سبوتنيك — القاهرة/بغداد — مروان عبدالعزيز ونازك خضير
البيت الأبيض يتخاذل في إنقاذ العراق
في الرابع عشر من أبريل الماضي وصل حيدر العبادي إلى واشنطن في زيارة رسمية على رأس وفد حكومي طلباً للسلاح، كان ذلك قبل معركتي الأنبار والموصل، إلا أن العبادي عاد إلى بلاده "خالي الوفاض" بعد أن رفضت واشنطن دعم العراق بالسلاح والعتاد العسكري.
وهو الأمر الذي دفع بالعبادي إلى تغيير بوصلته، والاتجاه إلى العاصمة الروسية موسكو، جاء ذلك في وقت تشهد العلاقات الروسية العراقية حالة من الدفء والارتياح والتعاون.
وهو ما أكده رئيس كتلة التغيير البرلمانية الكردية في برلمان العراق، النائب هوشيار عبدالله، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، حول زيارة رئيس البرلمان، سليم الجبوري، في أبريل الماضي في وقت سابق. وجاءت تلك الزيارة في وقت كانت فيه العاصمة العراقية تستقبل مبعوثاً خاصاً للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط لإجراء مباحثات ومع كبار المسؤولين العراقيين بشأن تسليح الجيش العراقي ومناقشة الأزمة اليمنية.
وقال عبدالله، "يسعى العراق إلى المزيد من التعاون مع روسيا التي لديها نوع من الحضور في الحقب التاريخية كافة".
وقتها سلّم بوغدانوف، رسالة خطية من الرئيس فلاديمير بوتين إلى الحكومة العراقية، وهي الدعوة التى يلبيها خلال اليومين القادمين، حيدر العبادي، بزيارته إلى موسكو.
ربيع العلاقات الروسية العراقية
المتحدث الرسمي باسم رئاسة الحكومة العراقية، سعد الحديثي، كشف لـ"سبوتنيك"، أن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، سيقوم بزيارة إلى موسكو في النصف الثاني من شهر مايو/ أيار الجاري، يبحث خلالها التعاون المشترك في المجالات العسكرية، والأمنية، والاقتصادية.
وقال الحديثي "إن الزيارة تأتي تلبية لدعوة رسمية تلقاها العبادي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي نقلها بوغدانوف.
وأضاف الحديثي، أن "رئيس الوزراء العراقي يحمل ثلاثة ملفات لبحثها مع المسؤولين الروس، منها دعم العراق عسكرياً واستخباريا، وتسليح القوات الأمنية، التي تخوض حرباً شرسة ضد تنظيم "داعش" في شمال وغرب البلاد، والتصدي لمخاطر الإرهاب والتطرف".
مرحلة جديدة من الدفء
ومن جانبه عبر سفير جمهورية العراق لدى روسيا، إسماعيل شفيق محسن عن امتنان بلاده لروسيا لدعمها في مكافحة الإرهاب. وقال في حديث لصحيفة "روسيسكايا غازيتا"، إن رئيس الوزراء العراقي سيصل إلى موسكو تلبية لدعوة من الرئيس بوتين، وأثنى الدبلوماسي العراقي على دور روسيا لدعمها التسليحي والسياسي في محاربة تنظيم "داعش" ومكافحة الإرهاب الدولي.
وذكر السفير أن إحصاءات غير رسمية تُظهر أن العراق يحتل المركز الثاني عالمياً في مشتريات الأسلحة الروسية.
وعن التبادل التجاري بين العراق وروسيا، قال السفير إن حجمه في عام 2014، ارتفع إلى ملياري دولار مقابل 250 مليون دولار في عام 2013، مضيفا أن بلاده لديها الرغبة في تعزيز حجم التبادل التجاري بين الدولتين وزيادته.
مماطلة أمريكية وترحيب روسي
ومن جانبه يرى الخبير الأمني الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، لـ"سبوتنيك" أن معاناة العراق بسبب حالة الاستنزاف الحادة في العتاد والسلاح، هي التي دفعته إلى تغيير بوصلته إلى موسكو بدلاً من واشنطن طلباً للدعم ضد الإرهاب، في أعقاب رفض
وأيد المحلل السياسي العراقي، إحسان الشمري، في حديث لـ"سبوتنيك"، رأي الهاشمي، واصفا توجه العراق شرقاً، إلى روسيا الاتحادية لتسليح الجيش العراقي، بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح"، بعد إخفاق الولايات المتحدة الأمريكية في حفظ أمن العراقيين.
وأضاف الشمري، كان يجب على الولايات المتحدة، دعم العراق عسكرياً واستخبارياً، مع رفع جاهزية القوات العراقية، لكن العبادي، أصيب بصدمة كبيرة بعد أن رأى مماطلات واشنطن في إنقاذ العراق، هو ما دفعه إلى تلبية دعوة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
وأكد الشمري، أن روسيا كانت أول من أعلنت استعدادها الكامل لدعم العراق، ضد الإرهاب، معربا عن تفاؤله بزيارة رئيس الوزراء العراقي، العبادي، إلى العاصمة الروسية، موسكو في النصف الثاني من مايو/ أيار الجاري، وإحياء علاقات قديمة على المستويات كافة، ومنها التسليح مع الجانب الروسي.
السلاح الروسي و"العقيدة العراقية"
أما هشام الهاشمي، فأكد أن اتجاه العراق إلى روسيا ليس وليد اللحظة، بل هو مسألة "عقيدة"، لافتا إلى أن العقيدة العسكرية في معظم أسلحة القوات العراقية هي روسية، ولا تزال المدرسة الروسية منذ السبعينيات حتى الآن هي المؤثرة في العسكرية العراقية، بل حتى على مستوى مسائل الأمن الداخلي العراقي، وبناء عليه ليس مستغربا أن يلجأ العبادي والحكومات السابقة إلى روسيا للاستعانة بالأسلحة الروسية وعقد الصفقات الكبيرة، لاسيما أن روسيا منفتحة في دعم العراق خلال حرب ضد "داعش".
ولفت إلى أن "موسكو لا تضع شروطا مثل تلك التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية في بيع السلاح، وأن روسيا توفر العتاد العسكري بضوابط قانونية غير مشروطة".
وشدد الهاشمي على أن روسيا يمكنها أن تلبي احتياجات العراق كافة من الأسلحة التي يحتاجها في حربة ضد الإرهاب، خاصة أن الأسلحة الروسية لا تحتاج إلى الكثير من التدريب، لأن العقيدة العسكرية العراقية هي "عقيدة روسية" من الأساس.
وكشف الهاشمي أن العراق يعتزم شراء مروحيات، وأسلحة متطورة من روسيا، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 3 مليارات دولار.
وأضاف الهاشمي، "الأسلحة الروسية التي يرغب العراق الحصول عليها، تتضمن عدداً من الطائرات المروحية، والدبابات، والمدرعات، وأسلحة قنص، وتقنيات الرؤية الليلة والمتوسطة"، مرجحاً أن تكون الصفقة معدة للتنفيذ، وبشكل سريع.
وأشار إلى أن العقد لم تُحدد تفاصيله حتى الآن. وهو ما رفضت أمريكا الموافقة عليه، ووضعت عدداً من الشروط على بعض طلبيات الأسلحة، كاشفاً أن أمريكا رفضت الأسلحة لمصلحة بغداد مشترطة أن تورد الأسلحة إلى فئة معينة من العراقيين، وهم الأكراد فقط، وهو ما دفع العبادي إلى التوجه إلى روسيا التي تدعم العراق بالأسلحة والعتاد دون شرط أو قيد.
كانت الحكومة العراقية رفضت في وقت سابق مشروع القانون المقترح في الكونغرس الأمريكي، الرامي إلى تسليح الأكراد والسنّة، دون العودة إلى حكومة بغداد الاتحادية، محذرة من إقراره درءاً لانقسامات قد تحدث في المنطقة.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وقتها، في بيان نشرته "سبوتنيك"، "إن المشروع المقترح في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس مرفوض، ويؤدي إلى مزيد من الانقسامات في المنطقة، وندعو إلى عدم المضي به خدمة للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين في محاربة الإرهاب". وأكدت الحكومة، أن أي تسليح لن يتم إلا عن طريقها، وفقاً لما تضعه من خطط عسكرية.
المحور الروسي الصيني
وحول ما إذا كانت روسيا يمكنها تلبية احتياجات العراق من العتاد والأسلحة أكد الهاشمي أن الرأي العام والكتل السياسية والساسة والمثقفين ينادون فى كل الأرجاء والفعاليات بضرورة التوجه العراقي نحو المحور الروسي الصيني كونه المحور الأكثر التزاماً والأكثر وفاءً بتعهداته والتزاماته وانفتاحه على الحرب ضد الإرهاب أكثر من المحور الأمريكي- الخليجي.
ومن جهته، أكد الباحث السياسي العراقي إحسان الشمري، أن روسيا هي أول من أعلنت استعدادها الكامل لدعم العراق ضد الإرهاب، مستبشراً بتحقيق زيارة رئيس الوزراء العراقي، العبادي، إلى العاصمة الروسية، موسكو في النصف الثاني من مايو/ أيار الجاري، لأهدافها ونجاحها في تفعيل علاقات قديمة على المستويات كافة اقتصاديا وتجاريا واستثماريا واستراتيجيا، ومن بينها جوانب تسليح الجيش العراقي