لقد أصبحت ليبيا ملاذا للعناصر الجهادية ومسرحا يتقاتل على خشبته أكثر من 500 ميليشيا تضم بين أجنحتها أكثر من ربع مليون شخص، جميعهم حاملو أحدث أنواع الأسلحة ما بين ترسانة تم الاستيلاء عليها من مخازن جيش القذافي، وأسلحة تم شراؤها بأموال حقول النفط المستولى عليها.
التقرير التالي يقترب أكثر من مدينة "درنة" الليبية…التي أصبحت بمثابة مصنع للإرهاب، لماذا "درنة" بالتحديد التي اختارها الإرهابيون لتكون قاعدة انطلاقهم الأمر الذي دفع مصر إلى توجيه ضربتها العسكرية إلى مواقع تدريب ومخازن أسلحة تنظيم "داعش" في تلك المدينة؟
فى 19 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي في جلسة دورية لمجلس الأمن تم تبني القرار التالي:
"إدراج مايعرف بتنظيم "أنصار الشريعة في ليبيا" على القائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية بسبب ارتباطه بتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، ولتورطه في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في 2012، وقدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقتها أوراقا لإدراج "أنصار الشريعة" على القائمة السوداء تفيد بأن التنظيم أقام العديد من معسكرات التدريب لإرسال جهاديين إلى العراق وسورية بالدرجة الأولى، وإلى مالي بدرجة ثانية، إلى جانب تورطه في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، وقتل السفير الأمريكي و3 من أعضاء البعثة الدبلوماسية الأمريكية في ليبيا".
من هم أنصار الشريعة في ليبيا؟
ظهر تنظيم "أنصار الشريعة في ليبيا" عقب سقوط نظام الراحل معمر القذافي، بعد تجمع عدد من العناصر المسلحة في مدينة بنغازي وأطلقوا على أنفسهم وقتها "كتيبة أنصار الشريعة في بنغازي"، وسلموا زمام قيادتهم لمحمد الزهاوي، وأحمد خطالة الذي اعتقلته أجهزة المخابرات الأمريكية مؤخرا خلال عملية سرية لقوتها الخاصة داخل ليبيا، وبالتوازى مع ذلك ظهر أيضا في مدينة درنة سفيان بن قم وأنشأ ماعرف وقتها بتنظيم "أنصار الشريعة في درنة" كنسخة من التنظيم المماثل فى بنغازي، وبعد فترة اتحد التنظيمان داخل كيان واحد وأطلق أفراده على أنفسهم ماعرف بتنظيم "أنصار الشريعة في ليبيا"، ثم ظهر بعدها فرع آخر للتنظيم في تونس. وينتمى زعماء التنظيم إلى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وتنظيم "القاعدة في الجزيرة العربية"، فضلا عن الارتباط بالتنظيم الدولي الذي يقوده أيمن الظواهري.
"درنة" عاصمة الإرهاب في ليبيا
"في أكتوبر 2014، خرج قادة تنظيم "أنصار الشريعة في ليبيا" يطلقون بيعتهم لزعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي، واتخذوا رسميا من "درنة" مقرا لهم.
المدينة القديمة الواقعة على ساحل البحر المتوسط البالغ عدد سكانها 80 ألف نسمة، والتي وقعت أسيرة لدى أمراء الإرهاب والتطرف. وفي غضون أيام كانوا قد أسسوا محاكمهم الشرعية وشرطة إسلامية، وفصلوا بين الطلاب والطالبات في الجامعة والفصول الدراسية، وأمروا النساء بارتداء الزي الإسلامي حتى الأطفال منهم عند سن معينة، وبدأوا تطبيق الحدود إلى جانب تخزين السلاح، وإنشاء معسكرات التدريب، والتجهيز لعناصر التنظيم الذين انطلقوا في ليبيا يسيطرون على آبار النفط ويطبقون قوانينهم، وأصبح فرع تنظيم "داعش" في مدينة "درنة" يبعد عن الحدود المصرية 300 كيلومتر فقط، والتي تتشارك مع ليبيا فى حدود صحراوية تصل إلى ما يقرب من 700 ميل.
الحكومة المؤقتة تحذر:
في أكثر من مناسبة خرج وزير الخارجية الليبي محمد الدايري بتحذير للمجتمع الدولي من التكاثر المتزايد لمسلحي تنظيم "داعش" في مدينتي درنة وبنغازي شرقي ليبيا، وشدد على أن "جماعة أنصار الشريعة" انضمت إلى قوات فجر ليبيا، وقامت بهجوم على الهلال النفطي، وفي بيان للحكومة الانتقالية في ليبيا صدر مؤخرا، قالت فيه إنها تواجه مجموعات هي امتداد لتنظيمات متطرفة، وطالبت المجتمع الدولي بالقيام بواجبه في مساعدة الدولة الليبية في حربها على الإرهاب من خلال رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي وتقديم المشورة الفنية والتقنية، لكي يقوم بواجبه في مكافحة التطرف والإرهاب وحماية أمن البلاد والمحيط الإقليمي والسلام الدولي.
مصر تقصف "داعش" فى درنة
فى مقابلة مع شبكة "سى إن إن" الإخبارية، قال سامح شكري وزير الخارجية المصري بعد توجيه ضربة جوية مصرية ضد أهداف إرهابية في ليبيا عقب ذبح 21 مواطنا مصريا على يد تنظيم "داعش"… قال إن الأهداف التي تم ضربها كانت عشرة مواقع متعلقة بالتدريب والتخزين لتنظيم "داعش" داخل مدينة "درنة". ووصفها بأنها كانت "ضربات مركزة"، واعتمدت على معلومات استخباراتية دقيقة جدا بهدف القضاء على قدرات "داعش" في مدينة درنة، وأنه لم تكن هناك أي أضرار جانبية. وأكد أن الضربة جاءت في تلك المنطقة لأنها تحت سيطرة منظمات إرهابية، وأن الجانب المصري سيواصل ضرباته، لكن بحذر بقدر الإمكان.