القاهرة ـ سبوتنيك ـ أشرف كمال
ارتبطت مصر وسوريا بعلاقات استراتيجية وأمنية تاريخية، ودمشق تمثل البوابة الشمالية للأمن القومي المصري، وعلاقات روسيا بسوريا تاريخية وقديمة ومحورية، فهناك تعاون مشترك في كثير من المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية.
وقد استضافت القاهرة خلال الفترة من 22 إلى 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، حواراً للمعارضة السورية، بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة تعبر عن أوسع طيف من المعارضة، وتوحيد الجهود والمساعي لإحياء الحل السياسي التفاوضي طبقا لـ"بيان جنيف" وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، فصائل المعارضة السورية التي شاركت في المؤتمر، وأكد حرص مصر البالغ علي الخروج من المأزق الراهن في سوريا من خلال الحل السياسي وتوصل فصائل المعارضة السورية إلى نقطة التقاء فيما بينها بما يضمن وقف نزيف الدم السوري، وتحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق في بناء نظامه الديمقراطي التعددي، ويحفظ لسوريا وحدتها الإقليمية وبما يعزز الأمن القومي العربي.
توحيد الصفوف
ويشير تقدير وزارة الخارجية المصرية إلى أن قيادات المعارضة السورية من الداخل والخارج أجمعوا، خلال اللقاء، على الأهمية البالغة للدور المصري في حل الأزمة السورية بالطرق السياسية، وتقديرهم البالغ لعودة مصر إلى القيام بدورها الإقليمي المحوري وتعافيها إقليميا ودوليا، منوهين بأهمية انعقاد "اجتماع القاهرة" الأخير، الذي نظمه المجلس المصري، لتوحيد صفوف ورؤي المعارضة السورية وتطلعهم إلى استمرار الدور المصري الإيجابي في هذا الشأن.
وعقب اجتماع القاهرة، لم يكن من قبيل المصادفة أن تستضيف موسكو خلال الفترة من 26 إلى 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، لقاءً جمع أطياف من المعارضة مع ممثلين عن الحكومة السورية، وقد أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال اللقاء مع المشاركين في الحوار، أن روسيا مهتمة بحل الأزمة في سورية وستواصل تقديم كل أشكال العون، لمساعدة السوريين في تحقيق وحدتهم وصمود الدولة السورية أمام الإرهاب وبناء المستقبل الجيد لسورية، مشدداً على انفتاح بلاده على جميع الأطراف التي تسعى إلى المساعدة لإطلاق عملية سياسية وذلك على أساس ميثاق الأمم المتحدة، موضحا أن موقف روسيا مما يجري في سورية "مبدئي وثابت" وتدعم إيجاد حل للأزمة من قبل السوريين أنفسهم وعلى أساس بيان جنيف الأول.
كسر الجمود
وأضاف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "سورية تمر حاليا بمرحلة صعبة جداً وقد سقط آلاف المواطنين فيها والعدد لا يزال يرتفع، كما هاجر ملايين السوريين إلى خارج بلادهم فيما احتشد داخل سورية الإرهابيون والمتطرفون من كل الأنحاء، ولكوننا أصدقاء سورية المخلصين فإننا على يقين أنها بعد تجاوز كل هذه المآسي ستستقر كدولة ذات سيادة وأراض موحدة وطابع علماني وستكون مزدهرة وسيعيش مواطنوها بكل أطيافهم في رخاء وأمان وسيتمتعون بحقوقهم."
جامعة الدول العربية، عبرت عن الأمل في أن يؤدي التحرك الروسي إضافة إلى جهود الحكومة المصرية مع أطراف المعارضة السورية، إلى كسر حالة الجمود التي أصابت الجهود المبذولة لحل الأزمة السورية، بما يُفضي إلى تحقيق تطلعات الشعب في التغيير السلمي الديمقراطي، ويحفظ أمن سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية، بحسب البيان الصادر عن مكتب الأمين العام الدكتور نبيل العربي.
دويلات طائفية
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير رؤوف سعد، أنه ما دامت هناك أياد خفية وأجندات لأطراف سواء من داخل المنطقة أو من خارجها ما زالت تلعب في سوريا، فمن المتوقع أن تكون المعارضة هدفاً لهذه الأجندات، ولفت الدبلوماسي المصري إلى أن "كثيرين لا يفهمون حقيقة الموقف الروسي من الأزمة السورية"، معتبرا أنهم يتعاملون بـ"سطحية" عندما يتحدثون عن أن "سوريا الحليف الوحيد المتبقي في المنطقة والحفاظ على القاعدة البحرية في طرطوس إلى آخر هذا الحديث…"، مشدداً على أن هناك تخوفاً روسياً تشاركها فيه مصر، بأن تغيير النظام دون نظام سياسي دقيق يدفع سوريا إلى السقوط في يد المنظمات الإرهابية والتقسيم إلى 4 أو 5 دويلات صغيرة، وأن هذا الأمر خطير بالنسبة لروسيا كما هو بالنسبة لمصر.
وزير الخارجية سيرجي لافروف أكد أن موسكو ستتابع جهودها مع القاهرة والدول المهتمة بحل الأزمة في سورية بشكل سلمي لتهيئة ظروف تسمح ببدء حوار شامل تحت رعاية الأمم المتحدة.
هناك توافق في الرؤى بين البلدين حول الأزمة، و وضع حد لمعاناة الشعب السوري ووقف حمامات الدم، ومعارضة التدخل العسكري، في ظل مخاوف مشتركة من سقوط سوريا في يد المنظمات الإرهابية والتقسيم إلى دويلات صغيرة على أساس طائفي.