غزة — سبوتنيك — هشام محمد
وتُعرّف "الصحة العالمية" وفاة الرضّع، أنهم الذين ولدوا أحياء وأظهروا أي علامة من علامات الحياة عند الولادة، وتوفوا قبل وصولهم إلى عمر عام.
وبحسب تقرير أصدرته وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فإن نسبة وفيات الأطفال الرضع في قطاع غزة عرفت تزايداً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، في نسبة هي الأعلى منذ خمسين عاماً، مما يكشف تدهوراً في المؤشرات الصحية.
وأظهر تقرير "الأونروا" أن معدل وفيات الأطفال الرضع في غزة، ارتفع من 127 طفلاً لم يكملوا عامهم الأول من أصل ألف مولود عام 1960، إلى 20.2 رضيعاً من كل ألف في عام 2008.
غير أنّ آخر إحصاء للأونروا، والذي تقوم به كل خمس سنوات، كشف ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال الرضع إلى 22.4 رضيعاً، كما ارتفع عدد الرضع الذين يموتون قبل أسبوعهم الرابع، من 12 لكل ألف في 2008 إلى 20.3 لكل ألف في 2013.
وأوضح أكيهيرو سايتا، مدير برنامج الصحة في "الأونروا"، في بيان صحفي، أن نسبة وفيات الرُضّع هي أحد المؤشرات الصحية لكل شعب، مضيفا أن "التقدم في مستوى صحة الأطفال عند الولادة لا يشهد عادة أي تراجع".
وأكد أن "التراجع المسجل في غزة يبدو غير مسبوق، والأمثلة الوحيدة الأخرى التي تحضرني هي لدول أفريقية شهدت وباء الإيدز"، منوهاً أنه "من الصعب تحديد الأسباب الدقيقة لوفاة الرضع، لكنني أخشى أنها تندرج في إطار ظاهرة أوسع في قطاع غزة".
وأعرب سايتا عن قلق "الأونروا" من التأثير بعيد الأمد للحصار الإسرائيلي على البنى التحتية الصحية والتزود بالأدوية في غزة.
هذا، وكان أكثر من 530 طفل فلسطيني قتلوا، فيما أصيب ما يزيد عن 3306 في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، صيف عام 2014.
وتشكل وفاة الرضيع بعد أيام أو أشهر قليلة من ولادته صدمةً نفسية وحزناً عميقاً لدى ذويه، وهم الذين أعدوا العدة لاستقباله، وخططوا لتفاصيل حياته خلال 9 أشهر من الحمل.
ويقول صلاح الأسطل من محافظة خانيونس جنوب القطاع، أن وفاة ابنه أحمد بعد أيام من ولادته في عام 2014 كان صادماً له ولأمه، وشكّل لديهما حالة من الحزن والفقد، خاصة أنه ولد بعد حرب قاسية على قطاع غزة، وكان بمثابة الأمل بحياة أفضل بالنسبة لهما.
وأشار الأسطل، الذي يعمل في إحدى الجامعات في قطاع غزة، ولديه 4 أطفال، أن "العاطفة لا يمكن كبتها، حتى ولو كان الطفل رضيعاً، فقد تشّكل لدينا حالة من الحبّ له، وبدأنا بالتخطيط لمستقبله، وكانت حالة وفاته بدون أسباب صادمة لنا".
حال الأسطل لا يختلف كثيراً عن حال مصطفى الدعالسة من المنطقة الوسطى في قطاع غزة الذي فقد ابنته الرضيعة سهير، بعد شهرين فقط على ولادتها، دون أسباب صحية واضحة وبشكل مفاجئ وصادم.
الدعالسة، الذي يعمل في الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة، ويعاني من انقطاع مستمر في الراتب، يقول لـ"سبوتنيك"، "إن فقد جزء منك شيء محزن جداً، حيث أنك تشعر بالخسارة والفراغ الكبير، بعد شوق طال للقاء مولودك".
وأضاف: "الأبناء في غزة هم كل شيء تقريباً، فالحالة العامة متأزمة من سياسة لاقتصاد وصحة، لذلك لا يبقى لنا سوى العائلة والأهل والأبناء، وكنت أتمنى العمر المديد لطفلتي، لكن جاء قدرها مبكراً بشكل موجع لنا وصادم".
من جانبها كشفت مصادر طبية من وزارة الصحة الفلسطينية، لـ"سبوتنيك"، أن عدد حالات الوفاة لدى الأطفال الرضع في 2013 بلغ 887 حالة من مجمل حالات الوفاة، ما يشكل 17.6%، وهي نسبة كبيرة.
وأوضحت المصادر تنوّع أسباب الوفاة لدى الأطفال الرضع، مع ارتفاع كبير في عدد الوفيات بسبب "التشوهات الخلقية"، إضافةً إلى "متلازمة الموت المفاجئ للوليد".
وأضافت: "إن الحصار المفروض على غزة، ونقص الأدوية والرعاية الصحية، كذلك الحروب المتكررة وما نتج عنها من تلوث وأمراض تعرض لها المواطنون، كل ذلك يساهم في ارتفاع نسبة الوفاة لدى الرضع بشكل كبير".