وكانت شركة الاتصالات الخلوية "جوال"، أول المؤسسات الفلسطينية التي طالتها الملاحقة، حيث أمهلها النائب العام في غزة، إسماعيل جبر، 48 ساعة لإنهاء ما أسماها مشكلة التهرب الضريبي.
وتعد "جوال" شركة الاتصالات الفلسطينية الوحيدة التي تعمل في قطاع غزة، بسبب منع إسرائيل لشركة أخرى من إدخال المعدات اللازمة للعمل في القطاع.
وأصدر النائب العام في غزة في وقت سابق قرراً يقضي بإغلاق المقر الرئيسي لشركة "جوال" كخطوة أولية ضد الشركة بسبب التهرب الضريبي، إضافة إلى عدم تعاونها مع مكتب النائب العام فيما يتعلق بالتعليمات الصادرة من قبل ديوانه بما يخص الأمور الفنية.
وحذر من إجراءات أكثر صرامة ضد المؤسسات التي تمارس التهرب الضريبي بغض النظر عن المؤسسة ومن يقف خلفها.
التسوية مقبلة
ويقول مدير المبيعات في شركة "جوال" في قطاع غزة، شادي نصر، إن الشركة لم تبلغ بقرار إغلاق أي من المقرات أو المعارض بشكل رسمي، موضحاً أنهم علموا بقرار النائب العام حول فرض عقوبة على الشركة بسبب التهرب الضريبي من وسائل الإعلام.
وأوضح نصر في حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية أن المسؤول عن تنفيذ أي إجراء هي السلطة التنفيذية، والشركة لم تتلقَ من هذه السلطة أي قرار بشأن إغلاق أو عقاب حتى الآن، مؤكداً أن العمل في مقرات ومعارض الشركة يجري بصورة طبيعية دون أي خلل.
وتوقع أن تحل المشكلة في أقرب فرصة قائلاً: "لا نعتقد في شركة جوال أن الأمور ستصل إلى أي شكل يكون فيه ضرر للشركة أو للمواطن، وسيتم تسوية أي خلاف إن وجد".
وتأتي هذه الخطوة من النائب العام في غزة بعد تسعة أعوام من سيطرة حركة "حماس" بالقوة على القطاع، وبحسب مراقبين فإنها تتناغم مع خطوات سابقة للمجلس التشريعي الذي ينعقد في غزة بحضور نواب الحركة فقط.
وكانت كتلة حركة "حماس" في المجلس أقرت في أبريل/ نيسان الماضي قانوناً جديداً يتم بموجبه فرض "ضريبة التكافل الاجتماعي"، ومن خلالها يتم تحصيل رسوم على جميع السلع (الكمالية).
مسميات ضريبية
وواجه القانون الجديد انتقادات واسعة من قبل المؤسسات وسكان القطاع الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة، وتبلغ نسبة الفقر فيه نحو 90%، الأمر الذي أجل فرض هذه الضريبة الجديدة، إلا أن ضرائب أخرى فرضت على السلع، بمسميات مختلفة بحسب التجار.
ويؤكد تجار أن من بين الضرائب الجديدة تلك التي فرضتها وزارة النقل والمواصلات في غزة، حيث فرضت ضريبة "القيمة الجمركية" بقيمة 25 في المائة من سعر كل مركبة يتم استيرادها.
وفي ذات السياق يؤكد شبان في غزة أن أجهزة الأمن باتت تلاحق كل من يعمل ويحصل على أموال سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة.
وضع خاص
وقال أحد الشبان، الذي رفض الإفصاح عن اسمه في حديث لـ "سبوتنيك"، إن أجهزة الأمن تلاحق قراصنة الانترنت وسجنت عدداً منهم، وتشترط دفعهم 40% من أرباحهم السابقة واللاحقة ليتم الإفراج عنهم.
وتعزي الوزارات في قطاع غزة فرض هذه الضرائب، لعدم صرف حكومة التوافق الفلسطينية لمصاريف التشغيل للوزارات في القطاع، فيما ترد الحكومة أنها لا تسيطر على هذه الوزارات، ولا على قطاع غزة.
المحامية في "مركز الميزان" لحقوق الإنسان، ميرفت النحال، تؤكد لـ"سبوتنيك" أن القرار المتخذ ضد شركة "جوال" غير قانوني، وأن أي قرار يتخذ ضد منشأة لها ترخيصها لا يتم إلا بموجب قرار من محكمة الإجراءات.
وأشارت النحال إلى أن سبب المشكلة في قطاع غزة هو قرار الرئيس محمود عباس بإعفاء قطاع غزة من الضرائب الذي تم العمل به وقت طويل، مؤكدة ضرورة إيجاد تسوية بين قطاع غزة ورام الله بهذا الشأن..
وأضافت: "يجب على كل مؤسسة أن تلتزم بدفع الضرائب التي عليها، لأنها تعد مصدراَ من مصادر دخل الموازنة لتشغيل المؤسسات الحكومية، ويبقى الأمر في قطاع غزة ذا وضع خاص".
أعباء ومواطنون
ويرى الخبير الاقتصادي الفلسطيني ماهر الطباع، أن أزمة شركة "جوال" هي نتاج طبيعي لفشل حكومة التوافق الفلسطينية، الأمر الذي أبقى الفجوة الكبيرة بين قطاع غزة والضفة الغربية في اللوائح والقوانين والضرائب والأنظمة المعمول بها.
وأوضح الطباع في حديث لـ"سبوتنيك" أن هذه النتائج طبيعة ومتوقعة، نتيجةً لوجود العديد من الإجراءات التي صدرت في غزة، تختلف عمّا صدر في الضفة الغربية، وقضية شركة "جوال" والضرائب المفروضة عليها تندرج تحت هذا الإطار.
وأكد أن فرض الضرائب والرسوم الجديدة، من شأنه أن يزيد الأعباء المالية على كاهل المواطنين في قطاع غزة الذي يعاني من ارتفاع في معدلات البطالة والفقر بشكل غير مسبوق.
ويضيف: هذه الضرائب والرسوم ستؤدي أيضاً إلى زيادة الكساد التجاري في غزة، خاصة أن أكثر من مليون شخص في القطاع يعتمدون على المساعدات من المؤسسات الدولية بما يمثل أكثر من 60 في المائة من إجمالي السكان.
وشدد الخبير الاقتصادي أن "المواطن ليس هو الحل، فأي ضرائب ورسوم تفرض في قطاع غزة سوف يتحملها المواطن وسوف تكون حمل وعبء كبير عليه، ذلك المواطن معدوم الموارد، وهو ذاته الذي تحمّل الانقسام والحصار وثلاث حروب".