عرض الأزياء (Baghdad fashion) أول عرض أزياء في تاريخ العراق والذي حضرته وكالة "سبوتنيك" الروسية، في فندق الرشيد، مقصد الملوك والرؤساء في المنطقة الخضراء مقر الحكومة العراقية، مساء يوم الجمعة الماضي، نافس عواصم الموضة العالمية، باريس، ولندن، وميلانو.
من "أرض الشناشيل" البصرية الأثرية جنوب العراق، قطعت عارضات المصمم أيمن سلطان حاجم، صالة العرض كزوارق شط العرب، على أنغام مقام الحجاز لأغنية "فوك النخل" للفنان العراقي الكبير، ناظم الغزالي.
تميزت مجموعة أزياء، أيمن الذي بدأ بقص القماش، في عمر السادسة عشرة ، بثياب سهرة تباينت بين الأحمر القاني، والبرتقالي المُرصع بالكريستال عند الأكتاف والرقبة، والزهري المجسم بخيوط فضية مُشعة، وأخر قصير بكم واحدة يُكحل ياقته وشاح أسود طويل.
وعرض أيمن الحالم بالارتقاء في عالم الموضة والأزياء الذي يعتبره الطريق الوحيد للسعادة لترجمة مشاعره، ثياب بتدرجات ألوان البنفسج والسلفر، مع ثوبين باللون الأحمر، بذيلين من قماش التول، التي مزج الأناقة والفخامة بخياطتها.
وأنساب عزف عود شجي، قُبيل عبور عارضات أزياء المصممة سارة جمال الدين هاشم من العاصمة بغداد، على وقع موسيقى مقام "عجم" لأغنية طالعة من بيت أبوها للغزالي أيضاً.
انفردت سارة، بمجموعتها التي تضمنت ثياب السهرة الفخمة بين الأسود والأزرق الجويتي، بلا أكمام التي استبدلتها بسلاسل فضية، وبينها ثوب أحمر مع معطف من الفرو الناعم وعنق بلفات من حبات اللؤلؤ الحمراء.
عرضت سارة المصممة التي تسعى إلى إيصال أفكارها وقدراتها إلى العالم على خط تصميم شرقي عراقي خاص بها، ثياباً للمحجبات بينها زهري بمعطف من الشيفون المقصوص دائرياً.
وعند النغم الطروب لأغنية "عد وآنه أعد ونشوف" للفنانة العراقية الكبيرة أنوار عبد الوهاب، تمايلت عارضات تصاميم رنده حسام العمر البغدادية المُقيمة في تركيا، بثياب متداخلة الأبيض والأسود يُلاءم عتق الأغنية وتراث العراق.
عكست رنده سالم، الرؤية الخارجية في تصاميمها التي ساد عليها اللونين الحياديين، برُقي وبساطة وبقصات أدخلت أرضية الشطرنج لعبة الذكاء، والقفازات التي ارتدتها العارضات بفردين أو قفاص ليد واحدة فقط.
واعتمدت رنده بعروضها، أقنعة سوداء وبيضاء للعيون، مُطرزة بالريش والخيوط اللامعة، لتُنهي عرضها بثوب من الدانتيل الفخم الذي خدع بصر الحضور على أن العارضة عارية من منطقة البطن فما فوق وبربطة عنق داخلية وياقة بيضاء كبيرة، ونهايته حاشية معمولة بالخيوط الفضية، فيما تلاعبت المصممة نادية الفتاة الخجولة ذات العشرين ربيعاً، بتعويذة اليشماغ المُصنوع للرجال السومريين، حصراً، ومنحه لمسة ساحرة للفتيات.
اليشماغ المخطط بالأحمر والرمادي، والأسود بأرضية بيضاء الذي ارتدى أول نوع منه، الحاكم السومري كوديا (2146-2122) قبل الميلاد، في مجموعة نادية، مُصمم بناطيل وحمالة صدر، وقلنسوة للنساء.
دخلت نادية الطالبة في كلية الفنون الجميلة، التي عبرت نهاية العرض، بلكنة عربية مُكسرة، إنها "خُلقت لتكون مُصممة أزياء"، الزي العربي البحت، بقطع الشروال والأحزمة القماشية العريض الكردية، بألوان الأسود، والأبيض، والأوف وايت.
وحضرت الملكة السومرية الأكثر شهرة في التاريخ الإنساني في العراق والعالم، (بو — آبي) شبعاد، سيدة الحلي والزينة، ضمن مجموعة نبع فرات بحر المُصممة من بغداد، بينما طرزت نبع، وجه "الملكة شبعاد" على ثوب فضفاض من الساتان الأحمر ضمن مجموعتها التي اعتمدت الطابع الفلكلوري العربي والكردي، والخليجي، بثياب فضفاضة وعباءات بعضها من قماش الساتان
وبالمقابل الخيوط صاخبة اللمعان من الأزرق والأحمر والكريستالي والأسود، طابع تصاميم جيهان طارق الفتاة العراقية التي تعلمت الخياطة في سن التاسعة من العمر، في العرض ما قبل الأخير
ثياب السهرة غلبت على مجموعة جيهان، بينها تصاميم مُكونة من قطعة واحدة بها بنطال، وأخرى مرصعة بالشذر قماش "طش الرمل" مثلما تُسميه العراقيات المُتمثل بالنقط اللامعة المُتداخلة بتصنيع القماش.
وأخذت وفاء مندوب الشذر، المصممة من بغداد، الحاضرين إلى جنائن بابل المُعلقة إحدى عجائب الدنيا السابع في العالم القديم، بمجموعتها من "الهاشميات" التي نقشت عليها معالم حضارة مع وجه الأرض والقمر وزحل وعدد من النجوم الطيارة، كما طافت وفاء بالمشاهدين حول مآذنة الملوية من أبرز معالم تاريخ العراق، مروراً بوجه محمد مهدي الجواهري الشاعر العراقي المُلقب بشاعر العرب الأكبر، في مجموعتها التي تنوعت فساتينها بين الأسود والفضي، والذهبي، والزهري.
وعلى هامش العرض، الذي حضره حشد كبير من الشخصيات الثقافية والسياسية وعدد من الأجانب والعرب والمواطنين، قال سنان كامل، مصمم الأزياء وخبير الموضة العراقي، ومدير مشروع "فاشن شو بغداد"، لوكالة "سبوتنيك"، إن "العرض هو الأول من نوعه في تاريخ العراق، بطاقات ست مُصممات ومصمم جميعهم عراقيين، بينهم عراقية وصلت من إيران قبل العرض بساعات".
وأكد سنان أن العرض سيكون سنوياً، وفي العام المقبل سيكون العرض أجمل.
وتزامن عرض الأزياء مع صراع العراق، ضد الإرهاب المتجسد بتنظيم (داعش)، الذي حطم جزءً ليس بالقليل من تاريخ البلاد الإنساني لاسيما الآشوري، بعد أن نفذ إبادات وحشية بحق العراقيين أما بتهجيرهم قسراً تحت السيوف، أو إشباع الأرض برفاتهم بمقابر جماعية.