لفتت أزمة اللاجئين إلى أوروبا النظر إلى موقف دول الخليج العربية القريبة من الحدود السورية، خاصة وأن الوصول إلى هذه الأراضي العربية غير محفوف بالمخاطر، بالمقارنة برحلة الموت التي يخوضها اللاجئ حتى يصل إلى بر الأمان على شواطئ أوروبا التي عبرت عن مخاوفها من استمرار الأزمة، وأنه يجب على الدول العربية الغنية أن يكون لها دور إيجابي في ظل عجز دول المنطقة عن استقبال مزيد من اللاجئين، وحتى لا تتفاقم الأزمة بما يهدد استقرار القارة العجوز.
لم تعرض دول الخليج استقبال اللاجئين السوريين، رغم الوضع الاقتصادي المستقر لهذه الدول، بينما تتركز أعداد اللاجئين في لبنان ومصر والأردن وتركيا والجزائر ودول أخرى بالمنطقة تعاني مشاكل اقتصادية، إلى جانب دول غير عربية تعهدت باستقبال أعداد من اللاجئين تنفيذاً لالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية.
واللافت أن دول الخليج لا تعترف بمصطلح "لاجئ" المنصوص عليه في القوانين الدولية، كما لا تملك آلية قانونية متعارف عليها دولياً للتعامل مع اللاجئين، حيث أنها لم توقع على اتفاقية عام 1951، والبرتوكول الخاص لعام 1977، والتي أقرت حق اللجوء الإنساني، وألزمت الدول الموقعة على الاتفاقية بمنح اللاجئ وضعاً قانونياً يوفر له ولأسرته الحماية اللازمة من إقامة وفرص عمل وعلاج إلى حين استقرار الأوضاع في بلاده.
معلوم أن دول الخليج تفرض نظاماً صارما ـ نظام الكفيل الذي يواجه العديد من الانتقادات ـ للحصول على الإقامة والعمل، وهذا النظام يتطلب إجراءات معقدة تعيق المواطنين من الدول المستقرة، فما بالك باللاجئ الذي يواجه صعوبة في الحركة والتنقل والحصول على الوثائق القانونية اللازمة، وتشهد بلاده حرباً قاسية تستهدف البشر والحجر.
أصدرت دول خليجية بيانات ومعلومات، ونشرت الصحف المحلية تقارير تتحدث عن أعداد وهمية من اللاجئين السوريين استقبلتهم منذ عام 2011، في حين تتضارب الأرقام الصادرة في هذا البيانات وتلك التقارير. وعلى سبيل المثال، تحدثت تقارير صحفية نقلا عن مسؤولين سعوديين عن نصف مليون لاجئ سوري، وتقارير أخرى تتحدث عن 2.5 مليون لاجئ، الأمر الذي يثير التساؤلات في ظل النظام الصارم للإقامة في هذه الدول، فضلا عن غياب برنامج "لم شمل العائلة" بالنسبة للاجئين.
وقالت مديرة منظمة المرأة العربية، السفيرة ميرفت التلاوي، في حديث لـ "سبوتنيك"، تعليقاً على إعلان السعودية وجود 2.5 مليون لاجئ سوري، "أنا سمعت هذا التصريح، ولكن لا يوجد لدي ما يؤكده، ولا بيانات به، وكانت مفاجأة أن نسمع هذا التصريح من السعودية، فمن الممكن أن تكون هناك إجابة عند المفوضية السامية لشؤون اللاجئين".
وأوضحت التلاوي أن أوروبا هي سبب المشاكل الموجودة الآن في المنطقة العربية، وأن أزمة أوروبا اليوم تكمن في أنها استقبلت 120 ألف لاجئ فقط، وتعطي إيحاء بأنها تقوم بعمل بطولي.
بينما أكد مسؤول التنسيق لدى جامعة الدول العربية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قيدار أيوب، أنه لا توجد لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أي إحصائيات عن عدد اللاجئين، حيث أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا تقوم بتسجيل عدد اللاجئين في منطقة الخليج.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)