"سبوتنيك" حاورت المسؤول الأول في وزارة الآثار المصرية عن استرداد الآثار المنهوبة الدكتور علي أحمد علي
القاهرة — سبوتنيك — عمرو عمران
سبوتنيك: الفترة الأخيرة تزايدت الأنباء التي تتناول نهب الآثار المصرية… كيف تتعاملون مع هذا الملف؟
"المواقع الأثرية ومواقع الحفريات تتعرض بشكل متواصل لعمليات تنقيب غير مشروع عن الآثار الفرعونية وبخاصة الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، حينما عانى الجميع من انفلات الأمن، وقطاع الآثار تأثر كغيره من قطاعات الدولة بل ومعاناته أكبر من أي قطاع؛ فمن الممكن أن يستعيد الاقتصاد عافيته أو تزدهر الزراعة والتجارة من جديد، ولكن كيف نستعيد أثراً سرق لا يقدر بثمن ولا يمكن تعويضه؟"
وأضاف أن "المشكلة ليست في سرقة القطع الأثرية من متحف أو مخزن لأنها قطع أثرية مسجلة، ويمكن المطالبة باستردادها في حال ظهرت في أي مكان من العالم، ولكن المشكلة الأكبر تكمن في الحفر غير الشرعي بالمواقع الأثرية ومواقع الحفريات، وفي حالة البناء على أراضي مجاورة لمقابر فرعونية وامتداداتها، فهناك أعمال تنقيب غير مشروع تتم داخل المناطق الأثرية وداخل البيوت المجاورة ومعظم القطع الأثرية التي تخرج من الأرض هي ناتج أعمال حفر غير شرعي".
سبوتنيك: يتابع القارئ المصري والعربي وحتى المهتمين بالآثار في العالم بقلق حوادث تتناول تهريب قطع أثرية من مصر.
"تهريب الأثار يتم عادة عن طريق ثلاث مجموعات، الأولى مافيا تهريب الآثار وهي مجموعات محترفة تعرف أين تنقب عن الأثر، والثانية الهواة الذين يبحثون عن الثراء السريع وينقبون بشكل عشوائي، وهناك من يقومون بالنصب ببيع قطع مقلدة، والواقع أن فترة ما بعد 25 يناير 2011، ونتيجة للانفلات الأمني ظهرت هذه المشكلات وكل هذا يرجعنا إلى سبب المشكلة الرئيسي وهو غياب الوعي بأهمية الآثار الفرعونية؛ فلو كان هناك وعياً ثقافياً ومعرفة لقيمة الأثر لم نكن لنسمع عن أية سرقات، وإذا تكلمنا من الناحية التاريخية، فنجد أن الحضارة المصرية القديمة بها عصور قوة وعصور ضعف، وفي عصور الضعف أو الاضمحلال سرقت مقابر الملوك، وهذا ما يدلل على أن ظاهرة التنقيب غير المشروع عن الآثار وتهريبها ظاهرة قديمة اسبابها واحدة وهي اسباب سياسية, اقتصادية و اخري اجتماعية و كل هذا وجد في مصر في الفترة الاخيرة.
سبوتنيك: كيف يمكن من وجهة نظركم القضاء علي المشكلة؟
"أولاً بالقوانين الرادعة وتشديد العقوبات وتفعيل القوانين القائمة وبعضها سيتم تعديله من خلال البرلمان القادم، وهذه إجراءات يجب أن تتم ولكن أنا أعتقد أن من يجب أن يحمي الآثار هو المواطن المصري الذي يجب أن يدرك قيمة الأثر؛ فيجب أن نبدأ بالتوعية وإدخال مادة الحضارة ضمن المناهج الدراسية ويقوم متخصصون بتدريسها للأطفال والطلاب، كما يجب أيضاً عمل زيارات ميدانية للأطفال إلى المناطق الأثرية المفتوحة والمتاحف، علاوة على تنمية المناطق الأثرية غير المفتوحة لأنه من الخبرة اكتشفنا أنه عندما يكون دخل المواطن قائم على السياحة في المنطقة الأثرية القريبة منه فهو أول من يقوم بحماية الأثر. كان هذا هو الحال في منطقة سقارة والأقصر عندما قاموا بائعو الهدايا السياحية بحماية المخازن المتحفية خلال فترة الفلتان الأمني".
سبوتنيك: هل هناك إحصائيات بأعداد القطع التي تسرق؟ وكيف تخرج القطع الأثرية من البلاد؟
"لا نستطيع أن نحدد عدد الآثار المسروقة في السنة الواحدة، ولكن يمكن أن نقول ما تم ضبطه ومصادرته، فالولايات المتحدة الأميركية تعتبر أكبر سوق في تجارة الآثار عموماً، وليس الآثار المصرية القديمة فقط، إلى جانب بعض بلدان غرب أوروبا لاسيّما إسبانيا وفرنسا وإنجلترا وبلجيكا وسويسرا أي الدول التي يتمتع مواطنوها بدخل مرتفع فتستهويهم القطع الأثرية ويكونون مجموعات خاصة منها".
وأشار إلى أن "هناك محترفين في تهريب الآثار خارج البلاد عن طريق إخفاء القطعة الأثرية داخل حاويات بضائع أو وضع القطع الأثرية الصغيرة داخل تماثيل مقلدة وهدايا تذكارية تُصنّع خصيصاً للمهربين، وكذلك من خلال الأنفاق أو بصحبة المهاجرين غير الشرعيين.
يجب الاشارة إلى أنه يوجد اتفاقية في مصر تنص على أنه لا يوجد في الدولة المصرية تجارة آثار منذ العام 1983، ولذلك نحن في انتظار عودة 284 قطعة تم تهريبها قبل العام 2011، تمت سرقتها نتيجة التنقيب غير المشروع وتهريبها للخارج، وتم بالفعل استرداد 240 قطعة أثرية والباقي سيتم في القريب العاجل"
.
سبوتنيك: ما هي أهم القطع التي سيتم استردادها في الفترة القادمة؟
"في منتصف نيسان/أبريل المقبل من المفترض استرداد هيكل عظمي بشري لواحد من أقدم الهياكل البشرية وعمره حوالي 35 ألف سنة، وقد خرج من مصر في بدايات الثمانينات من القرن الماضي وتم تهريبه إلى بلجيكا، وهو هيكل عظمي لشخص بسيط من منطقة سوهاج جنوب القاهرة، ولكنه يمثل أهمية خاصة بالنسبة لدراسة تطور الجنس البشري وهذا هو الهيكل الثاني، فيما الهيكل الأول هو "هيكل الترامسة" وهو موجود الآن بمصر وعمره حوالي 52 ألف سنة، وسوف يتم عرض الهيكلين في متحف الحضارة في منطقة الفسطاط بالقاهرة".
سبوتنيك: وماذا عن القطع المسروقة من المتحف المصري؟
""فيما يخص المتحف المصري، تم استعادة معظم المسروقات ويتبقى 19 قطعة من إجمالي حوالي 80 قطعة.
سبوتنيك: ألا توجد أية مفاوضات تجري لاستعادة بعض القطع ذات الشهرة الواسعة مثل حجر رشيد ورأس الملكة نفرتيتي؟
"هذه قضايا لا تُغلق أبداً، فما خرج بطريقة غير شرعية من حقي كدولة أن أطالب به، ولكن أحيانا المطالبة تكون مرتبطة بتوقيتات معينة، والمهمة الأكبر الآن هي إيقاف عملية تهريب الآثار والعمل على ما تم خروجه في الفترة الأخيرة، واستطيع القول إن كل هذه قضايا قائمة ولايملك أحد أن يتركها".