"السلام بالقوة".. شعار أمريكي يخفي مشروع الهيمنة في فنزويلا

وسط عالم تتبدل فيه خرائط النفوذ، لم يعد السلام قيمة إنسانية بقدر ما أصبح أداة ضغط تُرفع بيد الأقوى وتُفرض على الأضعف، شعارات برّاقة تُسوَّق دوليًا، فيما الواقع يكشف عن هيمنة تُدار بالقوة، وحروب تُخاض بوسائل حديثة لا تقل فتكًا عن الجيوش، لتبقى السيادة رهينة ميزان السلاح والاقتصاد، لا ميزان العدالة والشرعية الدولية.
Sputnik
ويستند الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وفنزويلا، إلى مسار طويل من التوترات السياسية والاقتصادية، التي بدأت تتصاعد منذ أكثر من عقد، إذ تتمحور الأزمة حول رفض واشنطن الاعتراف بشرعية الحكومات المتعاقبة في كراكاس، واتهامها بتقويض الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان، مقابل اتهام فنزويلا للولايات المتحدة بالتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة إسقاط النظام عبر الضغوط الاقتصادية والسياسية.

سفير فنزويلا لدى العراق: نرفض أي اعتداء على بلادنا

وقال السفير الفنزويلي لدى العراق، أرتورو أنيبال كايكوس راميريز: "الهدف الرئيسي من تنظيم ندوة بحضور منظمات المجتمع المدني والصحفيين في العراق، هو التعبير عن التضامن وإدانة الهجوم الأمريكي، ورفض الاستهداف غير المبرر لثروات فنزويلا".
وأوضح راميريز، خلال حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "فنزويلا دولة تدعو دائمًا إلى السلام، وتسعى إلى حل الخلافات بالطرق السلمية"، مشددًا على أنه في حال فُرضت الحرب على بلاده فإن الشعب الفنزويلي، إلى جانب حكومته، سيكون مستعدًا للدفاع عن استقلال وسيادة الوطن.
فنزويلا: ممتنون لروسيا لدعمها في الدفاع عن سيادتنا
وأشار السفير الفنزويلي إلى أن "روسيا الاتحادية تتخذ موقفًا داعمًا لفنزويلا، استنادًا إلى اتفاقيات التعاون والتسوية الموقعة بين البلدين، والتي تشمل مجالات متعددة"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "موسكو ترفض أي اعتداء يستهدف الأراضي الفنزويلية أو يمس سيادتها الوطنية".

العراق يرفض أي تدخل أجنبي

بينما يؤكد رئيس مركز "القمة" للدراسات، حيدر الموسوي، في حديث لـ"سبوتنيك"، أن "العراق يرفض بشكل قاطع أي تدخل أجنبي في شؤونه الداخلية"، مشددًا على أن "البلاد دولة حرة ومستقلة، ولا تقبل المساس بسيادتها، وهو ما نصّ عليه الدستور العراقي بشكل واضح".

وقال الموسوي: "الولايات المتحدة بدأت تتصرف وكأنها "سيدة العالم" وتتدخل في شؤون الدول الأخرى"، معتبرًا أن "هذا النهج لم يعد مقبولًا في ظل المتغيرات الدولية الحالية".

ولفت إلى أن "واشنطن تشهد تراجعًا سياسيًا واقتصاديًا في عدد من مناطق الشرق الأوسط، وتحاول تعويض ذلك عبر تحركات تهدف إلى إرسال رسائل للداخل الأميركي بأنها ما زالت القوة الكبرى المؤثرة في المنطقة والعالم".
وتطرق الموسوي إلى الموقف الروسي، مبيّنًا أن "الولايات المتحدة تنظر إلى روسيا بوصفها الوريث السياسي للاتحاد السوفييتي، وتسعى إلى إبقائها في إطار الحرب الباردة القديمة، إلا أن الواقع الدولي اليوم مختلف ويتطلب مواقف أكثر وضوحًا".
روسيا: الولايات المتحدة تمارس ضغوطا مباشرة لتغيير السلطة في فنزويلا
وأضاف الموسوي أن الأحداث الأخيرة، ومنها ما وصفه بالـ"مجازر" في غزة، إضافة إلى الاعتداءات على سوريا ولبنان واليمن، "تطرح تساؤلات جدّية حول دور القوى الدولية الكبرى، ولا سيما روسيا، وقدرتها على إحداث توازن حقيقي في مواجهة السياسات الأميركية".
وختم الموسوي حديثه بالتأكيد على "ضرورة وجود مواقف دولية واضحة تعيد التوازن إلى النظام الدولي، وتمنع التدخلات الخارجية، ولا سيما الأميركية، في شؤون دول المنطقة، بما يضمن احترام سيادة الدول واستقلال قراراتها".

شعار "السلام بالقوة" غطاء للهيمنة

إلى ذلك، قال عضو المركز والباحث في الشأن الإقليمي حيدر رشيد، إن "واشنطن رفعت شعارًا خطيرًا يتمثل في ما يسمى بالسلام بالقوة"، مؤكدًا أن طهذا المفهوم لا يعني السلام بقدر ما يعكس سياسة الهيمنة وفرض الإرادة على الدول الأخرى".

وأوضح رشيد، خلال حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الدول التي تمتلك القوة العسكرية والسلاح هي وحدها، التي تحظى بالاحترام في النظام الدولي الحالي، في حين تُهمَّش الدول الأضعف"، مشيرًا إلى أن "الولايات المتحدة لا تعير اهتمامًا حقيقيًا لمسارات السلام بقدر ما تركّز على تكريس نفوذها".

ويرى أن "واشنطن لم تعترف بأخطائها السابقة، ولا سيما ما جرى في العراق"، مبيّنًا أن "الحروب اليوم لم تعد تُخاض بالجيوش التقليدية فقط، بل عبر أدوات أكثر تعقيدًا تشمل التكنولوجيا، والضغوط الاقتصادية، والعقوبات السياسية".
مندوب فنزويلا في مجلس الأمن: الخطر الحقيقي لا يأتي من كاراكاس بل من واشنطن
وأشار رشيد إلى أن "الدول التي تمتلك عناصر القوة والردع هي القادرة على الوقوف بوجه السياسات الأميركية"، مؤكدًا أن "امتلاك السلاح والقوة بات عاملًا حاسمًا في منع واشنطن من فرض أجنداتها على الدول الأخرى".

وردّ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، على نظيره الأمريكي دونالد ترامب، الذي أمر قواته بحصار فنزويلا، قائلًا إن "ترامب سيكون أفضل حالًا لو اهتم بشؤون بلاده بدلًا من تهديد كاراكاس".

وفي خطاب بُث على التلفزيون العام الفنزويلي، قال مادورو إن "الرئيس ترامب، سيكون أفضل حالًا في بلده وفي العالم، سيكون أفضل حالًا في بلده على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وسيكون أفضل حالًا في العالم لو اهتم بشؤون بلاده".
وكان ترامب، أعلن سابقًا أن بلاده "ستبدأ قريبًا عملية برية في فنزويلا"، مشيرًا إلى أن "واشنطن تريد توجيه ضربات أوسع ضد عصابات المخدرات بأميركا اللاتينية لا تقتصر على فنزويلا فقط".
مناقشة