بقلم: أحمد البنك
وظن المواطن العربي إنه بخروجه في التظاهرات الشعبية ضد الأنظمة القائمة، سيحقق أهدافه وطموحاته وأحلامه التي كان أبرزها العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لاسيما فى ظل الوعود الغربية والأوروبية في دعم تلك الهبات الجماهيرية، التي أطلق عليها "ثورات الربيع العربي".
وسرعان ما انصرفت الدول الغربية من الساحة العربية تاركة ورائها حروباً ضروسة مع التنظيمات الإرهابية، التي وفد عناصرها من شتي بقاع الأرض للانضمام لتلك الجماعات.
واليوم، وبعد أن تمددت التنظيمات الإرهابية فى سوريا والعراق، واستهدفت المدنيين الأبرياء وارتكبت بحقهم جرائم فظيغة، جاء الدور على ليبيا التى خرج أبناء شعبها في العام 2011 مطالبين جامعة الدول العربية و"الناتو"، بتخليصهم من نظام العقيد معمر القذافي.
آنذاك وافقت الجامعة العربية على التدخل الدولى فى الشأن الداخلي الليبي من قبل قوات "الناتو"، التى دمرت قدرات ومعدات الجيش الليبي العسكرية، قبل الإجهاز على نظام القذافي.
وتتعرض مدينة سرت الليبية الساحلية لجرائم ذبح وقتل ضد أبنائها وضد أقباط مصريين وأفارقه على أيدي تنظيم "داعش" الإرهابي، دون أن يحرك العالم ساكناً.
وبات جلياً أن الدول الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي، لا ترغب في أن ينعم الأمن والاستقرار في الدولة الليبية، حتى يحققوا مكاسب ترضى طموحاتهم وغرورهم أمام أبناء شعبهم، فمنذ سقوط نظام القذافي سال لعاب تلك الدول بشأن النفط الليبي والثروات المعدنية التي وهبها الله لأحفاد عمر المختار.
إن تخاذل المجتمع الدولي تجاه ليبيا وشعبها واستمرار فرض حظر التسليح على قوات الجيش الليبي سيدفع بمنطقة الشرق الأوسط لفوهة البركان الذى على أوشك أن يثور نتيجة تغلغل وتمدد التنظيمات الإرهابية التي تخدم مشروعات واستراتيجيات غربية، فتوسع تنظيم داعش" في ليبيا سيخلق أفغانستان جديدة في المنطقة تتوافد إليها كافة العناصر الإرهابية المتطرفة، والتي من شأنها أن تسيطر وتهيمن على الشمال الإفريقي".
ويبقي الدور العربي تجاه الاوضاع في ليبيا متخبط، ما بين دول الخليج التى لا تقدم الدعم الكافي لقوات الجيش الليبي مثلما تفعل مع قوات هادى فى اليمن، وهو ما يؤكد تخوف تلك الدول من الاستقرار فى ليبيا والذي من شأنه أن يجعل أحفاد عمر المختار أحد أبرز الدول المصدرة للبترول والمواد النفطية، تراجع الموقف الكويتي السعودي تجاه الأزمة، مقابل الدور المصري الرامي لنزع فتيل الأزمة والوصول بالبلاد إلى بر الأمان، في ظل توحش التنظيمات الإرهابية التي باتت تستحل دماء الأبرياء دون التفريق بين الجنس والدين والعرق.
(هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها)