ومع استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ما يزيد عن تسعة سنوات، والانقسام الفلسطيني الذي حطم أحلام الكثير من الشبان وانعدام فرص العمل، لم يجد شبان جامعيين في غزة سوى الانترنت ملجأ لهم للعمل، أملاً في توفير حياة كريمة لهم ولعائلاتهم.
وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى وجود أكثر من 100 ألف خريج في القطاع دون عمل نتيجة الظروف الصعبة التي يعاني منها القطاع، وتتجاوز نسبة البطالة 48%، ومعدل الفقر يتجاوز 65%.
واضطرت نداء وشاح التي تخرجت من قسم الحاسوب بجامعة الأقصى في العام 2011 للبحث عن العمل في الواقع الافتراضي عبر الانترنت بعد فقدانها للأمل بالحصول على وظيفة ثابتة في واقعها الحقيقي بغزة.
وتقول وشاح لوكالة "سبوتنيك" الروسية: إنها سعت كثيراً للبحث عن وظيفة حكومة أو في مؤسسة خاصة، لكنها لم تفلح في ذلك، الأمر الذي دفعها للبحث عن وسائل أخرى للعمل بتشجيع من عدد من زملائها الذين كانوا يعملون عبر الانترنت.
وأضافت: "عملت في موقع عبر الانترنت كمصممة للمواقع كما عملت في البرمجة"، مشيرة إلى أنها تتابع العمل الآن على أكثر من موقع، ومنحت عقداً في مؤسسة دولية تدعم الشباب الذين يعملون عبر الانترنت.
الخوض في كل هذه المهام لم يكن بالسهل بحسب وشاح كونها سيدة لكن مع مرور الوقت بدأت كل الصعوبات تتلاشى، مشيرة إلى أن أول عمل وفر لها مبلغ 15 دولاراً فقط لكن اليوم يصل ثمن العمل الواحد لنحو 600 دولار.
أما حنان خشان المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والخريجة منذ عام 2010 فتقول: "إن الظروف في قطاع غزة صعبة جداً، وزوجي موظف في حكومة غزة السابقة، ولا يتقاضى راتب، وعندي طفلين وبيت بالإيجار"، وتضيف: "حاولت الحصول على عمل أو حتى فرصة تدريب في أي من مؤسسات قطاع غزة للحصول عبى خبرة، ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل".
وظهرت بارقة الأمل لدى السيدة حنان حينما شاركت ببرنامج تدريب للخريجات وأصبح لديها القدرة على إنجاز المشاريع وبرمجة مواقع انترنت.
وتقول لوكالة "سبوتنيك" الروسية: "بعد ذلك قمت بالبحث عبر الإنترنت وتعرفت على نظام العمل من المنزل"، وبدأت أول عمل لي وصممت موقعاً إلكترونياً.
وأشارت إلى أن الصعوبات التي واجهتها في بداية الأمر كانت بسبب عدم وجود دفع الكتروني في قطاع غزة، لكنها استطاعت التغلب على الأمر عبر التحويلات من خلال البنوك، وتشير السيدة الفلسطينية أنها واجهت عدة مشاكل في ظل انقطاع الانترنت والكهرباء إلا أنها ومع كل عمل تنجزه كانت تتغلب على هذه المشاكل وتجد لها حلولاً في ظل المردود المالي الجيد لهذه الأعمال.
وتشير وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى نمو خدمات الانترنت خلال الربع الأول من عام 2015 على الرغم من استمرار الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة ومنع إدخال أجهزة ومعدات الاتصالات.
وشهد العدد الاجمالي لمشتركي الانترنت نمواً بنسبة 15.7% ليصبح 71556 مشترك في نهاية الربع الأول من عام 2015 مقارنة مع نهاية الربع الأول من عام 2014، ونمواً بنسبة 8.2% مقارنة مع نهاية العام 2014م
ويقول محمد أبو القمبز المدرب في الاعلام الجديد: إن هناك كثير من المجالات المختلفة في غزة، فتحت لها الآفاق للعمل عبر الإنترنت من خلال تقديم خدمات الكترونية نتيجة انعدام فرص العمل.
ويشير أبو القمبز في حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية الآونة الأخيرة شهدت ظهور شركات متخصصة تربط المتخصص مع شركات أخرى، وتوفر بيئة عمل للشباب بغزة وتوفر لهم آفاق كبيرة في ظل الحصار وإغلاق المعابر ومحدودية فرص العمل.
ويشير المدرب الفلسطيني إلى أن العمل عبر الإنترنت وفر للشباب في غزة فرصة كبيرة وأعاد لهم الأمل في بناء مستقبل مؤقت لحين انفراج الأوضاع في القطاع.