وافت المنية أحد أبرز الفنانين العرب، الذي ترك بصمة لدى جيل الشباب استمرت معهم إلى المشيب، الفنان اللبناني الكبير زياد الرحباني عن عمر ناهز 69 عاماً، ليكتب العالم العربي نهاية قصة طويلة من الإبداع والفن الذي أوصل الفن اللبناني إلى جميع الدول العربية.
عائلة تتوارث الفن والغناء
ولد زياد الرحباني في الأول من يناير/كانون الثاني 1956، في عائلة، ورث فيها الفن بالفطرة، رسمت بأحرف من ذهب أعمالها في الوجدان العربي، ويكفي أن تعلم عزيزي القارئ أن زياد هو ابن "أيقونة الصباح" السيدة فيروز (نهاد حداد)، وأن أباه عراب "نهج الرحابنة" الفنان الراحل عاصي الرحباني.
زياد الرحباني انتهل من "علوم الفن" في سن مبكرة، وبدأ مشواره الفني في عمر صغير، ليضع لمساته الفريدة في الغناء والموسيقى، ويرسم نهجا جديدا أسهم بشكل فريد بتطوير الموسيقى اللبنانية بشكل خاص والعربية بشكل عام.
الفنان اللبناني زياد الرحباني
© Photo / wikipedia
"إبراز الحقيقة القاسية"... بأعمال تتذكرها الأجيال
دخل زياد الرحباني قلوب الجمهور بذكر الحقيقة، الحقيقة كما هي، من دون مواربة أو مزاودة على الجمهور، سلط الضوء على مشاكل جوهرية في المجتمع من خلال عملية "إبراز الحقيقة" حتى ولو كانت جارحة، الأمر الذي أعطى لأعماله لمستها الخاصة، ولعل أبرز مثال على ذلك، إظهار الحالة الطائفية في المجتمعات، بدلا من طمسها، ومن أبرز أعماله التي جسدت هذه الظاهرة مسرحياته الشهيرة "نزل السرور" و"شي فاشل" و"فيلم أميركي طويل" و"بالنسبة لبكرا شو".
نقد لاذع مغلف بسخرية بسيطة
لعل أهم ما ميز زياد الرحباني، هو أسلوبه الساخر، الذي استخدمه في كثير من الأحيان لإيصال نقد لاذع، نقد "يجرح ويداوي"، قد يمسّك شخصيا، لكنك تتقبله بصدر رحب، لقدرته على تغليف هذا النقد بأسلوب جميل ودعابة مميزة.
وعرف زياد الرحباني بجرأته في طرح الأفكار، التي قد اعتبرت في وقت ما من "المحرمات الفنية"، الأمر الذي أوصله إلى مستويات جديدة من الأعمال التي تخاطب أعماق فكر الإنسان، وتلوج في طيات الذكريات، لتنتقل من جيل إلى جيل، في حالة فريدة في عالم الموسيقى والفن.
أعماله تأثرت بحياته الشخصية
أثرت حياة الفنان زياد الرحباني الشخصية على أعماله، وكان لها أثر واضح في كلماته، وظهرت جلية في أغنيات "مربى الدلال"، "بصراحة"، حيث كانت تعيش زوجته، دلال كرم، بعد انفصالها عنه في "بيروت الشرقية"، فيما عاش هو في "بيروت الغربية"، لتظهر هذه الحالة أيضا في كلماته "مربى الدلال ربوكي.. وتعذبوا فيكي يا دلال... ممنونو أنا لأبوكي على الاستقبال".
قام زياد بتقديم أول لحن لأمه فيروز في عام 1973، بعمر الـ17، وعندما كان والده عاصي في المشفى، كانت فيروز ستلعب الدور الرئيسي في مسرحية المحطة، للأخوين رحباني، وكتب منصور رحباني كلمات أغنية تعبّر فيها فيروز عن غياب عاصي لتغنيها في المسرحية، وقام زياد بتلحينها، وهي أغنية "سألوني الناس عنك يا حبيبي... كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا"، لتحصد الأغنية نجاحا واسعا حيث نجح زياد بوضع لحن يستطيع إيصال هذه الكلمات إلى قلب كل من يسمعها.