واستأنف روس مهامه بعد الفتور الذي شهدته الاتصالات بين المغرب والأمين العام، عقب رفض الرباط تقرير بان كي مون إلى مجلس الأمن في أبريل/نيسان 2014.
وتعمل البعثة الأممية في الصحراء الغربية على مراقبة وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو منذ عام 1991.
والصحراء الغربية، إقليم في شمال غرب الساحل الأفريقي، تحده المغرب التي تعتبره جزء لا يتجزأ من أراضيها، وكذلك تحده موريتانيا والجزائر. وكانت الأمم المتحدة قد سعت للتسوية في الصحراء الغربية، منذ انسحاب إسبانيا في عام 1976، واندلع القتال عقب ذلك بين المغرب التي كانت قد أدمجت الإقليم، وجبهة البوليساريو التي تسعى "لاستقلال" الإقليم عن المملكة المغربية.
تمديد مهمة البعثة الأممية وترحيب مغربي و جزائري
وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية لمدة عام دون تعديلها، داعيا إلى إحياء المفاوضات حول هذا النزاع المستمر منذ 40 عاماً، وصوّت المجلس بالإجماع على القرار الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا.
واعتبرت وزارة الخارجية المغربية أن اعتماد مجلس الأمن القرار رقم 2218 حول قضية الصحراء الغربية، يعزز المكتسبات، التي حققها المغرب في مسلسل الوساطة الأممية، ويجدد التأكيد على البعد الإقليمي للنزاع، من خلال دعوة بلدان الجوار، لاسيما الجزائر، إلى "التعاون التام بشكل أكبر مع منظمة الأمم المتحدة"، وإلى "الانخراط بحزم أكبر من أجل وضع حد للمأزق الحالي والمضي قدما نحو حل سياسي".
كذلك سجلت وزارة الخارجية الجزائرية ارتياحها تجاه التزام الأمم المتحدة بالعمل من أجل التوصل إلى حل عادل لقضية الصحراء، وقالت إن "الجزائر تسجل بارتياح تجديد مجلس الأمن الدولي في لائحته رقم 2218، التزام الأمم المتحدة بالعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، يفضي إلى تقرير مصير شعب الصحراء الغربية، طبقا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وكذا لوائح الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي، والمواثيق الدولية المتعلقة بتصفية الاستعمار".
وأوضح البيان أن "الجزائر تعرب عن أملها في أن تسهم جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بقوة في مسار التسوية السياسية لنزاع الصحراء الغربية، ووضع حد للانسداد الحالي في مسار تصفية الاستعمار من هذا الإقليم، الذي أدرجته الأمم المتحدة في قائمة الأقاليم غير المستقلة منذ أكثر من نصف قرن".
تاريخ أزمة الصحراء:
خضعت منطقة الصحراء الغربية للاحتلال الإسباني منذ عام 1884 حتى توقيع اتفاقية مدريد عام 1975، و في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1975، صدر الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، حول الوضع القانوني لإقليم الصحراء، والذي انتهى إلى أنه، إبان الاستعمار الإسباني، كانت توجد روابط قانونية بين المغرب والصحراء الغربية، متمثلة في روابط البيعة من القبائل المقيمة بالصحراء لسلاطين المغرب، كما وجدت روابط عرقية بين موريتانيا والصحراء الغربية، غير أن كل هذه الروابط لا ترقى إلى جواز بسط أي من المغرب أو موريتانيا سيادته على الصحراء.
انتقد المغرب هذا الرأي الاستشاري، الذي استند على المعايير الغربية، ولم يأخذ في اعتباره مفهوم البيعة في الإسلام، التي تقضي بتمتع السلاطين بالسيادة متى حظوا بولاء سكان الأقاليم.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 1975، أطلق ملك المغرب الحسن الثاني ما عرف آنذاك بـ"المسيرة الخضراء"، لاستعادة أقاليم المغرب الجنوبية، وخضعت إسبانيا للضغوط المغربية بقبول مفاوضات مباشرة مع كل من المغرب وموريتانيا حول مستقبل الإقليم.
وأسفرت المفاوضات إلى "اتفاق مدريد" بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا، ونص على إنهاء الاحتلال الإسباني بحلول فبراير/ شباط 1976.
لكن الاتفاق لم تقبله الجزائر، وقررت دعم جبهة البوليساريو، عسكرياً. وجاء الإعلان عما يعرف بـ"الجمهورية الصحراوية" في 27 فبراير/ شباط 1976، وتشكيل حكومة في المنفى في منطقة "تندوف" بالجزائر.
وفى عام 1979، أعلنت موريتانيا التخلي عن مطالبها في الصحراء الغربية، وقامت بتوقيع اتفاق مع جبهة البوليساريو.
واعترفت 21 دولة بما يعرف بـ"الجمهورية الصحراوية"، مما دفع المغرب إلى تعليق عضويته في منظمة الوحدة الأفريقية ـ الاتحاد الأفريقي حاليا ـ عام 1984، وعقب قبول عضوية "جبهة البوليساريو عام 1982.
وشدد مجلس الأمن في قراره رقم 658، في يونيو/حزيران عام 1990، على خطة للتسوية تتضمن وقف إطلاق النار عبر شريط بطول المنطقة المتنازع عليها، وإجراء استفتاء يختار فيه شعب الصحراء الغربية بين الاستقلال، أو الاندماج مع المغرب، وعليه تم إنشاء بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية "مينورسو"، لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في سبتمبر/أيلول 1991.
في 29 يونيو/حزيران 2001، أيد مجلس الأمن في قراره رقم 1395، مقترح المبعوث الخاص إلى المنطقة "جيمس بيكر"، حول سيادة المغرب على الصحراء لمدة خمس سنوات، يليه استفتاء. وقبل المغرب هذه الخطة، بينما رفضتها الجزائر والبوليساريو.
وفي عام 2003، تقدم جيمس بيكر بمقترح ثان سمي بـ"مخطط البوليساريو"، اشترط لتفعيله الحصول على موافقة كافة الأطراف، وفي ضوء الخلافات التي سادت حول مضمونه بين المغرب وجبهة البوليساريو، لم يتم تفعيل المقترح.
وحاولت الأمم المتحدة تنظيم استفتاء لتقرير المصير منذ 1991، تحت غطاء بعثة الأمم المتحدة، لكنها لم تنجح.
وفي عام 2007، قدّم المغرب مبادرة حول الحكم الذاتي في الصحراء، تضمنت ممارسة سكان الصحراء لحقوقهم من خلال هيئات تشريعية، بالإضافة إلى إقامة هيئات تنفيذية وقضائية. ورحب مجلس الأمن في قراره رقم 1754، في عام2007، بالمبادرة المغربية التي وصفها بالجادة وذات المصداقية، مطالباً الأطراف بالدخول في مفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2012، وصل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس إلى المناطق الصحراوية، الواقعة تحت نفوذ المغرب، وزار مخيمات "تندوف"، جنوب غرب الجزائر، بهدف تسهيل المفاوضات المباشرة بين أطراف النزاع، ومحاولة الوصول لحل سياسي عادل ودائم ومقبول.
وخلال عامي 2013 و 2014، فشلت كافة المحاولات الرامية إلى توسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، وكانت هذه المحاولات سببا في أزمة حادة بين المغرب والمنظمة الدولية.