أساسي للسكان.
هذه الكارثة البيئية لم تكن معزولة عن السياق العالمي والإقليمي لتغير المناخ. فقد أصبحت فصول الصيف في سوريا أكثر تطرفًا من حيث درجات الحرارة وطول موجات الجفاف، وهو ما يخلق بيئة خصبة لاندلاع وانتشار الحرائق.
تتزامن الحرائق مع ضعف الإمكانيات في مجال الاستجابة السريعة ومكافحة الكوارث، إلا أن تكاتف الجهود الإقليمية والتعاون والتنسيق مع الدفاع المدني والجهات الدولية، تمكن رجال الدفاع المدني من السيطرة على جميع بؤر الحرائق التي اندلعت في ريف اللاذقية الشمالي، رغم التحديات التي واجهتهم، كسرعة الرياح والتضاريس الوعرة ومخلفات الحرب والإمكانيات المحدودة، دون تسجيل أي خسائر بشرية.
في هذا الموضوع، قال الخبير في شؤون البيئة، زاهر هاشم، إن عدة عوامل أعاقت عمل وتقدم فرق الإطفاء في اللاذقية أهمها التضاريس الجبلية ومخلفات الحرب وحركة الرياح المتقلبة.
وأوضح أن سوريا خرجت من حالة حرب وتحملت نقص معدات الإطفاء والتجهيزات اللازمة لمواجهة الأزمة، بالإضافة إلى تغير المناخ على المستوى العالمي الذي ساهم في انتشار الحرائق، مشيرا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت قلة أمطار في اللاذقية التي تعد من أعلى المناطق من حيث معدل الأمطار.
في نفس السياق، يرى خبير الاستدامة والتغير المناخي، المهندس عماد سعد، أن حجم الضرر يعد استثنائيًا وبالغًا، نظراً إلى الطبيعة الجغرافية والزراعية لمحافظة اللاذقية التي تحتوي على مساحات كبيرة من الغابات الكثيفة والأراضي الزراعية الخصبة.
وأضاف أن النيران امتدت إلى حقول الزيتون والحمضيات والعنب، وهذه محاصيل تشتهر بها محافظة اللاذقية، كما أن الضرر لم يكن كمياً فقط بل طال نوعية الأرض الزراعية نفسها، إذ أن اشتعال الغطاء النباتي أدى إلى فقدان التربة لخصوبتها وزيادة الهشاشية أمام عوامل التعرية، كما طالت الحرائق مزارع حيوانية وخلايا نحل وبيوت بلاستيكية وبالتالي أدى كل ذلك إلى خسائر مركبة.
من جهته، أكد الأكاديمي المختص في علوم البيولوجيا والزراعة، أحمد عز، أن الطبيعة ليست في دائرة اتهام التسبب بالحرائق حول العالم، موضحا أن البشر لهم الدور الرئيسي في حدوث الحرائق التي أصبحت ظاهرة عالمية.
وذكر أن البساتين في اللاذقية مجهزة بشبكات ري متنوعة، وهذا يعني أن المزارعين خسروا كل هذه الشبكات، مما ينعكس على خسائر اقتصادية كبيرة للسكان.
ولفت إلى أن توسع وانتشار الحرائق يؤدي إلى أضرار في التربة من خلال القضاء على المواد العضوية وحرمان النبات منها وهذا له أبعاد متوسطة وبعيدة المدى.
مناقشة