واعتبر المحلل العسكري المصري، اللواء محمود منير حامد، في تصريحات خاصة لوكالة "سبوتنيك" الروسية أن ما أقدمت عليه روسيا "غير مسبوق"، ويبرهن على مدى توتر العلاقات بين موسكو والولايات المتحدة الأمريكية وحلف "الناتو"، لافتا إلى أن موسكو تحتفظ بحقها في اتخاذ ما يناسبها من قرارات تمنع مرور أي شحنات عبر أراضيها، أو استخدام مجالها الجوي.
بدائل باهظة
وقال اللواء حامد إن القرار "سيؤثر بلا شك على عمليات نقل المعدات والشحنات الخاصة بحلف "الناتو"، بما سيجعل أمريكا تلجأ إلى البحث عن طرق أخرى بديلة لتوصيل إمداداتها وشحناتها وعتادها إلى أفغانستان".
وقال "إن هذا الأمر في حد ذاته يظهر حجم الخلاف ومداه، ويبرز أن روسيا اتخذت موقفها الأخير في ضوء ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية من أدوار وما تتخذه من مواقف في الأزمة الأخيرة بين موسكو وأوكرانيا بعد ضم القرم".
ولفت اللواء محمود منير حامد إلى أن روسيا اتخذت خيارها بوقف عبور السلاح والعتاد والشحنات عبر أراضيها أو أجوائها، وهو الأمر الذي سيرغم حلف "الناتو" والولايات المتحدة لإيجاد بدائل أخرى، مؤكدا أن "البدائل المطروحة ستكلفهما الكثير من الأموال".
كانت طائرات النقل العسكرية الأمريكية تعبر الأجواء الروسية، بموجب اتفاق أبرم بين روسيا و"الناتو"، وسمحت موسكو بذلك رغم تدهور العلاقات الروسية الأمريكية في الفترات الأخيرة.
إلغاء العبور
وقد وقع رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف، على قرار وقف عبور السلاح والعتاد العسكري للأراضي الروسية إلى أفغانستان، وذلك بعد انقضاء مدة سريان قرار مجلس الأمن الدولي الصادر تحت رقم (1386).
وبموجب القرار الدولي، الصادر في ديسمبر/ كانون الأول 2001، جرى تشكيل ما يسمى بـ"قوة المعاونة الأمنية الدولية" (وهي القوة التي يقودها الناتو/حلف شمال الأطلسي)، وناشد دول العالم توفير الدعم لهذه القوة والمساعدة في نقل الإمدادات اللازمة لها عبر أراضي وأجواء البلدان المجاورة لأفغانستان.
إشكالية باكستان
لكن اعتباراً من الثامن عشر من مايو/ أيار 2015، لن تتمكن طائرات النقل العسكرية الأمريكية من التحليق والطيران في سماء روسيا، لأن القرار الذي نشر في هذا اليوم، يلزم وزارة الخارجية الروسية بـ"إخطار حكومات الدول الأجنبية والمنظمات الدولية بإلغاء عبور الأسلحة والعتاد العسكري والسلع العسكرية لأراضي روسيا (على الخطوط الحديدية والطرق البرية وبطريق الجو) إلى قوة المعاونة الأمنية الدولية في أفغانستان ومنها".
ويواجه "الناتو" والولايات المتحدة معضلة حقيقية في مسألة نقل العتاد والأسلحة والأفراد وخطوط الإمداد إلى القوات في الأراضي الأفغانية، ولاسيما بعد أن أغلقت باكستان طريق إمدادات رئيسي لحلف "الناتو" في نوفمبر/ تشرين الثاني، إثر غارة للحلف بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية قتل فيها 24 جنديا باكستانيا. ولم تقدم واشنطن اعتذاراً رسميا عن مقتل الجنود الباكستانيين.
تعقيدات لوجيسيتة
وأدى إغلاق الطريق إلى تقطع السبل بآلاف الناقلات المتجهة إلى باكستان، وتعقدت الأمور بصورة أكبر بعدما طلبت باكستان 5 آلاف دولار مقابل كل شاحنة تمر عبر الطريق الرئيسي المؤدي إلى أفغانستان، وبات أمر الإمدادات يشكل عبئاً ثقيلاً على عاتق دول "الناتو" والولايات المتحدة، التي سعت جاهدة في تلك الآونة إلى التحول إلى طرق بديلة للإمدادات عبر آسيا الوسطى والقوقاز وروسيا.
وقام "الناتو" في الأسبوع الأول من يونيو/ حزيران 2012 بالتوقيع على اتفاقات مع كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان لاستخدام أراضيها لنقل المركبات والمعدات العسكرية من أفغانستان قبل سحب قواتها من هناك.
بيد أن القرار الروسي بوقف عبور السلاح والعتاد العسكري عبر الأراضي الروسية إلى أفغانستان، إثر انقضاء مدة سريان قرار مجلس الأمن الدولي (1386)، يحمل في طياته تصاعداً للتوتر بين روسيا والغرب، فيما يرتب المزيد من الأعباء والضغوط والتعقيدات اللوجيستية على إمدادات حلف "الناتو" والولايات المتحدة داخل أفغانستان.