غزة — سبوتنيك — هشام محمد
تحيط وجهها باللثام أو الكوفية الفلسطينية بعينيين بارزتين، وبيدها تحمل حجراً أو مقلاعاً أو زجاجة حارقة، هكذا تبدو الفتيات الفلسطينيات في المواجهات الدائرة، كتفاً بكتف بجانب الشبّان.
ولعبت المرأة الفلسطينية دوراً كبيراً في ميدان المواجهات السابقة مع إسرائيل، فقد كان لها دوراً بارزاً في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، والانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، وها هي تعود لتثبت دورها، في ما تم الاصطلاح عليه فلسطينياً بالانتفاضة الثالثة — "انتفاضة القدس"، التي بدأت منذ الشهر الماضي.
وتقول إحدى الفتيات المشاركات في المواجهات الدائرة بالقرب من حاجز حوارة جنوب نابلس بالضفة الغربية، لـ"سبوتنيك"، إن "دور المرأة الفلسطينية لا تحده حدود، ومشاركتنا في المواجهات ليست لإثبات شيء معين بل هو الواجب النضالي الذي دفعنا للتصدي للممارسات الإسرائيلية اليومية".
وأشارت إلى أن مشاركة المرأة الفلسطينية في ميدان المعركة ليست جديدة ولن تكون الأخيرة، "طالما استمر الصراع، فهي دوماً كانت سنيداً وشريكاً للرجل في الإنتفاضات السابقة.
واشتعلت حدة المواجهات بين الشبّان الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية، مع إستمرار الإقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى وتشديد الحصار على المقدسيين، ما أدى إلى انفجار كبير العديد من مناطق التّماس بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية، وارتفاع معدل العمليات الفردية بشكل بشكل غير مسبوق.
من جهتها تقول الفتاة التي فضلت إطلاق اسم "ثائرة" على نفسها، لـ"سبوتنيك"، "خرجنا في قطاع غزة لنقول لأهلنا في الضفة الغربية والقدس بأننا معهم، وأن الثورة الفلسطينية حينما تندلع لا يحدها شيء ولا يمنعها فاصل، فنحن شعبٌ واحد وثورة واحدة".
وأكدت "ثائرة"، التي شاركت في المواجهات مع القوات الإسرائيلية بالقرب من موقع "ناحل عوز" في شرق مدينة غزة، أن "الدافع للمشاركة في هذه الإنتفاضة لم يأتِ من تقصير الشبّان أو عدم تحركهم، بل هو دعماً ومساندةً لهم"، مضيفةً بأن "المرأة الفلسطينية شريكة الرجل في السراء والضراء، وسيبقى ذلك نهجها".
ونوّهت إلى أن الأهالي دوماً ما علموا أولادهم حبّ الأرض والثورة، داعيةً إياهم إلى "تعزيز دور بناتهم في المشاركة بالإنتفاضة والدفاع عن الأرض، فهذه هي المرأة الفلسطينية وهذا قدرها أن تكون رمزاً للحب والحرب وألا تكسر رغم كل الضغوط".
ورأت شروق عبد الله، الطالبة في جامعة القدس، أن هذا التحرك يأتي "نتيجة لإقبال الفتيات على التعليم، والسكن في أجواء طلابية نشطة، ذلك الذي زاد من وعيهن السياسي، وعجل في زيادة مشاركتهن السياسية".
وأوضحت عبدالله، التي شاركت على مدار أيام في المواجهات التي تلت اقتحام القوات الاسرائيلية لجامعة القدس، أن "المرأة الفلسطينية هي التي أنجبت جيلاً مقاوماً، وهي الأسيرة والمقاومة، وفي التاريخ الفلسطيني نماذج مشرفة رفعت رأس فلسطين وأحدثت فرقاً، والمرأة اليوم لم تتغير بل ازدادت عنفواناً وحبّا في القضية".
وأكدت أنها وصديقاتها يعملن بصورة أساسية على تزويد المشاركين في المواجهات بالحجارة، إضافة إلى الإرشاد للطرق الصحيحة للتخلص من الغاز الذي تطلقه القوات الاسرائيلية وسبل التعامل معه، مضيفةً "سنبقى في الميدان طالما كان هناك إحتلال، ولن نرجع إلى بيوتنا، والنصر حليفنا أو الشهادة سبيلنا".
ولفتت إلى أن الحديث عن مشاركة المرأة كأنه شيء جديد أو مستهجن، أمر خاطئ فلطالما كانت المرأة الفلسطينية في الصف الأول منذ بداية المقاومة.