نجت الفتاة نافين من السبي، بعد أن تدخل عدد من رجالات العراق الذين تمكنوا بجسارة من تحرريها، غير أن الحظ لم يسعفها طويلاً هذه المرة، فقد اعترض الموت طريق عودتها إلى الموصل، عبر قصف جوي نفذته قوات التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، والتي علقت على الحادث، قائلة بكل بساطة "إن قتلها كان بالخطأ".
عشرات وعشرات من قصص السبي والحرق وتقطيع الرؤوس والتدمير والتشريد والقتل الخطأ والنيران الصديقة وغيرها من التناقضات جاءت من العراق، الذي أصبح مرتعا يعيث فيه "داعش" فساداً، وتمارس فيه قوات التحالف قصفا وتدميراً لأجزاء منه، ربما بقيت سليمة لم تصلها معاول الهدم.
فبعد اثني عشر عاماً من التدمير، الذي شهده العراق منذ الغزو الأمريكي في 2003، على يد البرابرة القدامى والجدد، ووصولا إلى اليوم، الأحد السابع من شهر يونيو/ حزيران الجاري، حاولت "سبوتنيك" رصد أهم 10 مشاهد عراقية رئيسية خلال تلك الفترة… مشاهد مأساوية التقطتها عدسات المصورين والأهالي وضعت في الأدراج، لكنها تبقى صور لن تُمحى من ذاكرة العراقيين.
10 مشاهد قد ترى بينها تطابقا جوهرياً في الأحداث، بيد أن تفاصيلها قد تتباين بين القوات الأمريكية وعناصر "داعش"، مع اختلاف آخر في الوسائل والطرق والأهداف والمبررات.
المشهد الأول:
ليل داخلي… تحديداً، مساء التاسع عشر من مارس/ آذار 2003، في غرفة أنيقة داخل البيت الأبيض، خرج جورج بوش الابن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك، ليعلن للعالم، بدء الحرب على العراق، زاعما أن نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل. وحاول بوش بقسوة، إقناع الرأي العام العالمي بهذه بصحة هذه الادعاءات.
المشهد الثاني:
المشهد الثالث: في التاسع من أبريل/ نيسان 2003، بعد 3 أسابيع من التحضير الأمريكي لغزو العراق، استطاعت القوات الأمريكية مدعومة بالقوات البريطانية وبقية الدول المتحالفة معهما، دخول بغداد، وأعلن الأمريكيون انتهاء حكم الرئيس الراحل صدام حسين ورفعوا العلم الأمريكي فى وسط بغداد، ودُمر تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس في بغداد.
في الـ30 من أبريل/نيسان 2004، نشر الصحفي الاستقصائي المشهور سيمور هيرش، تحقيقا موسعاً في صحيفة "نيويوركر"، عن حالات التعذيب التي يشهدها سجن أبو غريب يتضمن مجموعة من الصور لسجناء عراقيين داخل السجن، يتعرضون لتعذيب وحشي ومهين على يد جنود أمريكيين مارسوا الكثير من الانتهاكات الواسعة، فيما وقف زملاؤهم خلف عدسات الكاميرات يلتقطون الصور، وهم يتلذذون بالمشاهد ويستمتعون بها. وفتحت الحكومة الأمريكية تحقيقا رسميا آنذاك، آخر ما توصل إليه في قضية محاكمة "المشرف على الكلب" الذي استخدم في التعذيب، بأن يتم الحكم على مرتكبها بالسجن 8 أشهر، حسب صحيفة "نيويورك تايمز.
المشهد الرابع:
في 26 يناير/ كانون الثاني 2004، أعلن كبير مفتشي الأسلحة الأمريكية، ديفيد كاي، استقالته من منصبه، مؤكداً أمام جلسة لمجلس الشيوخ الأمريكي أن المعلومات التي تفيد بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل "ليس لها أساس من الصحة"، نافياً وجود أي أسلحة دمار زعمت إدارة بوش امتلاك العراق لها، وهي الذريعة التي استندت إليها في شن حربها الواسعة النطاق على العراق.
المشهد الخامس:
في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2006: صدر الحكم على صدام حسين بالإعدام شنقاً بعد إدانته في قضية الدجيل. في محاكمة أجراها قضاة عراقيون ترأس هيأتها القاضي رؤوف رشيد عبدالرحمن.
المشهد السادس:
في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2011، أعلن الجيش الأمريكي انسحابه من الأراضي العراقية، مخلفاً وراءه عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من الجرحى، وملايين المشردين والأرامل واليتامى، بخروج أخر جندي أمريكي من الأراضي العراقية.
المشهد السابع:
في ظهيرة يوم الخامس عشر من يونيو/ حزيران 2014، استطاع تنظيم "داعش" الإرهابي السيطرة على عدد من مصارف البنك المركزي في الموصل. وقالت تقارير إعلامية، إنه استولى على ما يقرب من 480 مليون دولار أميركي، وأعداد كبيرة من السبائك الذهبية،
حسب تصريحات المسؤولين، ليصبح بذلك أغنى تنظيم إرهابي عالميا.
المشهد الثامن:
في صباح الأحد 29 يونيو/ حزيران 2014، وقف زعيم تنظيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، على منبر أحد جوامع مدينة الموصل، معلناً من فوقه أنه أصبح "صاحب الخلافة"، وأعلن كذلك تحويل اسم التنظيم الإرهابي من "الدولة الإسلامية في العراق والشام" إلى تنظيم "الدولة الإسلامية".
المشهد التاسع:
في الـ26 من فبراير 2015، نشر تنظيم "داعش" الإرهابي شريطاً مصوراً يظهر فيه همجيون تابعون للتنظيم يدمرون أثاراً تاريخية تعود إلى الحقبة الآشورية، وهي واحدة من أكبر الحضارات الممتدة على مدار التاريخ والتي تعود جذورها إلى ما قبل 3 آلاف عام، داخل متحف الموصل الذي كان يحتوي على آثار هذه الحقبة.
المشهد العاشر:
نهار خارجي: باحة قصر ألما في ولاية بافاريا الألمانية
قبيل اجتماع لرؤساء مجموعة G7 ، الذي عقد، يوم الأحد 7 يونيو/ حزيران، ذهب رئيس وزراء العراق حيدر العبادي ليتحدث إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلا أنه قوبل بالتجاهل التام من أوباما
الذي لم ينظر إليه، ورغم أن المشهد وصلت مدته إلى ما يقرب من الدقيقة والنصف، لم يحصل العبادي على أي اهتمام من أوباما… ليسدل المشهد ستار اثني عشر عاما على ما تسببت به أمريكا للعراق منذ 2003 وحتى الآن، لكن الوضع ما زال مفتوحا أمام الكثير من المشاهد.